
انـتـهـت مديرية الصحة والسكان لولاية تلمسان، من “رقمنة” مختلف الهياكل الصحية التابعة لها، حيث تندرج هذه العملية التي مسّـت 44 عـيادة متعـددة الخدمات للصحة الجوارية ومصلحة الاستعجالات الطبية الجراحية للمركز الاستشفائي الجامعي “تيجاني دمرجي” والمؤسسة الاستشفائية المتخصصة الأم والطفل بتلمسان في إطار تحسين أداء المؤسسات الصحية وتوفير أفضل الخدمات للمريض، كما شملت الـ”رقمنة” أيضا المؤسسات العمومية الاستشفائية لكل من بلديات الغزوات والرمشي ومغنية وندرومة وسبدو.
“رقمنة” مختلف الهياكل الصحية التابعة لمديرية الصحة والسكان لولاية تلمسان تمكّـن من ضبط وتحديد مواعـيد المرضى وتسيير الفحوصات الطبية عـبر مختلف المصالح، إذ تم تسخير 300 جهاز من حواسيب وشاشات للعرض لضمان السير الحسن لهذه العملية التي تجري بالتنسيق مع عدة شركاء فاعلين من بينهم المديرية العملية لـ “اتصالات الجزائر” بتلمسان لضمان خدمات ربط بالانترنت لهذه الهياكل الصحية ذات جودة عالية.
“رقمنة” الملف الطبي للمريض
في سياق “رقمنة” القطاع الصحي بولاية تلمسان، تم تفعـيل التطبيق الالكتروني الوزاري للملف الطبي الالكتروني للمريض”DEMdz” عـبر مختلف مصالح الإستعجالات الطبية الجراحية للمؤسسات الاستشفائية والمركز الاستشفائي الجامعي لتلمسان، والذي يسمح للفـرق الطبية المناوبة بالإطلاع على ملفات المرضى بطريقة الكترونية وهي العملية التي يجري تعميمها تدريجيا على باقي الهياكل الصحية بالولاية، وقد جاءت العملية تطبيقا لتعليمات الوزارة الوصية في إطار مخطط العمل الخاص بالمريض الذي يشمل سبعة محاور من بينها الـ”رقمنة” من أجل تحسين الخدمات لفائدة المرضى، حيث تساهم هذه المبادرة في ضبط وتحديد مواعيد الفحوصات والتحاليل وسرعة التكفل بالمرضى وتحسين ظروف الاستقبال والتوجيه وتسيير الفحوصات الطبية بمختلف المصالح خاصة مصلحتي الأشعة والتحاليل الطبية بهدف تقليص فاتورة اقتناء المعدات بهاتين المصلحتين ومتابعة نتائجهما عن بعد من طرف الأطباء بمختلف المصالح.
إرتياح المسيرين والمرضى لتوظيف الـ”رقمنة”
عملية “رقمنة” الهياكل الصحية بولاية تلمسان لاقت استحسانا وارتياحا كبيرا لدى مدراء المؤسسات الصحية بالولاية نتيجة توظيف الـ”رقمنة” في تسيير الفحوصات الطبية وتوجيه المرضى، كـون العملية سمحت بتسيير نظام المواعيد بشكل ممتاز علاوة على تمكين الأطباء عـبر العيادات الصحية من الإطلاع على نتائج الأشعة الخاصة بالمرضى عبر شبكة تواصل داخلية تم إنجازها، والتي من المنتظر توسيعها خلال الأيام القليلة المقبلة لتشمل نتائج التحاليل الطبية وتحرير الوصفات الطبية بطريقة إلكترونية وإعـداد وصفة الأدوية الخاصة بالصيدلية المركزية للمستشفى الجامعي لتلمسان عـبر منصة “رقمية”
وكذا تسيير مواعيد إجراء الفحوصات المتخصصة بشكل مضبوط، كما أن نظام الـ”رقمنة” مكّـن الأطقم الطبية بمختلف العيادات الطبية العمومية من استقبال أكبر عـدد من المرضى يفوق 200 مريضا يوميا بالعيادة الواحدة إلى جانب تقليص استعمال الورق في التعاملات اليومية ما بين مختلف المصالح الصحية، من جهتهم عـبّر بعض المرضى بالمؤسسة الصحية عن ارتياحهم لهذه المبادرة التي اعتبروها مميزة من ناحية التنظيم ومربحة للوقت ومفـيدة في توجيه المرضى نحو مختلف المصالح لإجراء الفحوصات الطبية دون عناء الانتظار، وحسب قولهم وضعت هذه المبادرة من جهة أخرى حدا لمشكل الطوابير الذي كانت تسوده الفوضى نتيجة عـدم التزام بعض الأشخاص بـدورهم.
دورات تكوينية لتفعيل الـ”رقمنة” بمختلف الهياكل الصحية
هذا وقـد نظمت مديرية الصحة والسكان لولاية تلمسان، دورات تكوينية لتفعيل الـ”رقمنة”، والتي جاءت تبعا لتعليمات وزير الصحة بتفعيل “رقمنة” قطاع الصحة، في عملية تكوين الأطباء وأعوان الإستقبال على مستوى مصلحة الإستعجالات الطبية والجراحية والعيادات الصحية، في إطار تفعيل نظام الـ”رقمنة” في العلاج ومتابعة المريض، حيث أطر هذه العملية مختصون في الـ”رقمنة” وتكنولوجية الإعلام والاتصال من خلال إنشاء تطبيق خاص من طرف مهندسي يهدف إلى تفعيل عملية متابعة المريض منذ دخوله ومعاينته عبر واجهة “رقمية” خاصة بكل ملف طبي، وهذا بغية إحداث التغيير الإيجابي في الميدان ومضاعفة الإعلام والتوعية واستغلال الإمكانيات والوسائل التي سخرتها الدولة مع خلق فضاء للحوار والتشاور والتنسيق وتفعيل قنوات للتواصل مع كل الفاعلين في قطاع الصحة، كما شملت هذه الدورات التكوينية التي لازالت متواصلة الأطباء والإداريين، وهذا خدمة للمريض وتمكينه من الحصول على مختلف الخدمات الصحية وتحسين ظروف مستخدمي القطاع يشكل هدفا رئيسا ضمن الرؤية الجديدة لبعـث قطاع الصحة، وفقا لتعليمات وزارة الصحة.
“رقمنة” القطاع الصحي لتعزيز جودة الخدمات الصحية
أكـد البروفيسور “محمد.ع” مختص في أمراض الأوبئة أن جائحة كورونا (كــوفــيـد19) كان له دور جد بارز في تسريع الاندماج إلى الاقتصاد الـ”رقمي” بالجزائر، نظرا لتأثيراتها المتفاوتة على شتى القطاعات الاقتصادية، والتي مست القطاع الصحي، فدعت الحاجة إلى استخدام الـ”رقمنة” لتقديم بعض الخدمات للمواطنين القابعين تحت مظلة الحجر الصحي بهدف تفادي نشر العدوى ومن تم التحكم في مستويات انتشار الوباء، هذا ما أسهم في زيادة الوعي بأهمية الخدمات الالكترونية الأمر الذي ساعد على تطورها في نفس الفترة، فانتشرت مفاهيم الطب الـ”رقمي”، التطبيب عن بعـد، الصيدليات الالكترونية…إلى غير ذلك من المنتجات والخدمات الرقمية، وعليه سارعت الكثير من المؤسسات الالكترونية في الاستثمار بإنشاء منصات “رقمية” تتكفل بتقـديم الخدمات الصحية، وأضحت الـ”رقمنة” عامل يزيد من جودة الخدمة الصحية وميزة تنافـسية جديدة تسعى المؤسسات الصحية لاستقطابها بهدف عصرنة المرفق الصحي.
