الثـقــافــة

الشعر الشعبي والأغنية البدوية في ولاية تيسمسيلت

النظم بالميزان… لإثبات الكيان

يعد الشعر الشعبي من الفنون التي حفظت ذاكرة الأمة الجماعية وخصوصيتها من خلال ارتباطه الوثيق بقضايا الجماهير الشعبية، فهو خزانة أسرارها وعنوان حركيتها الاجتماعية والثقافية، من هذا المنطلق نجد أن ولاية تيسمسيلت وغيرها من ولايات الوطن تزخر بموروث ثقافي هام سواء بتراثها المادي واللامادي، الذي يعكس عادات وتقاليد المنطقة وأصالة سكانها.

كما أن المنطقة أنجبت العديد من المبدعين في مختلف الميادين من مسرح، موسيقى وفنون تشكيلية، إلى جانب فطاحلة الشعر الشعبي والأغنية البدوية وفن الحلقة بحضور المداح والقوال، وقد توارثتها الأجيال عبر أزمنة مختلفة من خلال أصوات معروفة.

فعندما تذكر الأغنية البدوية يذكر معها الشعر الشعبي، حيث أنها تأخذ من القصيدة بحد ذاتها، وهي في نفس الوقت القناة التي تمرر الشعر الشعبي للجمهور، عاصمة الونشريس تيسمسيلت، استطاعت أن تحافظ على هويتها الأصيلة متأثرة بمختلف الطبوع الثقافية المختلفة مما جعلها تشكل قطبا ثقافيا هاما وتنظم الولاية ككل سنة العديد من الفعاليات من أبرزها  طبعة المهرجان الثقافي للشعر الشعبي والأغنية البدوية، حيث نذكر من بين المشايخ في مجال الغناء البدوي رائد الأغنية البدوية الشيخ الميلود الفيالاري، الشيخ بوكنين محمد، ورابح مقاسي الملقب بـ (بلبل الأغنية البدوية).

وفي ميدان الشعر الملحون كل من الشاعر مقاسي رشيد، حجو عبد القادر المدعو “باشا” رحمه الله وشعراء كثر لا يسع المجال لذكرهم فهؤلاء أبدعوا وقدموا كل ما لديهم، ويبقى هدفهم الأساسي من كل ذلك هو السمو بالأغنية البدوية والقصيدة الشعرية إلى جانب ترسيخ الموروث وتعليمه للأجيال الصاعدة. وفي هذا الصدد، فولاية تيسمسيلت كما ذكرنا تزخر بمورثها الثقافي الهام سواء بتراثها المادي واللامادي الذي يعكس عادات وتقاليد المنطقة وأصالة سكانها.

هذا، وبحسب المختصين في المجال الثقافي، فإن واقع الأغنية البدوية وكذا الشعر الشعبي والملحون يبقيان يحافظان على مكانتهما البارزة في الولاية من خلال الاهتمام والدعم الذي توليه وزارة الثقافة للفنانين في هذا الجانب. وما يلاحظ أيضا أنه حتى في السنوات الأخيرة برز اهتمام في الثقافات الشعبية في الولاية تيسمسيلت، أين تم بالجامعة تنظيم ملتقى وطني موسوم بـ (الأدب الشعبي في منطقة الونشريس)، بحث في الأشكال والقضايا وهو الملتقى الذي عرف مشاركة واسعة من قبل دكاترة وأساتذة وباحثين من مختلف جامعات الوطن، وتم تسليط الضوء على منطقة الونشريس وكشف أبعادها الثقافية والحضرية.

وكشف مختلف أنماط الأدب الشعبي وتوضيح أهم الأعلام والقضايا التي تميز بها هذا النوع من الأدب في منطقة الونشريس، محاولة استنطاق نصوص الأدب الشعبي بالمنطقة والبحث في أشكاله وقراءتها في ظل المقاربات الجديدة، وأيضا تسجيل قضايا الأدب الشعبي المكتوبة والمروية بالمنطقة سواء في فترة الثورة التحريرية أو ما بعدها، ومن مخرجات الملتقى اقتراح إنشاء مخبر للدراسات الأكاديمية يهتم بالأدب والثقافة الشعبية وتراث المنطقة، العمل في إطار أكاديمي على ترسيم الثقافة الشعبية اللامادية وتدوينها والعمل على جعلها رسمية معبرة على خصوصية المنطقة ومن ثم اتخاذها مستندا لدراسات أخرى في حقول العلوم الإنسانية والاجتماعية.

جطي عبد القادر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى