خاص

بمعية القنصلية الجزائرية العامة بزيورخ

حرائر الجزائر بزيورخ بسويسرا، تنظمن معرضا في فن الطبخ التقليدي 

بقلم: الأستاذ الحاج نور الدين أحمد بامون (ستراسبورغ فرنسا)

 

لازال الشعب الجزائري داخل وخارج الوطن نساء ورجال، يحيي مناسبة الذكرى الـ 70 لاندلاع ثورة الفاتح نوفمبر 1954، تلك الثورة المجيدة التي كانت نقطة تحول حاسمة في تاريخ الجزائر، وبداية مسيرة النضال الطويلة من أجل استقلال الجزائر وتقرير مصيرها. 

 

المرأة الجزائرية المهاجرة خارج الوطن تحديدا بزيورخ بسويسرا تدخل بدورها معركة المنافسة في إحياء مناسبة الذكرى السبعين لاندلاع ثورة الفاتح التحرير 1954. كما شاركت أختها الحرة الأبية إبان الحرب التحريرية وطوال نضال الشعب الجزائري. وشاركت بمعرضها الخاص وما استطاعت توفيره وجادت به لتثبت وجودها وتنقش بصمتها للتاريخ.

وعليه، نظمت 8 أمهات من العائلات الجالية الجزائرية المقيمة بزيورخ بسويسرا، اللواتي أطلقن إسم (حرائر الجزائر) على المجموعة المنحدرين من مختلف ربوع الوطن الغالي الجزائر الحبيبة، بحيث قررن إبراز قدراتهن ومواهبهن بمشاركتهن في إحياء هذه المناسبة الثورية التاريخية. واخترن للمناسبة تنظيم معرض فن الطبخ التقليدي الجزائري ومعرض ألبسة تقليدية وإكسسوارات مجوهرات وصورة لشهداء الجزائر ومجاهديها ولوحات فنية من تراث الجزائر المتنوع.

أنواع الأطباق التقليدية والحلويات

تمثلت مشاركتهن في تنظيم معرض لفن الطبخ التقليدي الجزائري لمختلف الأطباق التقليدية والأكلات الشعبية لعديد الأنواع والأصناف، فقمت بطبخ أشهى وأطيب ما هو معروف في فن الطبخ الجزائري من كسكسي، رشتة، مثوم، طجين الزيتون، بوراك، شربة فريك باللحم الغنمي ومرقة حلوة، إضافة إلى أصناف الحلويات التقليدية من بقلاوة وتشاراك، رفيس ولبراج وتمور دفلة نور المبهرة بألوانها الساحرة وكؤوس الشاي بالنعناع الذي لا تخلوا الموائد منه ومن نكهته. 

تم تقديم المعرض في أبهى حلته ديكورا وذوقا. في وسط معرض فني من صور وملابس تقليدية للرجال كالقشبية والعمامة الشاش والبرنوس، وملابس النساء التقليدية ذات سمعة وجودة عالية ومكانة اجتماعية مرموقة من قفطان وفرقاني وأخرى تقليدية من مختلف ربوع الوطن، متبوعة بالمجوهرات الفضية للزينة من مختلف أرض الجزائر. مجوهرات من الحلي القديمة والعصرية الحديثة تماشيا والموضة.

 

مشاركة القنصلية الجزائرية العامة بزيورخ 

قامت القنصلية الجزائرية العامة بزيورخ من جهتها، بمشاركتها في المعرض بصور لشهداء ثورة التحرير الجزائرية ولمجاهدينا الأشاوش. رجال ونساء الذين ضحوا بأنفسهن وبالنفس والنفيس في سبيل تحرير أرض الجزائر المغتصبة واسترجاع سيدتها الوطنية. معرض الصور بإبداع تنقل من مرحلة  تحرير الأرض وإبداعات الحفاظ على موروثنا الأدبي واللامادي .

 

حضور مميز وجمهور غفير

استقطب المعرض حضور مميز لأفراد الجالية ولباقي الضيوف في وسط بهيج وفرحة لا توصف بتشريف المجموعة بحضور ودعم سعادة القنصل العام في سويسرا الأستاذ “بلعسل محمد رضا” وحرمه. حضور فاق كل التوقعات، حيث حضر أكثر من 250 فردا من أبناء الجالية وعدد من الجاليات الأخرى المقيمة بزيورخ، إضافة إلى المواطنين السويسريين، الذين شاركوا في هذا الحدث الثقافي الفني التاريخي، للتعريف بثورة الفاتح نوفمبر 1954 من خلال معرض صور الشهداء الأبرار والمجاهدين الأبطال. وبالموروث الثقافي الجزائري عبر التاريخ من خلال ألذ وأشهى الأطباق المقدمة بالمناسبة، وبالتراث المتنوع من خلال معرض الألبسة والمجوهرات وغيرهم ومعرض الكتب الخاصة بتاريخ الجزائر والتعريف بتراثها وغيره.

نجاح مبهر بتحدي بآفاق مستقبلية لمعارض أخرى

على هامش نجاح معرض فن الطبخ التقليدي الجزائري الذي لقي إقبالا واسعا وشهرة لم تكون في الحسبان ساعتها، ورفع للتحدي بكل ثقة وعزيمة وإصرار على المواصلة والاستمرارية في هذا المنوال، أعلنت مجموعة حرائر الجزائر، أنها تعتزم تنظيم ملتقى وحدث آخر، بمناسبة يوم يناير (جانفي) المعروف في الجزائر برأس السنة الفلاحية (الأمتزيغية)، حيث معظم جهات الجزائر القارة تكون حاضرة، بحكم أنه يوم الخير واليمن. من أجل سنة فلاحية جيدة، راجين من الله عز وجل، أن يكون عام خير على الجزائر وعموم البلدان، حيث يعم السلم والسلام والبركات.

المعرض كان فرصة للتعريف بفن الطبخ التقليدي الجزائري الذي يحرص على الحفاظ على التراث الجزائري وإبراز ما يترتب عليه من أهداف يجب تحقيقها، لأنها جزء من ثقافتنا التي يمكننا أن نفخر ونعتز بها، والذي عرف تحقيق نجاح كبير في الترويج لفن الطبخ التقليدي الجزائري وتنوعه، الأمر الذي تجسد من خلال الإقبال الكبير الذي عرفه بحضور مختلف الجنسيات وعلى رأسهم أفراد الجالية الجزائرية المقيمة بزيورخ وضواحيها.

نجاح المعرض فن الطبخ التقليدي الجزائري، كان الهدف الأسمى منه إلى درجة كبيرة تعريف السويسريين وغيرهم من باقي الجنسيات المقيمة بزيورخ، بالتراث الجزائري وموروثه الثقافي المتنوع. كان أكبر تحدي، وكانت التظاهرة فرصة كبيرة لغير الجزائريين من التعرف عن قرب عن تشكيلة مختارة من الأطباق والحلويات الجزائرية الممثلة لعادات وتقاليد مختلف ولايات الوطن. وإبراز الجوانب الغنية لتراث تذوق الطعام والالتزام بالاستثمار في استدامة هذا الإرث الثقافي الغني بكنوزه المتعددة.

كما سجل العارضون فخرهم بكل شموخ، بالمعروضات المقدمة والتي تعكس حسهم الغنى والتنوع الذي يميز به تراث بلدهم الأم، الأمر الذي بدا واضحا من خلال تفاعلهم مع جمهور الزوار وارتياحهم الواضح وهم يؤدون مهمة الترويج لتراث فن الطهي لبلدنا الجزائر. إن التعريف بثراء تنوع تراث فن الطبخ التقليدي الجزائري عموما، وما يتمتع به المطبخ الجزائري خصوص، هو تحدي من نوعه حلم كانت ترغب فيه مجموعة حرائر الجزائر منذ زمن بعيد وحلم يراودهن منذ مدة.

 

تحدي بمجهود مبذول لا يقدر بثمن في وقت قياسي

تنفيذ للوعد الذي قطعته مجموعة حرائر الجزائر على أنفسهن لتكون في الموعد المحدد، كان لزاما عليهن التحضير لهذا المعرض في وقت جد قياسي ليل نهار، ببذل كل مجهوداتهن، وتسخير إمكانياتهن، وتفاديا لأي طارئ لا سمح الله. أجبرن على مضاعفة جهودنا عشرة أضعاف للوصول إلى اليوم المنتظر. بالحق قد برهنت مجموعة حرائر الجزائر عن جدارة واستحقاق. بـأنهن بكل فخر ولا منازع سفيرات فن الطبخ التقليدي الجزائري في المهجر عموما وبسويسرا خصوصا، خاصة بعدما عرفت التظاهرة تمثيل جميع مناطق البلاد، بحماس شديد للترويج لفن الطبخ التقليدي الجزائري أمام الزوار المبتهجين بالحدث.

جاء هذا العطاء الثقافي التاريخي في هذا الشهر النوفمبري، ليكون جسر للتواصل بين أبناء الجالية الجزائرية المقيمة في سويسرا عموما وفي زيورخ بالخصوص وبين الوطن الأم الجزائر من جهة، وكمرآة تعكس جوانب عديدة تكون واجهة لعرض أوجه الثقافة والعادات والتقاليد الجزائرية التي لا يعرفها السويسريين والأجانب المقيمين في زيورخ عامة وللراغبين في التعرف على الجزائر خصوصا.

اختتمت فعاليات المعرض بفرحة عارمة وبهجة، للجميع منظمين وزوار. ولا سيما للمتذوقين، مما لذا وطاب مما عرض، وما لفت انتباه الجمهور لاسيما السويسري هو حضور اللباس التقليدي الجزائري والديكور المنزلي لاسيما لصالونات الجلوس وأرائكها المطروزة والمزركشة.

بذات الشأن أفاد الجميع بأن الطبعة الأولى للمعرض فن الطبع التقليدي الجزائري، كانت جد ناجحة ويطمحون أن تصبح الطبعة متوصلة مُستقبلا.  إبراز ما تزخر به الجزائر من طاقات في فن الطبخ الذي يعتبر هو الآخر عنصرا مهما لا يستهان به ولا يستغنى عنه. للترويج الثقافي التاريخي ومنه السياحي والاقتصادي، كون السائح عند زيارة أي منطقة من ربوع الوطن يطلب الأطباق التقليدية والأكلات العشبية.

للعلم والتذكير، قد صنف في الطبخ التقليدي الجزائري بين أفضل فنون الطبخ عالميا سنة 2022، حسب ترتيب حديث لموقع “Taste Atlas” المتخصّص في فنون الطبخ العالمية، وعقبى لمزيد التصنيفات العالمية مستقبلا. عاشت الجزائر حرة أبية وعاش الشعب الجزائري الأصيل محافظا على وحدة وتماسك الوطن من جميع أبنائه برمتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى