لك سيدتي

تدعو إلى استغلال الآلة الرقمية لا الخوف منها

"زهيرة غانم"...  باحثة علمية، مشاكلها... حوافز نجاحها

تعمل الأستاذة الجامعية “زهرة غانم” على تركيز كل اهتمامها على تحقيق أهدافها فيما يخص “الذكاء الاصطناعي” وكيفية استغلاله لصالح البشرية، من خلال تأكيدها على مواصلة أبحاثها بعد مناقشتها لأطروحة الدكتوراة في الأيام القادمة والتي تتعلق ب”الذكاء الاصطناعي“.


فالأستاذة “زهيرة غانم”، أستاذة إعلام آلي حوسبة متنقلة ومتوازنة، مسار أكاديمي، الدكتوره حول الذكاء الاصطناعي متخرجة من المدرسة العليا للإعلام الآلي بوادي السمار بالجزائر العاصمة وهي متزوجة وأم لطفلين، وتمارس التدريس لجامعة وهران 2، “محمد بن احمد”.

شغف الأستاذة “زهيرة غانم” بالدراسة والبحث العلمي، جعلها تضع هاذين الموضوعين كأولوية، رغم تركيزها على الموازنة مع تربية ابنيها (طفل وطفلة)، كما أنها تساعد لتوفير الرعاية لعائلتها. فهي تضطر لتحضير الدروس لطلبتها و استكمال أبحاثها لتحضير أطروحتها للدكتوراة. وفي هذا الشأن، تقول الأستاذة “زهرة”: “عندما نحب العمل أو النشاط الذي نقوم به، فإننا نهتم به ونركز عليه ونعطيه كل اهتمامنا ووقتنا، وأنا تعلمت تحديد أهدافي وتقسيم هاته الأهداف إلى أهداف صغيرة لتسهيل تنفيذها أو الوصول إليها، ومنها الاهتمام بالعائلة، هذه الأخيرة التي كثيرا ما تفاعلت معي وتفهمت وضعيتي المهنية والتعليمية، فكنت أمنح جل وقتي للمطالعة والقراءة، كوني أعشق المطالعة منذ صغري، حتى أنني عندما كنت أحضر مقالي الخاص لنشره في إحدى المجلات العلمية المحكم، استيقظت ابنتي من نومها ليلا وقد وجهت لي سؤالا: لماذا لم تنامي؟ أمي ماذا تفعلين؟. فأجبتها بأن الله يحب من يقرأ ولهذا أنا أفعل. لقد كان ذلك بدافع تحفيزها ودفعها لحب القراءة في سن مبكرة، لأن الأطفال بطبيعتهم مقلدين للكبار، وما يتعلمونه في الصغر هو تقليد للتصرفات المحيطه به”.

 

العراقيل محفز لتحقيق الأهداف

وصول الأستاذة “زهيرة غانم” إلى هذه المرحلة من الحياة المهنية والتعليمية والأسرية، لم يكن سهلا،فقد اصطدمت بعديد العراقيل، التي ترى فيها “محفزا للنجاح وتحقيق الأهداف”.

فأهم ما واجهته الأستاذة “زهيرة غانم” مازال يصاحبها إلى اليوم، لكن في صور ومواقف مختلفة، وأهمها كان ماديا، مثلا عند تحضيرهل لشهادة الماجستير، فقد درست الحوسبة، وكانت بحاجة إلى اختبار من أجل إثبات منهجيتيتها، فاضطرت إلى الاستعانة بخمس (5) حواسيب تخص أفراد عائلتها لأنها لم تستطع توفير هذا العدد من الحواسيب من أجل العمل عليه. وعندما كانت تحضر للدكتوراة، كانت تُدرس بمعسكر وتسكن بوهران وقد كانت دائمة في ذهاب وأياب بين الولايتين، وصادف أنها كانت من بين الذين اصطدموا بتغيير المسار الدراسي أو المنهج الدراسي من كلاسيكي إلى نظام “أل. أم. دي”، وهو ما أثر على إيجاد منصب عمل، لتصدم مرة أخرى بوفاة المشرفة على أطروحتها للدكتوراة، في السنة الثانية، الدكتور “ثريا طبيب”، وهي الفترة الحرجة والصعبة، لأنه من الصعب تغيير المشرف لأن كل واحد يرى المشكلة بطريقته، وقد استغرق الأمر فترة لتجد مشرفا آخر، كما عانت كذلك لتوفير إحدى التجهيزات التي كانت ضرورية من أجل إجراء اختبارات الذكاء الاصطناعي عليها، وهو ما كلفها دفع 25 مليون سنتيم من جيبها واقتنائها، كذلك بالنسبة للمداخلات الدولية، فقد دفعت 7 مليون سنتيم. وهناك العديد من العراقيل الأخرى التي تمكنت من تحديها وإثبات قدرتها على المواصله من أجل تحقيق نجاحها والوصول إلى الهدف الذي رسمته. فبصفتها امرأة كنت غالبا ما تجد نفسها بعيدة عن الأجواء العائلية الحميمية، فقد حدث وأن أنجبت ابنها وبعد أربعة (4) أيام ذهبت إلى جامعه وهران2، لإجراء اختبار قبول في منصب تدريس، فتحدت الألم، لأنها وضعت طفلها بعملية قيصرية، وقد اشترط عليها وقتها أنه في حال نجاحها لن تستفيد من عطلة الأمومة، وقد قبلت حتى لا تضيع المنصب وتبقى في ذهاب وأياب بين وهران ومعسكر.

 

التكنولوجيا الرقمية أساس التعليم اليوم

ترى الأستاذة “زهرة غانم”، أنه لا مناص من اعتماد التكنولوجيا والتكنولوجيا الرقمية في الحياة اليومية.  وفي هذا الصدد، تؤكد أن جائحة “كورونا” يقدر ما كانت مؤلمة للبشرية، يقدر ما أعطت الفرصة للتكنولوجيا الرقمية لتثبت أهميتها في الحياة اليومية، بعدما أصبح الأفراد منعزلين و الرقمنة هي من يجمعهم ويضعهم في تواصل. وقد كانت الجامعة جزء من هذه المعادلة، فقد كان للبريد الالكتروني (الإيمايل)، مواقع التواصل الاجتماعي (الزوم، غرف الدردشة: الواتساب، الماستر….) دور مهم في متابعة الدروس عن بعد وهو ما حل الكثير من المشاكل كالتنقل إلى الجامعة…،

كذلك بالنسبة للدورات التكوينية و الجامعات الافتراضية الدولية التي تسمح الفرد بالمتابعة من منزله و الحصول على شهادة تسمح له بتجسيد مشروعه دون اضطراره إلى التنقل أو القيام بجهود كبيرة، كذلك ظهور التجارة الالكترونية…. . فالتطور التكنولوجي و الرقمي اليوم، سهل الكثير من المصاعب في الحياة اليومية.  فالتكنولوجيا الرقميه حسبها سهلت كثيرا التعليم وقد أصبحت من الأولويات.

 

طلبة اليوم يستغلون التكنولوجيا الرقمية بكل سهولة 

من خلال مواكبتها لمراحل استعمال التكنولوجيا وصولا إلى التكنولوجيا الرقمية، في الجامعة، فإن الأستاذة “زهيرة غانم”، ترى أن الطلبة اليوم يحسنون إستعمال هذه الوسيلة، لاسيما وأن السنة الأولى جامعي، يتم تدريب الطلبة على العمل عن طريق المنصات الرقمية، وقد ركزت جامعة وهران2، على توعية وتعليم الطلبة على الاستعمال الايجابي للتكنولوجيا من أجل استعمالها مع الاهتمام بالقدرة المادية للطالب، فهناك طلبة لا يملكون هواتف ذكية وهو ما يستدعي مراعاة كل المستويات للطلبة، كذلك بالنسبة للأساتذة، فهي كمختصة في الإعلام الآلي وقد كانت طالبة في المدرسة الوطنية للإعلام الآلي بوادي السمار بالجزائر العاصمة في 2009، وبعدها كأستاذة، ساعدتنا هذه التكنولوجيا اليوم لتشتغل بكل أريحية.

 

المجتمع أكبر عائق في مواكبة المرأة للتطور التكنولوجي 

ولأن التطور العلمي ينعكس على الحياة اليومية، ويؤثر على المرأة والرجل، فالأستاذة “زهرة غانم”، ترى أنه في البحث العلمي لا يوجد فرق بين المرأة والرجل، غير أنه في بعض الأحيان المرأة تختلف اختلافا طفيفا عن الرجل، لأنها تتسم ببعض المرونة التي يفتقدها الرجل، وذلك لخصوصية كل جنس. فالمرأة تتقبل بسهولة التغيرات والأفكار الجديدة، بينما تكون هناك بعض الصلابة في المواقف من طرف الرجل الباحث.

وأكبر عائق يقف في وجه المرأة في التحكم في التكنولوجيا الرقمية في نظرها هو “تخوفات المجتمع”. مثلا، تقول أنها تحدثت مع إحدى أمهات زملاء ابنتها بالمدرسة حول ما إذا كانت تتابع برنامجا تعليميا تنشره إحدى المعلمات أسبوعيا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تجعل من خلاله الأولياء يتابعون البرنامج الدراسي لأبنائهم مما يساعدهم على تحضير الدروس منزليا، ويرافقونهم لمعرفة مستواهم التعليمي، غير أنها تفاجأت بمقاطعتها لكل وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها في رأيها غير مجدية ولها تأثيرات سلبية على مستعمله. هذا ما يعني أن ان الفكرة السائدة في المجتمع عن سلبية مواقع التواصل الاجتماعي قد أثرت فعلا على البعض وجعلتهم يقتنعون بأنها مضرة ولا تحمل أية إيجابيه او فائده وهذا خطا فهي تنشر محتوى سلبي وايجابية حسب مستخدميها، ما يعني أنه علينا معرفة كيفية استغلالها بطريقة ايجابية، لأن الكثير من محتواها ذا فائدة ويخدم الفرد والمجتمع وهي شخصيا غالبا ما تستغلها في المجالات التي تهمها، وبالتالي علينا استغلال هذه المواقع والمنصات الرقمية بطريقة صحيحة دون أحكام مسبقة.

التطور التكنولوجي هاجس يطارد البشرية

مع كل تطور علمي جديد تزداد مخاوف الأفراد من تأثيراته على حياتهم في مختلف المجالات، واليوم التطور الرهيب للتكنولوجيا الرقمية، أصبح الفرد بالخوف على مستقبله. بينما تواجه الأستاذة “زهيرة غانم” الموضوع بكل أريحية وترى بأنه علينا التعامل بشكل طبيعي مع هذه التطورات، لأن الإنسان من أنتجها وليس العكس.

وتجد ذات المتحدثة أنور الأفراد هو التكيف الأمثل مع هذه التطورات لاستغلالها بشكل أفضل في الحياة اليومية، عوض التخوفات والرفض لها، فقد حدث ذلك عندما ظهرت التجهيزات الكهرومنزلية، حياتها كانت ترى على أنها خطر على مستقبل بعض المهن التي يقوم بها البشر، غير أنه مع مرور الوقت والانطلاق في استعمالها تم اللجوء إلى ابتكار مهن جديدة وتخصصات معينة، وذلك في إطار إيجاد حلول للأعطاب التي تصيبها وإنتاج قطع غيار، فأصبح هناك مختصون في الصيانة وغيرها من التخصصات. كذلك حدث مع عالم الحواسيب، فقد أدى ظهورها إلى التخوف من اختفاء بعض الأدوار التي يقوم بها البشر، غير أن العكس حدث. فقد أدى ظهور الحواسيب إلى اكتشاف الوورد وعدة برامج وأنماط تكنولوجية أدت بالعقل البشري إلى التفكير في إنتاج وخلق سبل جديدة للتماشي مع هذه الآلات. فكل تطور وخطوة تقدم تؤدي إلى إعادة طرح نفس التخوفات والأسئلة وهو ما يدفعنا إلى التأكيد على أنه علينا بمواكبة العصر، حتى أننا في تدريسنا لأول درس في الإعلام الآلي نؤكد على أن “الحاسوب ليس ذكيا”، فالتطور الذي نصل إليه يكون دائما من خلال استغلالنا لمخلوقات الله في الطبيعة من أجل دراسة وجودها وحياتها وتحركاتها لنصل إلى الابتكار على غرار  الآلات الرقمية و التكنولوجية، فهناك بعض الاختراعات كانت نتيجة دراسة حركة النمل.. قد قال سبحانه وتعالى في كتابه المحكم: “…وما أوتيتم من العلم إلا قليلا…”، صدق الله العظيم، توضح الأستاذة “زهرة غانم” في حديثها لجريدة “البديل”.

العائلة مطالبة بمرافقة أطفالها لضمان استغلال جيد للأجهزة الرقمية

أمام الانتشار الواسع للتكنولوجيا الرقمية وإدمان الأطفال عليها، أصبحت العائلات تواجه مشكلة صعبة في تربية أبنائها.

وفي هذا الإطار، تقول الأستاذة “زهيرة غانم” أن المواجهة تكون بتحسيس الأطفال وتوعيتهم بالمخاطر وكذا الفوائد والمزايا التي توفرها هذه المواقع، فقط سبق وكبر جيلنا على التلفاز العادي وكنا وقتها نخضع لبرنامج متابعة يشرف عليه الأولياء، حسب ما يرونه مناسبا لأعمارنا. أما اليوم فالتكنولوجيا أصبح الطاغية، وهذا ما يستدعي مرافقة دائمة من طرف الأولياء عبر استغلال تلك البرامج المتاحة والتي تسمح لهم بمراقبة ما يتابعه ويستغله أبناءهم عبر أجهزتهم الذكية مع التركيز على الجانب التوعوي حتى يستغل هذا الجهاز الرقمي لتطوير مهاراته وتعليمه من أجل تحقيق نتائج دراسية جيدة واكتساب معلومات تساعده على تطوير شخصيته وتحقيق رغباته وتغذية شغفه بطريقة صحيحة.

يشار إلى أن الأستاذة الجامعية “زهيرة غانم”، اختتمت ندخلها بشكر جريدة “البديل” على اهتمامها بهذا الموضوع الذي أصبح يشغل الفرد اليوم، كما استغلت هذه المساحة للقول أنه “بدل التخوف من الآلة الرقمية علينا بحسن استعمالها”.

 ميمي قلان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى