
أكد وزير التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، السيد “الطيب زيتوني”، أول أمس بنواكشوط، في كلمة برسم المنتدى الاقتصادي الجزائري الموريتاني، أن التعاون مع موريتانيا “ليس خيارا ظرفيا، بل رهان استراتيجي”، مُوضحا في السياق ذاته، أن موريتانيا تمثل بوابة مهمة نحو إفريقيا الأطلسية ومنطقة الساحل، ومشيرا أيضا إلى أن “التعاون مع موريتانيا حلقة أساسية في رؤية الجزائر الجديدة لإعادة هندسة علاقاتها الاقتصادية الإفريقية المغاربية”.
وفي سياق متصل، أبرز السيد الوزير أن “إعادة هندسة هذه العلاقات على أسس أكثر عدلا وواقعية.. والتكامل الاقتصادي بين الجزائر وموريتانيا ضروري، لا سيما في مجال الصناعات الغذائية والدوائية ومواد البناء والطاقات المتجددة والخدمات اللوجستية”، حيث ذكر بالمناسبة أن هناك مجالات قابلة للاندماج وتحقيق القيمة المضافة.
وبخصوص معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط، قال السيد الوزير، أنه أصبح “تقليدا استراتيجيا ثابتا، يعبّر عن رؤية سياسية واقتصادية تتجاوز المعرض في شكله الخارجي، وأن الموعد يكرّس لمضمون فعلي يرسّخ أسس التعاون، ويمنح الفعل الاقتصادي بعده السيادي في الشراكة الحقة”.
وعليه، دعا بالمناسبة، الموريتانيين إلى استغلال المؤهلات السياحية التي تزخر بها الجزائر خلال فصل الصيف، وتطوير السياحة الصحية، مُهيبا بهم للرفع من عدد الرحلات الجوية التي تربط البلدين. وفي شق الاستثمار، جدد التزام الجزائر بمرافقة الفاعلين الاقتصاديين الجزائريين والموريتانيين وتذليل الصعوبات أمامهم، وشدد في مرافعته على توسيع الآفاق نحو تكامل مغاربي إفريقي حقيقي.
أما الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني مكلف بالميزانية، السيد “أنكور كودورو موسى”، فقد ثمّن مخرجات المنتدى الاقتصادي الجزائري-الموريتاني ومعرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط، التي اعتبرها تشكل مؤشرا على حركية التعاون والتكامل الاقتصادي بين البلدين بشكل إيجابي، مُنوّها في الوقت ذاته بتطور المبادلات التجارية بين الجزائر وموريتانيا خلال السنوات الأخيرة، ودعا بالمناسبة كل المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين إلى الاستفادة من الفرص الاستثمارية في موريتانيا.
من جابه، رئيس مجلس الأعمال الموريتاني الجزائري، السيد “محمد الأفضل بتاح”، ركز على أهمية إقامة شراكة استراتيجية بين البلدين، مؤكدا بأن التكامل بين الجزائر موريتانيا أصبح “حتمية”. أما رئيس مجلس الأعمال الجزائري الموريتاني، السيد “يوسف الغازي”، أكد بدوره على قدرات الجزائر في مجال إنجاز المشاريع الكبرى. فيما ذكّر المدير العام للغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، السيد “شكيب إسماعيل قويدري”، بالتطور الذي عرفته المنتجات الجزائرية، ونوّه بالمناسبة إلى أن المبادلات التجارية بين الجزائر وموريتانيا لديها إمكانيات كبيرة بحاجة لاستغلالها.
بدوره، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة الموريتانية، الشيخ العافية، السيد “ولد محمد خونا”، تحدث عن أهمية المنتدى الاقتصادي وشدد على ضرورة تعزيز التعاون والتكامل بين البلدين، وبناء شراكات مربحة قائمة على المنفعة المتبادلة. فيما أبرز نائب رئيس مجلس التجديد الاقتصادي، السيد “محمد دعاس”، أهمية التوجه نحو الإنتاج والاستثمار المشترك وعدم الاكتفاء بالتبادل التجاري، وداع بدوره إلى استحداث مناصب شغل والوصول إلى أسواق جديدة. كما أشاد رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين، السيد “محمد زين العابدين ولد الشيخ أحمد زوال”، بالقدرات الصناعية التي تتوفر عليها الجزائر، وداعيا إلى إنشاء شراكات ملموسة، خاصة وأنّ وفدا من رجال الأعمال الموريتانيين سيزور الجزائر في جوان المقبل.
توقيع 3 اتفاقيات شراكة
عرف الاقتصادي الجزائري الموريتاني، توقيع ثلاث اتفاقيات بين شركات جزائرية وموريتانية في مجال الانتاج الصيدلاني والنقل البحري ومنتجات النظافة، حيث وزير التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، السيد “الطيب زيتوني”، بأهمية عقود الشراكة والاتفاقيات الثنائية التي تم إبرامها بين مؤسسات البلدين خلال المعرض، وذلك على غرار مشروع الاتفاق بين مجمع “صيدال” ومجموعة “الشنقيطي فارما” الموريتانية لتصدير وتوزيع الأدوية.
جمعية التجار الجزائريين في موريتانيا: حضور وازن ورؤية عميقة
تبرز جمعية التجار الجزائريين في موريتانيا بحضورها الوازن ورؤيتها العميقة، رغم حداثة نشأتها، وتعدّ الجمعية، الأولى من نوعها التي تأسّست في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وهي منظّمة غير حكومية، تأسّست بصفة قانونية عام 2022، وتعنى بتنظيم شؤون التجار الجزائريين المقيمين في الأراضي الموريتانية.
وأتت الجمعية ثمرةً لفكرة انطلقت من الحاجة الملحة لتمثيل رجال الأعمال والتجار الجزائريين ورعاية أنشطتهم التجاریة في الجمهورية الإسلامية الموريتانية. وفي ظرف وجيز، تحوّلت الجمعية إلى منارة للدفاع عن مصالح التجار الجزائریین في موریتانیا، وتتطلع للمساهمة في خلق أنشطة اقتصادية واجتماعية بين الجزائر وموریتانیا، والتنسيق مع الجمعيات المماثلة. وتُرحّب الجمعية بكل من يرغب بالانتساب إلى الجمعية، شريطة أن يكون المنتسب جزائرياً مقيماً بصفة رسمية في موريتانيا.
وتشير أدبيات جمعية التجار الجزائريين بموريتانيا، إلى أن المسار يتصل رأسا بتعميق إرث الأمة الجزائرية، لذا جاء في ديباجة الجمعية: “على كل رجل أعمال أو تاجر جزائري باشر أو سيباشر أنشطته التجارية خارج الجزائر؛ أن يعي عظمة إرث الأمة الجزائرية؛ وأن يندفع بإيجابية فأجدادنا كانوا كذلك؛ رواد حضارة، وتجارا مخلصين، ودعاة حق، وناصرين ومنتصرين”. وتقدّم جمعية التجار الجزائريين في موريتانيا لكل منتسبيها، رؤيتها الواضحة الجلية، في هذا الصدد، تسعى الجمعية أن تستقطب الإيجابي من الأفراد والأفكار، وأن تكون نموذجا يحتذى به في أوساط الجاليات الجزائرية. وتسهب:” إنّ بلدا مثل الجزائر كان عبر عديد الأزمنة قدوة حضارية ونضالية؛ قادر على أن تكون دبلوماسيته الاقتصادية نموذجا يحتذى به”.
وتؤكد الجمعية أنها لا تمارس نشاطا تجاريا ربحيا، ويختص عملها بالشأن التنظيمي، لجعل عمل التجار الجزائريين منظّما أنيقا ذا سمعة حسنة وذكر طيب، وخاضعاً لضوابط الدولة الموريتانية وقوانينها، وتبرز جمعية التجار الجزائريين بموريتانيا، اهتمامها البالغ بالمساهمة المعنوية ومساعدة التجار الجدد في إنشاء مؤسسات وشركات ذات نفع عام تقدم خدمات اقتصادية واجتماعية، وتشجيع هذه النشاطات بما يناسب حاجة السوق الموريتانية.
وتخطّط الجمعية لخلق أنشطة اقتصادية واجتماعية بالتعاون مع جمعيات مماثلة داخل موريتانيا والجزائر، والقيام عن طريق جهات استشارية متخصّصة بممسوحات ميدانية لتجميع البيانات ولاستطلاع الآراء حول القضايا التي تهم التجار ورجال الأعمال في موريتانيا والجزائر. وتعوّل الجمعية على تنظيم ندوات محلية لتدارس وبحث المستجدات الاقتصادية ذات الصلة بنشاط القطاع الخاص لترسيخ مفهوم الشراكة بين تجار البلدين، وإضافة إلى اشتغالها بترسيخ قيم المنافسة والتسامح والتعاون، تهتمّ جمعية التجار الجزائريين في موريتانيا، بالجوانب الخيرية والإنسانية الهادفة من خلال إقامة مشاريع وأنشطة خيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين وتقديم كافة أنواع الدعم الممكنة بالتنسيق مع الجهات المختصة.
المحلل الاقتصادي الدكتور “أحمد الحيدوسي”: “معرض المنتجات الجزائرية بموريتانيا بوابة استراتيجية نحو الأسواق الإفريقية”
أبرز المحلل الاقتصادي الدكتور “أحمد الحيدوسي”، خلال حلوله ضيفا على برنامج “ضيف الصباح”، عبر أثير القناة الإذاعية الأولى، أهمية المعرض الخاص بالمنتجات الجزائرية في موريتانيا، الذي انطلق هذا الخميس، معتبرا إيّاه منصة لتصريف المنتجات الجزائرية في السوق الموريتانية، وفرصة ثمينة لولوج الأسواق الإفريقية. موضحا في السياق ذاته، أن مشاركة الجزائر بأكثر من 200 عارضا تُعد دلالة قوية على رغبة السلطات العمومية في اقتحام الأسواق الإفريقية، لا سيما سوق غرب إفريقيا، الذي يُعد من أهم الأسواق من حيث الاستقرار، الكثافة السكانية، والقدرة الشرائية.
وأضاف أن هذا المعرض سيشهد زخما كبيرا من أجل دفع حجم الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات، خاصة وأن الحكومة حددت هدفًا يتمثل في بلوغ صادرات بقيمة تفوق 13 مليار دولار خارج المحروقات، والوصول إلى 29 مليار دولار خلال السنوات القليلة القادمة. وهو ما يستدعي وضع تصور واستراتيجية محكمة ترتكز على: زيادة القدرات الإنتاجية، تحديد الأسواق المستهدفة، تنفيذ مجموعة من الإجراءات المرافقة لهذه الاستراتيجية.
كما أشار الدكتور “أحمد الحيدوسي” إلى أهمية المشاركة القوية للمؤسسات الجزائرية والمتعاملين الاقتصاديين في هذا المعرض، لما توفره من فرص لتشبيك العلاقات، وبناء شراكات مع الفاعلين الاقتصاديين، إلى جانب اكتشاف السوق الموريتانية في قطاعات ذات قيمة مضافة، مُؤكدا بأن المعرض يشكل منصة لتصريف المنتجات الجزائرية، خصوصًا بعد الاتفاقات الثنائية بين الجزائر وموريتانيا، والتي شملت تسهيل التنقل بفضل مشروع طريق تندوف – الزويرات، الذي تتواصل فيه الأشغال بوتيرة متسارعة، تمهيدًا لاستغلاله خلال السنوات المقبلة.
وشدد الدكتور “أحمد الحيدوسي”، على أهمية تواجد بنك جزائري في موريتانيا لدعم الصادرات خارج قطاع المحروقات، مشيرًا إلى أن عدة صناعات جزائرية بدأت تعرف رواجًا في السوق الموريتانية، منها: الصناعة الصيدلانية، صناعة مواد البناء، التي تسجل فائضًا مهمًا، صناعة الخزف، إلى جانب منتجات أخرى تلقى قبولًا متزايدًا في موريتانيا.
وفي ختام حديثه، ثمّن الدكتور “أحمد الحيدوسي”، قرار رئيس الجمهورية بحل الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية (ألجاكس)، وإنشاء هيئتين متخصصتين في التصدير والاستيراد بدلًا عنها. واعتبر أن هذا القرار سيساعد الجزائر، وفق مقاربة علمية، على تعزيز الصادرات عبر استراتيجية واضحة لتحديد الأسواق، تنظيم وسائل نقل المنتجات، والعمل المستمر على تحسين الأداء التجاري، مشيرا إلى أن هذه المقاربة توفر لوحة قيادة دقيقة عن الإمكانيات الحقيقية والقدرات الجزائرية في مجال التصدير والاستيراد، قائلاً: “من شأن هذا القرار أن يتيح وضع قائمة دقيقة للمنتجات القابلة للدخول إلى الأسواق الخارجية، كما يساهم في ضبط الواردات..
هشام رمزي