انتشار الـ”رقمنة” في كافة إدارات القطاعات
يعـد القطاع الصحي من بين أكثر القطاعات تأثرا بالجائحة، والجزائر كغيرها من البلدان استفادت كثيرا من هذه الجائحة وبفضلها تم تدارك نقائص تطبيق وانتشار الإدارة الـ “رقمية” بكافة القطاعات، إن هذا الظرف الخاص الذي وقع على كافة المعمورة لم يسلم منه أحد، وكان بمثابة خيارا حتميا للولوج إلى عالم الـ “رقمنة” وأدى إلى انتعاش التجارة الإلكترونية والمعاملات والدفع إذ تجاوب المواطنون مع الآلية الإلكترونية واستعملوها بال تردد ودون مخاوف، إذ أضحى العلاج عن بعد أو التطبيب عن بعد يتصدر ميدان الاستثمار خلال الجائحة، ومس هذا النوع من الاستثمارات ميادين ذات العالقة بالقطاع الصحي بالطريقة مباشرة وغـير المباشرة كتطبيقات طبية، تحليل البيانات…إلخ، كما صنفت خدمات التطبيب عن بعد على أنها من أكثر التقنيات الطبية نجاعة وذات فعالية إذ ما قارناها بالخدمات التقليدية التي تكلف المريض عناء التنقل والذهاب إلى العيادة بالإضافة إلى التكلفة التي تعتبر عامل جد مهم يساعد على اقتناء أو ترك مثل هذا النوع من الخدمات.
لقد أسهمت جائحة كورونا وبشدة في إطلاق طاقات ابتكارية وإبداعية لفئة الطموحة من الشباب كسروا الحواجز واضعين مهاراتهم واختراعاتهم تحت التصرف، وبفضل كفاءات جزائرية تم إطلاق منصة “رقمية” خاصة بالصحة وموجهة للأطباء والمواطنين للانضمام إليها بهدف تلقي خدمات صحية، وتعتبر هذه المنصة من الحلول الـ “رقمية” المسايرة للواقع المعاش وتزيد من فرص تحسين الرعاية الصحية في ظل الوضع الوبائي، وتهدف هذه المنصة التي أطلق عليها اسم دوكتا “Docta” إلى تنظيم المواعيد الطبية وإدارة المعلومات والملفات الصحية خاصة بالمرضى، كما أن التطبيب عن بعـد لا يعتبر كعامل لتقدم قطاع الصحة فحسب
رقمنة الخدمات الصحية كأسلوب لمواجهة الأزمات
بهـدف مجابهة الأزمات التي شهدتها الساحة الدولية مؤخرا وقصد مواكبة مستجدات والتحولات الحاصلة على مستوى تكنولوجيا المعلومات بات لزاما على المؤسسات الصحية إعادة النظر في إستراتيجيتها الصحية بإدراج الـ”رقمنة” في عملياتها الإدارية والتحول من الإدارة التقليدية إلى الإدارة الالكترونية، كما أن للـ”رقمنة” دور جـدّ بارز في تبادل الخبرات بين الأطباء على المستوى الوطني والدولي،كذلك نقل الأساليب الإدارية الناجحة والفعالة التي تساهم في تطوير الإدارة الالكترونية بالمؤسسات الصحية ومن ضمن محاسن “رقمنة” القطاع الصحي نجـد سهولة ويسر في جمع المعلومات والإحصائيات بسرعة دون عناء التنقل،
وكذا مساعدة المسير في أخد قرارات بما يتوافق مع المستجدات المستمدة من البيانات الـ”رقمية”، فضلا عن التنسيق بين المصالح الاستشفائية ومعرفة مخزون الصيدليات بشكل دقـيق بالقضاء على مشكل الندرة في مخزون الأدوية، وكـذا تحديد الاحتياجات من التجهيزات الطبية، إلى جانب مراقـبة عمل ونشاط الموظفين العموميين من طرف الجهات المعنية من خلال تفعيل نظام سجلات الإمضاءات الالكتروني أو البصمة لتسجيل الحضور والغياب، كما سمحت الـ”رقمنة” برسم خريطة توزيع الأطباء وفـق الحاجة وحسب التخصصات المطلوبة مما يساهم هذا في خفـض معـدلات الوساطة ويزيد من أساليب التنظيم داخل الإدارة.
أمـيـٍر .ع