
أصبح الميتافيرس اليوم أشهر من أن يعرّف، فبعد انتشاره الواسع واستقطابه لعدد هائل من المستخدمين، لا شك في أن العلاقات الاجتماعية والمادية ستتأثر إلى حد كبير. وبفضل التطورات التكنولوجية الرائدة والتقنيات المستحدثة، من المتوقع أن تتحقق الإمكانات الكامنة وراء الميتافيرس وخاصة بعد تقارب العوالم الافتراضية والمادية. فما دور الذكاء الاصطناعي في رحلة تطور الميتافيرس؟ وما هو تأثير اعتماده في أرجاء هذا العالم الافتراضي؟
دمج الذكاء الاصطناعي في الميتافيرس
كثيرة هي الأخبار التي تسلط الدور على أهمية دمج الذكاء الاصطناعي في الميتافيرس لخلق بيئات تفاعلية أهم وأوسع وفعالة بشكل أكبر. فبواسطة التكنولوجيات المدعمة بالذكاء الاصطناعي مثل تقنية الفيديو الحجمي التي تقدم للمستهلك تجربة غامرة أشبه بالحقيقة في عالم افتراضي بحت، تبدلت صورة التفاعل لتقترب أكثر فأكثر من التفاعل الجسدي المادي في العالم الواقعي. وهذا ما أكده بالفعل المؤسس المشارك والمدير التنفيذي للعبة ذي ساند بوكس The Sandbox سيباستيان بورجيت Sebastien Borget. الذي وصف علاقة المستهلك بالأفاتار الخاص به وعلاقة الأفاتارز المختلفين في العوالم الافتراضية، بحيث ولدت صداقات افتراضية عديدة بفضل هذه التجارب التفاعلية. وعلاوة على ذلك، تعززت روابط التواصل والإحساس بغض النظر عن خلفيات المستخدمين وأعمارهم وأجناسهم، فهم جميعًا أفراد مجتمع اللعبة وسكانها الأصليين. وانطلاقًا من هذه الحقيقة، يرى بورجيت أن للميتافيرس إمكانية جدية في إعادة رسم العلاقات الاجتماعية بين الناس، وخاصة بعد طرح إمكانية دمج الحركات الجسدية الواقعية في العالم الافتراضي. وبالتالي، ستخلق تجربة تفاعلية شبه حقيقية للأفاتارز الرقميين. بالإضافة إلى ذلك أعلن بورجيت تعاون شركته مع كينيتاكس Kinetix وهي شركة تكنولوجية ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي وذلك بهدف إضفاء العواطف إلى ألعاب الفيديو والعوالم الافتراضية عن طريق الرسوم المتحركة التي تعبر عن المشاعر. وبالفعل قامت شركة كينيتاكس بتطوير برنامج ذكاء اصطناعي فريد من نوعه يسمح للمستهلكين بتسجيل حركاتهم الجسدية بواسطة كاميرا الهاتف الجوال وبالتالي تطبيقها على الأفاتارز الخاصة بهم في العوالم الافتراضية المعنية. الرئيس التنفيذي للشركة ياسين تاهي Yassine Tahi شدد على أهمية دمج العواطف في العوالم الافتراضية ودورها في إعادة رسم العلاقات الاجتماعية بين الناس. ولا يقتصر تدخل الذكاء الاصطناعي على إضفاء العواطف إلى العالم الافتراضي بل توسع ليشمل تطبيق الخصائص الصوتية في الميتافيرس بهدف تعزيز التفاعلات في العوالم الرقمية. وهذا ما أفاد به بالفعل سابين ديما Sabin Dima، المدير التنفيذي لشركة هيومينز.أي إي Humans.ai. فبالنسبة إليه، يعتبر إنشاء صوت رقمي والسماح للأفاتارز بالتحدث سوية بلغات مختلفة من شأنه أن يعزز الترابط الاجتماعي وتحسين التجارب الفريدة التي يعيشها المستخدمون يوميًا. وتعقيبًا على رأيه أكد هذا الأخير أن شركته تسمح للمستخدمين بإنشاء أصوات رقمية والتحدث بلغات مختلفة. هكذا يتم إنشاء هذه الأصوات على شكل رموز غير قابلة للاستبدال، بهدف منح المستخدم ملكية حقيقية وحصرية للمقتطفات الصوتية المستخدمة في العالم الافتراضي.
حقيقة زوال التفاعلات الاجتماعية الحقيقية
سلطت التكنولوجيا الضوء مؤخرًا على حقيقة التواصل البشري الافتراضي بواسطة الذكاء الاصطناعي. ولكن، في ظل هذه التحديثات العديدة والمثيرة للاهتمام، يخشى العديد من زوال التفاعلات الاجتماعية الحقيقية لصالح الروابط الرقمية الافتراضية. تشير الأرقام والدراسات على إلى تفاقم عدد المستخدمين لهذا العالم الافتراضي الجديد وارتفاع مستوى تأثرهم بالتجارب على الإنترنت. ولكن لا داعي للخوف من زوال الروابط الاجتماعية الحقيقية وتراجعها. وبالفعل لن يحتل الميتافيرس مكان الروابط الحقيقية ولكنه سيعزز التفاعلات الاجتماعية من دون أي شك. فبتبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، سيتمكن الميتافيرس من تحقيق نقلة رقمية نوعية من شأنها أن تجعل الأفراد أكثر ذكاء.
ق.ح