
حاورته: ميمي قلان
يعرف مجال المؤسسات الناشئة إقبالا كبيرا من طرف الراغبين في تجسيد أفكارهم المبتكرة ومشاريعهم، التي يمكنها المساهمة في تسهيل الحياة اليومية للمواطن، والمشاركة في تقديم الإضافة للمجتمع والبلد.
وفي هذا الإطار، استوقفنا تطبيق إلكتروني يسمى “نصف الدين”، يهتم بـ “الزواج”، لكنه يعتمد على الزواج التقليدي بغلاف تكنولوجي متطور، يعتمد على التعارف عبر الانترنت لكن بشروط صارمة، حفاظا على سرية الشخص وحماية لخصوصياته، ولمعرفة أكثر حول هذا التطبيق الذي بدأ في الانتشار، تواصلنا مع صاحبه وكان هذا الحوار:
من هو صاحب تطبيق “نصف الدين”؟
هو السيد “حمداني أغيلس”، من مواليد سنة 1986 بالجزائر العاصمة، متحصل على شهادة البكالوريا تخصص علوم الطبيعة و الحياة، و على شهادة الليسانس في العلوم التجارية و المالية تخصص مالية من طرف المدرسة العليا للتجارة بالجزائر العاصمة، متزوج و مقيم في فرنسا منذ 12 سنة، مدير مركز الإتصالات “أو أس كونتاكت” سابقا (2016-2021)، و مدير وكالة “نصف الدين” للزواج التقليدي عبر الإنترنت حاليا.
كيف خطرت الفكرة على بالكم؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد صلوات الله عليه، وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه إلى يوم الدين، أما بعد، قبل الدخول في صلب الموضوع، أود أن أشكرك شخصيا كونك أول صحفية تهتم بموضوع وكالة وموقع نصف الدين منذ الإنطلاق الرسمي للموقع في 11/05/2024. وأشكر أيضا كامل طاقم صحيفة البديل على عملهم، وفقكم الله فيما يرضيه. أصل الفكرة يعود لأزيد من 10 سنوات، لما تعرفت لأول مرة على نموذج “وكالات الزواج” في أوروبا عامة وفرنسا خاصة، لكن آنذاك، كنت أعتبر أن المواطن الجزائري في عقليته، لم يصل بعد درجة النضج لتقبل الفكرة والمشروع. في 2022، بدأت مجموعة من القنوات الإعلامية الجزائرية، على لسان أئمة، محامين، أخصائيين نفسانيين وإحصائيين، تدق ناقوس الخطر حول الأرقام المذهلة للعنوسة أو العزوبية، وكذلك المستويات الجد مرتفعة للطلاق في الجزائر. إنطلاقا من مجمل هذه المعطيات، قررت التوكل على الله و البدأ في مشروع وكالة “نصف الدين”.
في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وطرق التعارف التي أصبحت سهلة وسريعة، ألم تر أن إنشاء تطبيق مخاطرة؟
نعم، المشروع في مجمله مخاطرة، و بصفتي أحد خريجي المدرسة العليا للتجارة بالجزائر العاصمة، وأتشرف بذلك، أعلم أن أي مشروع تجاري، إقتصادي أو مالي يكون فيه نسبة من المخاطرة التي يجب على المستثمر تقبلها وتحملها. أما فيما يخص منافسة مواقع التواصل الإجتماعي على كثرتها وتنوعها، أعتقد قطعا فشلها في التأثير إيجابا على العلاقات الشرعية والزواج في الجزائر، بل على العكس، قد زادت الطين بلة، وساهمت في نشر العلاقات العابرة والمحرمة شرعا. لذلك إرتأينا أن يكون مشروع وكالة نصف الدين، موافق لأحكام الشريعة الإسلامية أولا، و مطابق للعادات و التقاليد الجزائرية المحافظة ثانيا، ومناقض لطريقة عمل وسائل التواصل الإجتماعي ثالثا.
كم استغرق الوقت لتنفيذ الفكرة؟
المشروع في مجمله، إستغرق حوالي 24 شهر، كان من الممكن تقليص هذه المدة، لولا العديد من العقبات الإدارية والتقنية، لكن الحمد لله على كل حال، إستطعنا بفضل الله إتمام المشروع بصيغته الأولى، في إنتظار التحديثات المبرمجة في الأشهر القادمة إن شاء الله.
