الثـقــافــة

حكايات من عبق الماضي نابضة بالحكم والعبر للحكواتية “هاجر بلعيد”

القصص الشعبية جزء لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية بتلمسان

شكلت القصص الشعبية في مختلف المناطق بتلمسان جزء لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية التي توارثتها الأجيال عبر الزمن، حيث بدأت هذه الحكايات في بيئات بسيطة يغلب عليها الطابع البدوي والريفي، إذ كانت الجدة تلعب دور الحكّاءة والمعلّمة والموجهة دون حاجة إلى كتب أو أقلام.

 

في مبادرة مميزة تهدف إلى إعادة الاعتبار للذاكرة الشعبية، نظمت ملحقة مغنية بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بتلمسان، بالتنسيق مع مركز الفنون والمعارض فعالية حكائية مميزة، حيث قدّمت الحكواتية “هاجر بلعيد” حكايات من عبق الماضي نابضة بالحكم والعبر موجهة للصغار في أجواء دافئة أعادت لهم سحر القصص الأولى، وشهدت التظاهرة حضورا وتفاعلا واسعا من أشبال فوج اللواء للكشافة الإسلامية الجزائرية، إلى جانب أعضاء الجمعية الثقافية “أحباب بوشيخي مصطفى داوود”، الذين أضفوا بحضورهم روحًا حيوية على الأمسية.

وشكلت هذه القصص الشعبية جزء لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية التي توارثتها الأجيال عبر الزمن، حيث بدأت هذه الحكايات في بيئات بسيطة يغلب عليها الطابع البدوي، أين كانت الجدة تلعب دور الحكاءة والمعلمة والموجهة دون حاجة إلى كتب أو أقلام، وساعد سرد هذه القصص في نقل التجارب والمعاني من جيل إلى آخر، مما أضفى على الذاكرة الجماعية طابعًا حيًا وقابلًا للتجدد في كل مرة تُروى فيها القصة من جديد.

وحسب الحكواتية “هاجر بلعيد”، فإن هذه القصص ساهمت في تعليم الأبناء القيم الأخلاقية والمعايير الاجتماعية بأسلوب غير مباشر، حيث كانت الحكاية تتضمن بداخلها دروسًا حول الصبر والكرم والشجاعة ومواجهة المجهول، حيث اتخذ السرد طابعًا إنسانيًا يلامس العاطفة ويخاطب الخيال، مما جعل الرسائل تصل بسهولة وتترسخ في الأذهان واستمر هذا الإرث الثقافي في العيش بيننا رغم تغير أنماط الحياة الحديثة، لأنه ارتبط بالحنين والانتماء للبيئة الأولى.

ولحد الساعة، لا تزال بعض المجتمعات تحتفظ بهذا التقليد وتحرص على نقله لأطفالها، خصوصا في الأرياف والقرى والمجتمعات البدوية. وفي ظل التحديات التي تواجه الهوية الثقافية اليوم، تبقى قصص الجدات الشعبية شاهدة على أسلوب حياة وفهم للعالم ومخزون من الحكمة يُعاد إحياؤه مع كل سرد جديد، وتأتي هذه المبادرة في إطار الأنشطة الثقافية التي تنظمها المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية تلمسان، حرصًا منها على تعزيز ثقافة الحكي وترسيخ القيم الأصيلة في نفوس الناشئة.

ع. جرفاوي 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى