حوار

الشاعر الجزائري، “ربيع بقدار”، يصرح لـ”البديل”:

"روح شاعرة وعمل متقن ورسوخ إبداعي يصنعون الشاعر حقا"

حاوره: رامي الحاج(صور)

الشاعر الجزائري “ربيع بقدار” من مدينة الأمير عبد القادر الجزائري (معسكر) 42 سنة، متزوج وأب لثلاثة أطفال، أستاذ رئيسي في اللغة العربية وآدابها في التعليم المتوسط، خريج جامعة الدراسات الإسلامية وهران. يتقن فن الشعر كإتقانه للغة الضاد، وحين يلج في عمق القصيدة تخاله فارسا يجول الصحراء أو غواصا يبحث عن محارة نادرة، وحين تسمعه يلقي القصيدة، كأنه يناجيها وبصوته الدافئ يلزم الحضور للاستماع إليه إجلال للشعر، ضاحك السن وفي عينيه تقرأ نبوءات الكلام أو مشروع قصيدة لن يبوح عن تفاصيل أبياتها إلا حين يفجر ما بداخله، ومن هنا نكتشف من خلال إلهامه الإبداعي الراقي، شخصيات متلاحقة، عبثا أن نحاول استقراءها، لأنها أصلا جوهر الحكاية..

في هذا اللقاء الحميمي الشيق، يبوح شاعرنا الهمام “ربيع بقدار” بأشياء لأول مرة في حياته لجريدة (البديل) وكأنه يزف للقراء تداعيات فيها الكثير من الشجن والأمل وأيضا أقاليما للانتشاء والغد الرائع للشعر.

لو طلبت منك أن تبدأ الحوار بنفسك، من أين ستبدأ؟

نبدأ من البدايات … حيث انطلاقة شعلة الكتابة الشعرية كانت منذ كنت في التعليم الثانوي وتأثري الواضح من تجارب الشعراء في المقررات الدراسية، حيث كنا نستمتع بكتابات المتنبي والمعري وعنترة، مما كوّن مساحات لا بأس بها من التأثر والانسجام الذوقي.

وماذا عن تجاربك الشعرية؟

من أهم التجارب الأدبية التفاعل مع القضية الفلسطينية، كان ذاك أثناء الهجوم الشرس اليهودي على مدينة غزة 2014، حيث اندفعت اندفاعا نحو الكتابة والتعبير….إضافة إلى تأثري الكبير بحادثة بوفاريك وسقوط طائرة الجنود أثر في ذلك تأثيرا كبيرا.

لكل شاعر علاقة حميمية مع الشعر، كيف حالة ارتباطك به؟

لم أزل لم أصل بعد إلى مرحلة أن يكتبني الشعر …لا يزال الشعر لحظة جميلة ..وشعورا نسقيا جميلا أحاول في معانقة قلمي واستجداء عطفه ليبوح بما في خاطري.

هل نفتقد حقا للحائط النقدي؟

الخلل في أسباب حسب رأيي، يكمن فيما يلي:

(01)- قلة الموضوعية أثناء النقد..وتأثر الناقد بالشخص والزخم والهالة الإعلامية أكثر منه بالعمل الفني…

(02)- نرجسية الكثير من المبدعين وعدم التفاتهم إلى النظريات النقدية المعاصرة من أجل المصالحة مع النقاد وتطوير العمل..

(03)- قلة العمل النقدي الجاد في الجزائر بشكل خاص.. لذلك نرى الكوارث الكتابية وميلان كفة الرداءة على حساب الجودة وفن الكتابة…

هل تؤمن بأن النشر والمنصة تصنع الشاعر؟

النشر والمنصة..لهما دورا مهما في الظهور والانتشار وكسب الجمهور… ولكن ليس كافيا..دون روح شاعرة وعمل متقن ورسوخ إبداعي حقيقي.

المبدعون يشكون انزواء الأسماء الأدبية البارزة على نفسها وما عادت تخدم إلا نفسها، هل هذا صحيح؟

فعلا نحتاج إلى مد اليد…والخروج من عقدة صراع الأجيال…إلى فضاء تكامل الأجيال حتى يكون النتاج مثمرا.. ولكننا نستفيد..من تجارب الجيل  السابق من خلال القراءة لهم…لكن ذاك قد لا يكون كافيا في ظل حاجتنا الى النصح والتوجيه.