إذا ممكن ان تقدم لنا طريقة عمل التطبيق ؟
طريقة عمل التطبيق بإختصار، التطبيق حاليا هو في صيغة “تطبيق واب”. للدخول إلى الموقع يكفي تشغيل متصفح إنترنيت، سواءا كان ڨوڨل كروم، أو مودزيلا فاير فوكس، أو أي متصفح آخر، وكتابة : www.nisfeddin.com.dz
ثم التعهد بإحترام الشروط العامة لإستخدام الموقع من خلال الضغط على زر “أقسم”. وأخيرا التسجيل في الموقع من خلال إتباع خطوات التسجيل خطوة بخطوة.
فيما يخص مراحل التسجيل في الموقع فهي ثلاثة :
(01)- ملأ إستمارة المعلومات السرية (الإسم، اللقب، رقم الهاتف، الايمايل… إلخ)، هاته المعلومات تبقى سرية و لا يتم إظهارها في الموقع.
(02)- تحميل الصورة الشخصية، يشترط أن تكون صور الرجال محتشمة، و صور النساء محتشمة و مغطاة الرأس.
(03)- ملأ إستمارة المعلومات الشخصية من خلال الإجابة على 24 سؤال، يستطيع الطرف الآخر بمجرد الإطلاع على هاته الإستمارة عبر الموقع، معرفة درجة التوافق بين الطرفين.
بعد الإنهاء من عملية التسجيل، يقوم فريق عمل نصف الدين بمراقبة طلبات التسجيل واحدة بواحدة، بتأكيد و تفعيل الحسابات المكتملة، أيضا بإلغاء و حذف الحسابات المجهولة و الوهمية، طبقا لمبادئ الوكالة.
فيما يخص التواصل بين الطرفين في الموقع، يكون بطريقة غير مباشرة كالآتي :
عندما يدخل المترشح إلى حسابه الشخصي في الموقع، سوف يجد القائمة الكاملة لجميع المترشحات، يمكنه مراجعة الإستمارات واحدة بواحدة، إذا وجد إستمارة تناسبه، يرسل للمترشحة المعنية طلب فتح الصورة الشخصية أولا، ثم طلب مواعدة ثانيا. إذا وافقت المترشحة على الطلبين، نتدخل نحن كوسيط لربط الإتصال بين الطرفين على النحو الآتي:
(01)- مراقبة بطاقة الهوية للطرفين للتأكد من صحة المعلومات الشخصية.
(02)- إرسال رقم هاتف ولي المترشحة إلى المترشح، بغية التحدث عن شروط الطرفين، ثم إجراء النظرة الشرعية، و بعدها الخطوبة.
في أي مجال أنشء التطبيق المقاول الذاتي أم مؤسسة ناشئة؟
التطبيق أنشأ تحت صيغة المؤسسة الناشئة، كون صيغة المقاول الذاتي لم تكن متاحة في ذلك الوقت، وكون أيضا هذه الصيغة أي صيغة المقاول الذاتي، أعتبرها شخصيا صيغة ضيقة مقارنة مع طموحات ومتطلعات المشروع على المدى الطويل. نذكر قراءنا الكرام، أن التسجيل في الموقع مفتوح للجميع بدون شروط، أي أننا نستهدف من خلال تطبيقنا أزيد من 22 مليون جزائري غير متزوج.
هل هناك إقبال وأي الفئتين أكثر الرجال أم النساء؟
الإقبال على الموقع إلى غاية كتابة هاته السطور، يعتبر إقبال نسبي ومحدود، بدليل أن عدد المهتمين والمتابعين على صفحتنا على الفايسبوك يفوق 34.000 متابع ومتابعة، في حين أن عدد المسجلين فعليا في الموقع لا يتجاوز 2.000 مسجل ومسجلة. وهذا يعكس قلة الثقة التي يمنحها المستهلك الجزائري في المنتوجات الرقمية، دون التفريق بين ما هو جدي وما هو نصب وإحتيال. لذلك نحن بحاجة اليوم، لمنابر إعلامية معتمدة وموثوقة، للدخول إلى بيوت الجزائريين أولا، وقلوبهم أخيرا. فيما يخص النسب المئوية، فهي حوالي 60 بالمائة بالنسبة للرجال و40 بالمائة بالنسبة للنساء، و الأرقام تقريبا نفسها سواء المتابعين على الفايسبوك، أو المسجلين فعليا في الموقع.
ما هي الفئة العمرية الأكثر اهتماما بالتطبيق؟
هناك 3 فئات عمرية حسب الإحصائيات، تعتبر الأكثر إهتماما بالتطبيق: (فئة 19 سنة – 24 سنة: 19 بالمائة)، (فئة 25 سنة – 34 سنة: 41 بالمائة) و(فئة 35 سنة – 44 سنة: 26 بالمائة)
فيما يخص الولايات، لدينا 3 ولايات تحتل الصدارة وهي على الترتيب: الجزائر العاصمة، وهران وعنابة.
كيف يمكنكم إقناع الطرفين بالارتباط؟
مسألة الإقناع مسألة جد شخصية، دعينا نقولأنه في بادئ الأمر، جل المسجلين والمسجلات في الموقع مقتنعين بفكرة الزواج، ومحتاجين لمساعدة ماسة لإيجاد شريك الحياة. سر الموقع في إختيار الشريك المناسب يكمن في إستمارة المعلومات الشخصية المكونة من 24 سؤال وجواب، و التي من خلالها حاولنا تلخيص جميع الشروط و المعايير في 24 نقطة مختصرة.
أما فيما يخص تأكيد الخيار بالنسبة للطرفين، فهو يتم بعد النظرة الشرعية و الملاقاة بين الأهل.
كم عملية زواج تمت عبر تطبيقكم؟
إلى غاية اليوم، سجلنا 5 حالات خطوبة مؤكدة، ربما أكثر. للتنويه، دورنا كوكالة زواج وكوسيط، يتوقف عند ربط الإتصال بين المترشح وولي المترشحة، من الصعب علينا التدخل في الأمور الشخصية الحساسة للناس، وطلب معلومات عن سيرورة الأحداث بعد ذلك.
كم مرة يستخدم التطبيق يوميا؟
لدينا حوالي 1.000 تسجيل دخول يوميا، هذا يعني أن أزيد من 50 بالمائة من المسجلين يستعملون التطبيق بإنتظام.
هل هناك طلبات زواج من خارج الجزائر؟
نعم، هناك طلبات زواج من الخارج، من طرف رجال مغتربين أساسا، وهناك أيضا الكثير من طلبات الزواج إلى الخارج من طرف نساء يردن الهجرة. حاليا موقعنا مفتوح للجزائريين و الجزائريات المقيمين في الجزائر فقط. نرفض في الوقت الراهن، فتح التسجيلات للأجانب، وكذا المقيمين في الخارج، لما في ذلك من مخاطرة، ومن مصلحة مبطنة، خاصة من الذين يريدون الزواج من أجل الأوراق فقط.
ألم تتلقون شكاوي من مستخدمي التطبيق كتحايل أحد الطرفين أو كشف معطيات شخصية عن أحدهم؟
لا، الحمد لله، صفر شكوى متلقاة إلى حد الآن، سواء من المترشحين أو المترشحات. كشف المعلومات الشخصية للمسجلين والمسجلات في الموقع أمر مستحيل، كون أن موقعنا :
(01)- جد مؤمن من الناحية التقنية.
(02)- يحمل الإمتداد .dz، و هو مصرح به و مستضاف من طرف السجل الوطني الجزائري لأسماء النطاقات.
’03)- المعلومات التي نقدمها للمترشح لربط الإتصال المباشر هي، إسم و لقب و رقم هاتف ولي المترشحة.
إذن البيانات الشخصية لهذه الأخيرة في أمان الله.
كيف تفرقون بين الطلبات الجادة وغيرها؟
تبدأ عملية التفريق بين الطلبات الجادة من غيرها في الموقع، من خلال أول إتصال يربطه المترشح أو المترشحة بالوكالة عبر الميسانجر أو الواتساب، على حسب طريقة الكلام، ونوعية الطلبات والشروط، يمكننا معرفة الجدي من غيره. وتنتهي عملية الفرز بعد مراقبة ملفات التسجيل والتأكد أن كل المعلومات الشخصية تم تقديمها وخاصة رقم الهاتف والصورة. جدير بالذكر أن فريق العمل لدينا يحذف حوالي 25 بالمائة من طلبات التسجيل يوميا، وذلك بغية المحافظة على الصدق و المصداقية التي تعهدت بها وكالة نصف الدين.
هل السوق الجزائرية في مجال التكنولوجيا الرقمية مفتوحة للأشخاص الذين درسوها وتخصصوا فيها أم أنها تعني كل حامل لفكرة؟
لا أبدا، السوق الجزائرية في مجال التكنولوجيا الرقمية ليست حكرا على ذوي الإختصاص في المجال والحمد لله. الأهم هو الفكرة، النظرة، وطريقة تسجيد الفكرة على أرض الواقع. أما التقني فهو متاح لمن يعرف الأبواب التي تطرق. دون أن ننسى الجانب المادي، الفكرة دون رأس مال، وأؤكد، رأس مال معتبر، تبقى مجرد فكرة بدون آفاق.
هل تنوون تطوير تطبيقكم أم تفكرون في مشاريع أخرى؟
نعم، أنوي تطوير التطبيق الذي هو حاليا على شكل تطبيق واب، وإضافة شكل آخر وهو تطبيق موبايل على منصتي البلاي ستور والآب ستور. فيما يخص مشاريعي المستقبلية، لدي مشروعين :
(01)- في التجارة التقليدية و ليس الإلكترونية و لكن بصيغة جد حديثة و هو في مجال القهوة، نسبة الإنجاز فيه تقريبا 50 بالمائة.
(02)- دائما في مجال الرقمنة، إنطلاق هذا المشروع مرهون بمدى نجاح موقع نصف الدين.
أتعذر على ذكر المزيد من التفاصيل لأن المنافسة شرسة في جميع المجالات.
بماذا تنصح الشباب العاطل عن العمل ؟
أغلبية الشباب الجزائري اليوم عينه على البحر والهجرة، إن كان لدي نصائح أقدمها للشباب العاطل عن العمل والذي يؤمن بشيء إسمه الجزائر، سوف أحاول أن أختصرها في خمسة نقاط:
(01)- التوكل على الله والدعاء في الصلاة.
(02)- الإعتماد على النفس، لا على القريب ولا على الصديق ولا على الغير.
(03)- عدم الإعتماد المطلق على الشهادة الجامعية والتخصص، فقد تكون نعمة وقد تكون عائقا لتطوير الذات.
(04)- طرق أبواب الوكالات الوطنية مثل أنساج وأنجام … إلخ، فإن فيها إن شاء الله خير كثير.
(05)- العمل بنصيحة المقاولين و المستثمرين أمثالي، و العياذ بالله من الأنا، والتخلي مطلقا على أوهام أشباه المؤثرين في المواقع، الذين عاثوا في الأرض فسادا.
فيما يتعلق بالجانب القانوني، من المسؤول في حالة وقع مشكل بين الطرفين؟
وكالتنا تلعب دور وسيط في ربط الإتصال بين طرفين رجل وإمرأة ينويان الزواج على سنة الله و رسوله، وبوساطة من ولي الأمر. لسنا حكما ولا ضامنا في أي حالة من حالات النزاع بين الطرفين، كون جميع المسجلين في الموقع بالغين سن الرشد أي فوق 19 سنة. لذلك، فإن وكالة نصف الدين تنفي أية مسؤولية عن تصرفات غير أخلاقية أو غير قانونية صادرة من الأعضاء المسجلين في موقعها. وإن قدر الله وقوع مشكل كبير بين الطرفين و الأمر شبه مستحيل، فوكالة نصف الدين تحت تصرف الجهات الأمنية الوصية، لإعطائها المعلومات اللازمة للتحقيق، تحت مراقبة العدالة. والله ولي التوفيق.
اليوم الجميع يحمل هاتف ومعظمنا يتعامل بالتكنولوجيا الرقمية، ونحن نعلم حقيقة من يسمون بالمؤثرين، كيف يمكن التصدي للمحتوى التافه أو السلبي؟
حسب رأيي المتواضع، هذه الظاهرة أخذت مستويات جد مرتفعة، والدليل على ذلك أن هؤلاء المؤثرين ومعظمهم للأسف مؤثرات، يمتلكون نافذة مفتوحة على الملايين من المتابعين يوميا.
ما هو الحل ؟
تظافر الجهود بين 4 أطراف :
(01)- الأئمة في المساجد، وأرى الكثير منهم يحاول بعث الرسالة الصحيحة على المواقع أيضا.
(02)- الأسرة التربوية، وعلى رأسهم وزارة التربية الوطنية التي أظنها غائبة تماما عن هذا المجال.
(03)- الإعلام الرسمي العام والخاص بشتى قنواته، وأرى بعض القنوات على العكس تسكب الزيت على النار !
(04)- الدولة الجزائرية والسلطات العمومية التي وجب عليها التدخل للضرب بيد من حديد. والله أعلم مني.
كلمة أخيرة؟
شكرا على الإستضافة وإلى الملتقى إن شاء الله.