
من بين الأدباء الروائيين المهتمين بآدب الصحراء وثقافتها برز إسم الصديق حاج أحمد الزيواني في السنوات الأخيرة كأحد الكتاب الذين صنعوا الحدث بمؤلفاتهم العميقة ضمن رحلة إبداعية خيالية في قلب لصحراء تحت عنوان مَنَّا قيامة شتات الصحراء..
كعادتها فتحت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بتلمسان أبوابها للأدباء والمثقفين في أمسية ثقافية أدبية إستضافت من خلالها الأديب الأكاديمي صديق حاج أحمد الذي عرض روايته الأخيرة مَنَّا.قيامة شتات الصحراء المرشحة لجائزة البوكر وهي الرواية التي لاقت رواجا كبيرا وشغلت الأدباء والمفكرين من خلال الكتابة الإبداعية التي تفنن فيها صاحبها والذي جمع بين الخيال والابداع وبين المتعة والتاريخ حيث يؤكد صاحب الرواية أن قصة المؤلف تعود الى جفاف 73 الذي غير قواعد اللعبة في الساحل الإفريقي وتحكي معاناة إنسانية خلفها الجفاف الذي ضرب شمال مالي ولجوء سكان المنطقة الى جنوب الجزائر وليبيا ويستحضر من خلالها مظاهر الحياة اليومية لأهل الصحراء موظفا التراث الصحراوي و التارقي من خلال أسماء الشخوص والأماكن و الفضاء الصحراوي وما كلمة “منّا” إلى مصطلح القحط و الجفاف عند الطوارق وعرجت الرواية الى التعريف بتاريخ المنطقة و جذور الأزمة في شمال مالي وظهور حركة الازواد وكيف استعمل القائد اللبيبي الراحل معمر ألقذافي توارق مالي في خدمة طموحاته حتى انه استغلهم للمشاركة في حرب جنوب لبنان والنزاع الحدودي مع التشاد وهو الأمر الذي اعطى الرواية جانبا سياسيا ممتعا كشف عدة تحولات عرفتها المنطقة خلال تلك الفترة حيث تضعنا في قلب الأحداث السياسية الكبرى لهذا الجزء من الصحراء و خلفية نشوء حركة الازواد والصراع المستمر إلى اليوم إضافة إلى الصراع الفرنسي على المنطقة و كيف حاولت باريس أمريكا استغلال المعارضة اللبيبة للقذافي من سجون التشاد في محالة لزعزعة زعامة قائد الجماهيرية الخصراء وتستند الرواية إلى بحث عميق وخلفية معرفية مؤسسة مما يجعل الرواية أشبه ما تكون بوثيقة تاريخية ثرية بالأحداث والمشاهد وأضاف الكاتب جانبا جماليا للرواية اذ زودها بجانب من ققافة أهل الصحراء وعادات التوراق الاجتماعية وحتى الغذائية مع استعمال جانب من مفردات اللغة المحلية للتوارق ويعتبر الروائي الصديق حاج احمد أستاذ مختص في اللسانيات صدر له ثلاث نصوص هي مملكة الزيوان و«كاماراد” ونصه المترشح للبوكر منا قيامة شتات الصحراء وأسهم الكاتب حاج احمد الصديق بكتاباته في عديد المنابر الإعلامية عربيا وجزائريا في إثارة عدد من المسائل الأدبية الإبداعية النقدية و الفكرية و له قبل هذه الرواية كتاب رحلاتي إلى بلاد السفانا سنة 2020 وهي مجموع المشاهدات التي سجلها أثناء عبوره لعدد من البلدان الإفريقية. النيجر، المالي والسودان.وعن سر التسمية “مَنّا..قيامة شتات الصحراء فقد أوضح أن لفظ “مَنّا” بفتح الميم وتشديد الدال، لفظ تارقي في أصله، يفيد معنى الجفاف بالعربية وقد آثر تأثيث هذه الرواية بالثقافة التارقية والحسانية بداية من العنوان، وصولا إلى متن النص، حتى تكون معبّرة بحق عن هذه الجغرافيا المجهولة وغير المحروثة في المدونة السردية الجزائرية والعربية وعرفت الأمسية الأدبية التي نشاطها الأديب بن منصور عدة مناقشات أدبية تمتع من خلالها الحاضرين بهذا العرض المميز الذي يدخل ضمن برنامج المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بتلمسان مثلما اوضحه مديرها طرشاوي الذي كشف عن لقاءات أدبية فكرية مع عدد من النقاد والأدباء والمفكرين في لقاءات مع الفكر والأدب والثقافة بعيدا عن النشاطات الروتينة الأخرى.
ع جرفاوي