يقال إن المبدعون لا يقرؤون؟

الحمد لله لا أحكم على غيري.. ولكني ولله الحمد أقرأ بل وأحفظ لغيري وأقرأ التجارب النثرية والشعرية ولكن من الجرائم أن تبدع دون قاعدة من الحفظ والمطالعة فالبناء على الفراغ فراغ.

ما هو تصوركم للمشروع الثقافي البديل؟

البديل الإعلامي هو خير تحد اليوم.. لابد من قنوات أدبية كما هي الرياضية والوثائقية…البديل هو التفعيل الجاد لشبكات التواصل.. فنحن نرى تجربة رابطة شعراء العرب على الفايس بوك من أنجح التجارب على مستوى العالم العربي وليس الوطن العربي..إذ تضم ما يقارب 200 ألف شاعر عربي ويزيد التعداد…والتفاعل…والتجديد والحمد لله أنا عضو في الرابطة.

كيف ترى التجربة الشعرية للمبدعين الشباب؟

الشباب في حاجة إلى الانضمام للنوادي والجمعيات … والابتعاد عن العمل الفردي…بحاجة إلى معرفة ماذا يكتب ..ولمن يكتب…وما هي الكتابة… الشباب في حاجة الى التفريق بين الانطباع والنقد…فكثير من الشباب يحسب أن انطباعات الأصدقاء على الفايس تجعل منه شاعرا…ولكن الواقع غير ذاك تماما.

لمن يكتب الشاعر ربيع؟

ديواني الأول ..مناديل قصيدة عذراء.. عشت فيه التجربة الذاتية والاجتماعية ..والوضع العربي…والانتساب الديني….الشعر إذا لم تحاول به تغيير من حولك…فليس حريا أن يسمى شعرا.. إذ كيف لا تشعر بغيرك وتدعي الشاعرية.

هناك من يعيب على الجيل الجدي أن معظمه يكتب فقط في الغزل، برأيك إلى أي مدى صحة هذا القول؟

ليس الجيل الجديد فقط، بل هناك من الشعراء الكبار من يصنف متغزلا فقط… والسبب..هو الفكرة الخاطئة عن الشعر…فليس الشاعر عصفورا مغردا لاستمالة الأنثى فقط…الشاعر يحب ويكره…يغضب ويهدأ…يفرح ويحزن…يعيش لنفسه ويعيش لغيره.. والقارئ ..ليس أذنا تسمع غزلا وحسب ..بل وينتظر من الشاعر ..أن يبكي للألم وان يبتهل ..وأن ينتصر للمظلوم… حتى يكون ضمير الأمة ولسانها الناطق عما عجزت أن تقوله.

ما هي أجمل ذكرى لا زالت عالقة بذهنك؟

أجمل ذكرى ..هي مشاركتي في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة…مع التكريم الوزاري…من أجمل لحظات حياتي.

وجوه تشتاق إلى رؤيتها بعد طول غياب..

أود أن ألتقي..الشاعر الكبير “محمد جربوعة” ثانية…التقيت به في العاصمة واحتفى بتجربتي رغم تواضعها.. وكان لي الشرف أن قدّم ديواني الأول.

ما هو آخر نص قرأته فشد انتباهك وتمنيت لو كتبت مثله؟

أقرأ الآن حديث القمر لأمير البيان “مصطفى صادق الرافعي”…وهو كتاب نثري… ورغم أنني شاعر الا أنني وددت لو كنت في مستوى تجربة الرافعي. وقرأت وحفظت مقاطع لـ “المتنبي” وهي من أجمل وقرأت في حياتي وودت لو كان المتنبي معنا في هذا الزمن.

هل أنت راضي عما قدمته في المجال الشعري؟

لم أرض بعد عما كتبت ولو رضيت لتوقفت..ههههه

اطرح سؤالا على نفسك كنت تخاف أن يطرح عليك، ثم أجب عليه؟

سؤال كنت أنتظره…هوايات أخرى غير الشعر…؟؟؟ أحب الرسم وأمارسه بجمالية لدرجة أن من أساتذتي من كان يدعوني للتسجيل في مدرسة الفنون الجميلة.

آخر التداعيات، أتركها لك….

أتمنى أن تكون السنة الهجرية الجديدة سنة خير وبركة على الجزائر وعلى الأمة العربية جمعاء… أقدم خالص شكري لك وللساهرين على نجاح الجريدة من قريب ومن بعيد.. خالص وأجمل المنى صديقي “رامي” .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى