
“ليديا مشو” كاتبة ومؤلفة من ولاية البويرة، ترى في الأدب مرآة لا تعكس الواقع فحسب، بل تنفذ إلى أعماق النفس البشرية، وانطلاقا من هذه الرؤية، تحولت كتاباتها إلى رحلة استكشافية للبحث عن الأصوات الخافتة والقصص المدفونة تحت صمت الحياة اليومية.
في محاولة لتحويل فوضى المشاعر والأحداث إلى جمال قصصي يمنح القارئ بعدا جديدا للتأمل، هدفها هو أن تكون جسرا بين الذات والآخر، وبين الأسئلة المُقلقة والأجوبة المُمكنة.
كيف اقتحمت مجال الكتابة؟
لم يكن اقتحامي لمجال الكتابة خيارا مدروسا، بقدر ما كان نداء داخليا ملحا. هجمت علي الكلمات من الأعماق، ولم أجد سبيلًا لترتيب تلك الفوضى الفكرية سوى الإمساك بالقلم، ليكون بوابتي إلى عالم أوسع.
ما هو المجال الذي تخص به كتاباتها؟
أتخصص في كتابة الأدب النفسي والخواطر الوجدانية. أستلهم من تناقضات الحياة ورؤاها، وأحاول ترجمتها بلغة تجمع بين العمق والشفافية. لا أكتب عن نفسي بالضرورة، بل عن الإنسان فينا جميعًا. ومع الوقت، تحولت الخواطر المتناثرة إلى هوية أدبية وشغف لا يخبو.
لمن تكتب “ليديا مشو”؟
أكتب لكل من يحمل في داخله شعورا لا يجد له لغة، ولكل من يعيش صراعًا صامتا بين ما يُظهره للعالم وما يخفيه عن نفسه. أكتب للقلوب التي أنهكها التفكير، وللأرواح التي تبحث عن مساحة تشبهها بين السطور. أكتب لي ولهم؛ لكل من يرى في الكلمة مرآة لذاته، وطمأنينة تعيد ترتيب فوضاه.
ما هي أهم مؤلفاتك؟
لديّ 3 مؤلفات، يمكنني رصد تطوري الأدبي من خلالها:
“فيروس التفكير”: كان النافذة الأولى، منحني الثقة ووضع قدمي على الدرب.
“رشفة ابتسامة”: حاولت فيه زرع الأمل عبر نصوص توعوية وخواطر تحمل رسائل تفاؤل من واقع لحظات إنسانية بسيطة.
“فوضى”: وهو عملي الأكثر نضجًا، تناولت فيه الفوضى النفسية للإنسان وصراعه بين ما يريد أن يكونه وما يُجبر عليه، تنقلت بين عوالم الخذلان ومواجهة الحياة بلغة تجمع بين الرمزية والبوح، لكشف الجمال الخفي داخل الاضطراب الإنساني.”
كما أشرفت على كتاب جامعٍ بعنوان “عتاب قلب ل ت و”، وهو عمل يحمل في طيّاته عتابًا نابعًا من القلب، تُترجم كلماته مشاعر الإنسان بين الألم والحنين. جاء الكتاب صادقًا كاسمه، يُجسّد دفء القلوب حين تبوح بما أخفته طويلاً.
من أين تستلهمين كتاباتك ؟
أستلهم كتاباتي من التفاصيل التي لا يلتفت إليها الكثيرون، من النظرات العابرة، من الصمت الطويل، ومن المواقف التي تترك أثرًا خفيًا في الروح. أجد الإلهام في الإنسان نفسه، في صراعاته الداخلية ومحاولاته الدائمة للتماسك رغم العواصف. أكتب لأُعبّر عن تلك الزوايا المهملة في النفس البشرية، وأمنحها صوتًا يسمعه القارئ في داخله.
ليست كتاباتي مرآة لي وحدي، بل هي مساحة مشتركة بيني وبين كل من يحمل في قلبه فوضى، أو في عقله سؤالا. رسالتي أن أُوقظ التفكير، أن أُذكّر بأن الجمال يمكن أن يولد حتى من أكثر اللحظات تعقيدًا، وأن الكلمة قادرة على ترميم ما يعجز الواقع عن إصلاحه.
ما الذي يميز أسلوبك عن غيرك من الكتاب؟
ما يميز أسلوبي هو السعي إلى ملامسة الجوهر الإنساني في كل نص، عبر لغةٍ تجمع بين البساطة والعمق، وتفتح مساحةً للتأمل دون الإفراط في الوصف. أحرص على أن يحمل النص روحًا خاصة تميّزه، وأن يترك أثرًا يتجاوز حدود القراءة الأولى. كما أوازن بين الوضوح والغموض، بحيث يجد القارئ نفسه أمام تجربة فكرية وشعورية في آنٍ واحد.
ما هي طموحاتك المستقبلية؟
أطمح إلى تطوير قلمي وخوض تجارب أدبية جديدة تعبّر عن نضجي الفكري والإنساني. أسعى لأن تصل كلمتي إلى القارئ العربي، وأن أترك بصمة لا تُقاس بعدد الكتب، بل بما تتركه من أثر في النفوس. ففي النهاية، ما يخلّد الكاتب ليس ما يكتبه فحسب، بل ما يوقظه داخل قارئه.
ما الرسالة التي ترغبين أن تصل إلى القارئ من خلال أعمالك؟
رسالتي للقارئ بسيطة لكنها صادقة: أن يفهم ذاته أولًا، وأن يدرك أن الألم ليس نهاية، بل بداية لوعي جديد. أكتب لألامس ما لا يُقال، لأُذكره بأن خلف كل صمت شعور، وخلف كل وجع معنى. أؤمن أن الكلمة قادرة على أن تُنقذنا بطريقتها، أن تُضيء ما خفت فينا، وتعيد ترتيب ما بعثرته الحياة.
حاورها: ياسين قطاوي



