
أصبحت الطاقة في السنوات الأخيرة تمثل سيادة الدول أكثر من أنها تمثل الأمن، لاسيما بعد التراجع الروسي في المجال ودخول بلدان أقل إنتاجا سابقا في السوق العالمية على الخط، ورغم أن الخيرات الدولية التي غالبا ما روجت لانتهاء صلاحية استغلال الغاز الطبيعي، إلا أن الأرقام والدراسات الميدانية أثبتت أن الغاز الطبيعي ما يزال مطلوبا وضروريا لضمان استمرار التنمية في مختلف القطاعات على غرار الصناعة، وحتى التوجه نحو الطاقة البديلة يحتاج إلى غاز طبيعي لإنتاجها.
وأضاف الوزير الأسبق “مصطفى الصادق”، في مداخلة له في الملتقى الدولي الموسوم بـ “الأمن الطاقوي، التحويل الطاقي: فرص وتحديات” والمنظمة من طرف المدرسة العليا للاقتصاد بوهران، أنه لا يمكن في الوقت الحالي الحديث عن نيجيريا ومسار أنبوبها نحو أوروبا، في وقت لا توجد سوق أصلا، لأن خلق السوق هو المهم، أما الطاقة فهي موجودة.
مردفا الواقع يؤكد أن المسار عبر الجزائر هو الأفضل، لأنه الأقل تكلفة والأقصر مسافة، إلى جانب أنه يعبر دولتين بمعنى تأمينه سهل، في وقت يحتاج إلى تكاليف ضخمة لتمريره وعبر المغرب، مؤكدا أن تكاليف نقله عبر الجزائر يكلف 5 مرات أقل من تكاليف نقلها عبر المغرب. الوزير الأسبق والخبير “بوسنة”، اعتبر ما يجري من حرب إعلامية بين الجزائر والمغرب في الوقت الحالي وسط الظروف الآنية تدخل ضمن إطار “جيو اتصال”. موضحا أن نيجيريا لا تملك خزانا ضخما من الغاز الذي يؤهلها لأن تسيطر على السوق الطاقوية، بينما أكد أن الجزائر ستظل رقما صعبة في مجال الطاقة، لاسيما وأن تكلفة الإنتاج عنها تكلف 3 دولار بالنسبة للغاز الطبيعي، في وقت يكلف إنتاج الغاز الصخري أمريكا 8 دولار، وهو ما يعني أن الإنتاج الطاقوي الجزائري سيبقى ضمن الأفضل في سوق الطاقة العالمي.
من جهته، تطرق الوزير الأسبق الموارد المائية، الرئيس المدير العام الأسبق لسوناطراك “عبد المجيد عطار”، أوضح أن إنتاج الاسمنت يكلف الجزائر كثيرا، لأن إنتاجه يستهلك طاقة أكبر، مردفا أن مصنع “لافارج” بفرنسا يقوم بإنتاج الإسمنت اعتماداً على استعمال النفايات كطاقة للإنتاج، بينما في الجزائر لازلنا لم نصب بعد إلى الاستغلال الأمثل للطاقة والقيام بإعادة تدوير النفايات الطاقوية، رغم أن سوناطراك بدأت مؤخرا في ذلك من خلال برمجتها غرس 1 مليون شجرة، وهو استثمار يعوض نسبة من تكاليف استعمالها للطاقة وإسهامها في التلوث البيئي.
الوزير الأسبق “عطار”، ركز على أنه أصبح بإمكان الجزائر التوغل في إفريقيا والاستثمار طاقويا، في ظل الخبرات الكبرى التي أصبحت عليها سوناطراك، في مجال التنقيب خاصة، والغرب الإفريقي بدأ يتحرك في المجال على غرار موريتانيا والسنغال، رغم أن هاتين الدولتين مضطرتين لإنتاج فقط 10 بالمائة، وفق الاتفاقيات الدولية الممضاة في المجال، عكس الجزائر التي تملك حصة إنتاجية مهمة جدا في سوق الطاقة.
أما فيما يخص الاستهلاك الطاقوي محليا، فقد أوضح “عطار”، أننا نستهلك الطاقة (غاز وكهرباء) من أجل الاستهلاك فقط ولا نستهلك من أجل إنتاج قيمة مضافة، وهو ما يستدعي إعادة نظر من طرف السلطات لإعادة برمجة تسيير الاستهلاك حتى يتم الحد من التبذير الطاقوي، لاسيما وأن الفترة المقبلة ستدفعنا لاستهلاك 80% داخليا وهو ما سيخلق إشكالا.
بينما الاقتصادي “فرانسوا بن حمد” الذي شارك من فرنسا عبر تقنية التحاضر عن بعد، فقد أوضح أنه على الجزائر العمل على التسيير المدروس للغاز، مردفا أن الجزائر في الوقت الحالي غير قادرة على التوجه مباشرة إلى الطاقة البديلة والتخلي عن الطاقة العادية، لأن إنتاج الطاقة البديلة يتطلب طاقة عادية لتوفيرها (الغاز)، ولهذا يجب الذهاب نحو اعتماد الطاقة البديلة باتباع طريقة سلسلة وعلى مراحل مع الحفاظ على الغاز، لاسيما وأن الغاز الطبيعي يمكن تخزينه لفترات طويلة.
مردفا أن الغاز الطبيعي لا يمكن الاستغناء عنه حتى في ظل الطاقة البديلة، مصادر الطاقة الطبيعية تبقى ضمن الاستغلال لسنوات طويلة قادمة، على سبيل المثال لو يحصل مشكل بألمانيا في توفير الطاقة، فإنها ستعود إلى استغلال الفحم الذي تم الاستغناء عنه منذ زمن، وهو ما يعني أن الطاقة الطبيعية أو الغاز الطبيعي وغيره لن يتم التخلي عنه.
في حين، صب اليوم الثاني من الملتقى اهتمامه حول الاستغلال الطاقي بالجزائر، الذي تطرق من خلاله المتدخلون (خبراء، أساتذة باحثون وطلبة دكتوراه)، إلى ضرورة التسيير الأمثل للكهرباء والغاز بالنسبة للشريحة الكبرى من المواطنين الذين يستهلكون بطريقة مفرطة، من خلال إعادة التسعير وفق الاستهلاك اليومي، لاسيما وأن نتائج التبذير ستظهر عواقبها في قادم السنوات على الأجيال القادمة، في حين لابد من الحفاظ على الثروات المستقبل في إطار التنمية المستدامة.
برنامج مداخلات اليوم الثاني من الفعاليات
الغاز الطبيعي كرافعة لانتقال الطاقة المعتدل
تحت رئاسة: عمر بسعود (بقاعة العرض)
ـ الأستاذ فرانسوا بن محمد: مداخلة بعنوان (الغاز الطبيعي، أحد ركائز تحول الطاقة وأمن الطاقة)
ـ الأستاذة السيدة مرور لحمر من (CREG) في مداخلة بعنوان (تخفيض دعم القطاع التقليدي كأداة رئيسية لتعزيز تحول الطاقة)
ـ الأستاذ شماع خالد من (CREG) في مداخلة بعنوان (تحرير سوق الغاز الطبيعي من خلال التنظيم الفني)
ورشة عمل 1
الاستثمارات الوطنية والأجنبية في قطاع الطاقة (قاعة المحاضرات)
تحت رئاسة: محمد أمين مهدي خلادي
ـ الأستاذ بويعقوب ابراهيم (جامعة وهران 2): مداخلة بعنوان (الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الطاقة: تحليل تجريبي للجزائر (1990 – 2023)
ـ الأستاذ كحلات عنتر شريط كمال (جامعة تبسة): مداخلة بعنوان (دور الاستثمار الأجنبي المباشر في دعم وتسريع التحول نحو الطاقات المتجددة الحول نحو الطاقات المتجددة
ـ الأستاذ جعفري عمار، معمر بونوار (GSE وهران) مداخلة بعنوان (الاستثمار المباشر كمسار نحو تحول الطاقة المستدامة في الجزائر)
ـ الأستاذ شاشوا أحمد الأمين (GSE وهران): مداخلة بعنوان (ترقية الطاقة: تدقيق الطاقة كأداة رئيسية لانتقال الطاقة)
نقاش
ورشة عمل 2
التحول الطاقي التجربة الجزائرية (بقاعة المؤتمرات)
تحت رئاسة: الدكتورة نسيمة وردة بولنوار
ـ الأساتذة: فيلالي يوسف، سعيدي محمد، بن دهينة مريم، (المدرسة العليا للاقتصاد بوهران) مداخلة بعنوان (استخدام الطاقة المتجددة كأداة لتعزيز النمو الاقتصادي في الجزائر) نموذج خلال الفترة (1990ـ 2023)
ـ الأستاذ براني خالد (المدرسة العليا للاقتصاد بوهران) مداخلة بعنوان (مسار الانتقال الطاقوي في الجزائر حسب مؤشر الطاقة العالمي للفترة 2000ـ2023)
ـ الأستاذتين: إنصاف أغرام، فاطمة رحال (جامعة محمد خيدر ببسكرة): مداخلة بعنوان (دور الطاقات المتجددة في التحول الطاقي وأمن الطاقة)
ـ الأستاذ: دغمان زبير (جامعة محمد شريف مساعدية بسوق اهراس): مداخلة بعنوان (رهانات الطاقات المتجددة كآلية مبتكرة للتحول الطاقوي وأمن الطاقة)
ـ الأساتذة: أمعمر بونوار، ديدي إلياس، (GSE وهران، تلمسان): مداخلة بعنوان (إعادة النظر في تدقيق الطاقة لإعادة اختراع نقل الطاقة في الجزائر)
ـ الأستاذتين: سبتي خديجة، سعيدي سياف حنان (جامعة قسنطينة): مداخلة بعنوان (السياسات العمومية والتنمية منخفضة الإنبعاثات ـ استراتيجية الإمارات العربية المتحدة للتنمية الخضراء نوذجا)
ـ الأستاذين: بوبكر محمد، تيور سمير( المدرسة العليا للاقتصاد بوهران) مداخلة بعنوان (دور الرقمنة والابتكار البيئي في تحويل النفايات إلى طاقة لتحقيق التنمية المستدامة)
وتتواصل اليوم الأخير من فعاليات الملتقى بالمدرسة العليا للاقتصاد بإلقاء عدة مداخلات ضمن ورشات عمل من طرف أساتذة ومختصين وباحثين.
يذكر أن الملتقى الدولي للطاقة بالمدرسة العليا للاقتصاد بوهران انطلق يوم السبت ويستمر على مدار 3 أيام، بمشاركة خبراء، مسؤولون في المجال على غرار الوزيرين السابقين “عبد المجيد عطار” و”مصطفى بوسنة”، الأساتذة الباحثين وطلبة الدكتوراه من داخل وخارج الوطن.
ميمي قلان