
إن استخدام الذكاء الاصطناعي في البيئة لم يعد مستحيلا أو غريبا لأنه غزى كل المجالات والقطاعات دون استثناء، بل بإمكانه تقديم إضافةً نوعية إاذا تم الاستفادة منه كأداة قوية لحلّ العديد من المشكلات البيئية عبر تعزيز استخدام الطاقة الخضراء وتقليل الانبعاثات الكربونية، لكن في ذات الوقت لا يزال التخوّف قائما بأنّ هناك تحديًا رئيسيًا يتمثل في استهلاك الذكاء الإصطناعي المكثف للطاقة.
وعليه فقد تبيّن جليا أنه بعد استخدام الذكاء الإصطناعي في كل ما يتعلق بمجالات البيئة مثل تغير المناخ والاستدامة، هناك بعض علامات الإستفهام بشأن حجم الطاقة التي يمكن أن يستهلكها، والتي يُشار إليها بمصطلح (البصمة الكربونية)، وهذا في حد ذاته تخوّف منطقي وموضوعي بالنسبة للمختصين في البيئة. وعلى سبيل المثال فقط، أدى دمج الذكاء الاصطناعي في محركات البحث إلى زيادة الطاقة المستهلكة في كل عملية بحث بمعدل 5 مرات، وفق بيانات حديثة وكالة حماية البيئة الأمريكية. وفي السياق ذاته قامت جامعة (ماساتشوستس أمهرست) الأمريكية، مؤخرًا بدراسة علمية دقيقة، أكدت من خلالها أن عملية تدريب نموذج واحد للذكاء الاصطناعي يمكن أن تتسبب في انبعاث 320 طنًا من ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل انبعاثات 5 سيارات طوال عمرها.، كما خلصت الدراسة إلى أن عملية تدريب GPT-3، إحدى تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، تطلبت استهلاك 1287 ميغاوات ساعة من الكهرباء، وانبعاث 502 طن من ثاني أكسيد الكربون.
من جهتهم، بعض الخبراء يؤكدون بأنّ الذكاء الاصطناعي يمكنه تقديم مساهمات جوهرية في التقنيات البيئية وكل ما يتعلق بمجالاتها المختلفة، وهذا سيساعد حتما على تقليل الانبعاثات الكربونية، وتحسين الاستخدام الفعال للموارد المائية، إلى جانب ذلك، سيقوم بدقة لا متناهيو قياس جودة الهواء وتحديد مصادر التلوث؛ وهذا أيضا سيساعد كثيرا في تحسين تقنيات التنقية ذاتها. لكن لمختصين في مجال البيئة رأيا آخر يؤيد الآراء السابقة، ويتمثل في أنه مع تطور الرقمنة، من المرتقب جدا أن يُصبح الذكاء الاصطناعي أكثر كفاءة؛ مما يُساعد على تقليل الإنبعاثات الكربونية بشكل كبير، لأن قدرة الذكاء الاصطناعي على فحص الأحداث والتنبؤ بها على المستوى الكمي ستؤدي إلى تسريع تطوير أنظمة طاقة بديلة ذات انبعاثات كربونية منخفضة، مثل طاقة الاندماج النووي. كما ومن الم توقع أن تصبح تقنيات الطاقة النووية الجديدة، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي، منتشرة على نطاق واسع، خلال السنوات العشر إلى العشرين المقبلة؛ مما سيساهم ختما في توفير طاقة نظيفة دون نفايات نووية أو تلوث إشعاعي.
بقلم: أحــمــد الــشــامــي