
(تويا) رواية مصرية تتقابل فيها شخصيات وجنسيات وثقافات مختلفة، تختلط فيها أفكار ومعاني ومبادئ كثيرة وتمتزج فيها أحاسيس ومشاعر تغلفها الرقة برغبات ونزوات يغلب عليها طابع الشر..
لقد حملنا الكاتب أشرف العشماوي معه على أجنحة روايته التي نسجها على إيقاع ناعم لنتابع قصة حب رقيقة، راقية جمعت بين بطليها الذين ينتميان إلى عالمين مختلفين تماماً، وجعلنا نعيش منذ السطور الأولى في أحداثها السريعة ووسط شخصياتها المتباينة ولكننا لا نكاد نغوص فيها حتى نتوقف لنتساءل عن حقيقة الهوية والانتماء والولاء وعن مدى ضرورة شعور الإنسان بهذه المبادئ، وعن أهمية التوقيت الذي يجب أن يبحث فيه عنها في أعماقه ليحقق توازنه النفسي والعاطفي.
تجعلنا أحداث الرواية كذلك نفكر عن مدى احتياج الإنسان لهزة عنيفة تنبهه إلى أن النجاح المادي ليس بالضرورة مقياس العثور على الذات وليس مؤشراً للسعادة وللسلام النفسي وأن صراع القلب والعقل قد ينتهي لصالح القلب لأن صوته أحياناً يكون الأكثر صدقاً.
إن تويا التي منحت اسمها للرواية هي فتاة افريقية جميلة لها مواصفات خاصة ونادرة، استحضرها الكاتب من عالم الخيال لتكون محور أحداث روايته ورغم أنها لا تظهر إلا في منتصفها ولا تتحدث كثيراً إلا أنها كانت منذ البداية الرمز والأداة والفكرة التي استغلها بمهارة، وجعلنا نترقب ظهورها، لقد جعلها محركاً للأحداث والشخصيات وعنصراً فعالاً يغير مجريات الأمور و يؤثر بشكل محوري في تفاصيلها.
إن تويا تمثل الرمز لكثير من المعاني الجميلة التي يبحث عنها البشر وقد لا يصادفها الكثيرون، لقد جعل الكاتب في صفاتها الكثير من المتناقضات، في سمارها لون الأرض الطيبة الخصبة الغنية وفي جمالها البكر الشباب والصحة والإرادة وفي صفاتها الحب والوفاء والإخلاص وفي مبادئها الإصرار والقوة والصبر وفي خصائصها الذكاء والموهبة والفطنة والبراءة وفي اسمها الأصل والتاريخ وامتداد الجذور.
ومن خلال سطور هذه الرواية، نستشعر إيمان الكاتب القوي بالقارة السمراء التي نعيش على أرضها ولا نعرف عنها إلا القليل، إنها إفريقيا الشاسعة الغنية التي طمع فيها الغرب تارة بالاحتلال وتارة بالاستغلال وتارة أخرى باستنزاف ثرواتها البشرية ومواردها الطبيعية. إنها الأرض التي تعاني الفقر والجهل والمرض، ولكنها لا تزال صامدة قوية صابرة جميلة، تعيش الظروف الصعبة ولكنها أبداً لم تفقد البراءة والطيبة والحب والرقة، مستعدة دائماً أن تمنح من يمر عليها ويعيش بقربها كافة مظاهر الاحتواء والاهتمام حتى يعشقها كل من يراها ولكنها قد تصاب بالوهن فتفقد قوتها وحياتها ولكنها لا تنتهي إلا بعد أن تسلم راية الأمل الجديد، فهناك دائماً تويا جديدة.
هـشـام رمـزي