
إنّ إهتمام الجامعة الجزائرية بالذكاء الإصطناعي أصبح أكثر من ضرورة، ويظهر ذلك من خلال تدشين المدرسة العليا للذكاء الإصطناعي التي تجمع الأدمغة الجزائرية وأصبحت تستعين بخبراء جزائريين في المهجر، لما لهذا التخصص من أهمية في ترقية الدول وتخصصها.
إنّ دور هذه النخبة هو التأطير وغعطاء نظرة حول ماذا يحمل في الدول المتقدمة والدول النامية فيما يخص الذكاء الإصطناعي لمعرفة أين هم ماضون مع هذه التكنولوجيا ونقاسمهم خبراتنا، بحيث أن المدرسة العليا للذكاء الإصطناعي فيها الأدمغة الجزائرية، وهم في اتصال مع الطلبة الذين سيكونون المستقبل للذكاء الإصطناعي في البلاد. إنّ الطلبة هم العنصر الرئيسي في تطوير الذكاء الإصطناعي في الجزائر في الجزائر، كما أنّ الأساتذة جزء لا يتجزأ من هذا الإنجاز، ما يتطلب إخضاعهم إلى تكوينات كل مرة والخروج من الطابع النظري إلى الطابع التطبيقي، لأن الذكاء الإصطناعي بحاجة إلى تطبيقات وحلول لمشاكل تكون ضمن الأولويات الجزائرية. ويكون أيضا عبر خبرالأدمغة في الخارج لكن الإستثمار الكبير في الطلبة، وستكون للمدرسة العليا للذكاء الإصطناعي المساهمة الكبرى. وعليه فإنّ تطوير الذكاء الإصطناعي يعتمد بالدرجة الأولى على الإستثمار في الطلبة المنتسبين لهذه المدرسة واستغلال النخبة المهاجرة في الخارج لمشاركة تجاربهم. إنّ الطلبة الجزائريين المهتمين بالذكاء الإصطناعي لديهم إطلاع على المجال وأسئلة دقيقة وليست عامة، وشغفٌ واسع وطموح كبير لتكون لهم شركات ناشئة مستقبلا ومشاريع ومساهمات
أهمية الإهتمام بالذكاء الإصطناعي في الجزائر
الذكاء الإصطناعي على مستوى العالم خلال العشر سنوات الماضية عرف طفرة كبيرة جدا، وخصوصا خلال السنتين الماضيتين عرف تقريبا انفجارا على المستوى العالمي في هذا المجال، بحيث كل يوم يتم إنشاء اكثر من مائة شركة ناشئة في الذكاء الإصطناعي خاصة بعد ظهور شات (جي بي تي) وهو نظام ذكاء إصطناعي حديث أحدث ضجة كبيرة، وبدات تمويلات بملايير الدولارات للشركات الناشئة، على غرار شركة (أو ي أن) تحصلت على عشرة ملايير دولاركتمويل وتسعى للحصول على مائة مليار دولار تمويل، وكل يوم نسمع عن حصول شركة ناشئة عن مائة مليون دولار تمويل، وعليه فخلال السنتين الماضيتين هناك اهتمم كبير جدا بالذكاء الإصطناعي لأنها تكنولوجيا جديدة تسمح باستحداث الكثير من المنتجات في المستقبل، وبالتالي العلم كله والشركات كلها تتسابق لابتكار هذه المنتجات قصد السيطرة على السوق في المستقبل.
الجزائر تخطو خطوات متسارعة في الذكاء الإصطناعي
الحقيقة أن الذكاء الإصطناعي أخذ مكانه في الساحة الدولية والجزائر كباقي دول العالم تتسابق وتسارع الزمن لتطبيق الذكاء الإصطناعي في مختلف المجالات لاسيما في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي باعتباره قطاع محوري وأفقي له إمتدادات في مختلف القطاعات الأخرى. الذكاء الإصطناعي يدخل ضمن الثورة الصناعية من الجيل الخامس، بعدما كنا نتحدث في السنتين الماضيتين عن الثورة الصناعية من الجيل الرابع (اقتصاد المعرفة، الشركات الناشئة وكل من له صلة بالتكنولوجيا وأنترنت الأشياء وما إلى ذلك) اليوم إنتقلنا إلى مرحلة جد متقدمة من الثورة الصناعية التي تعتمد على (شات جي بي تي) وعلى (الروبوت) و(الذكاء الإصطناعي) او ما يسمى بالتكاتف بين البشر وبين الألة التي تتعلم وتتحكم بنفسها
رهان نجاح الذكاء الإصطناعي في الجزائر
هناك تحديات خاصة كبلد وتحديات عامة مشتركة ما بين كل الدول. أولا هو مجال جديد فجميع الدول تتسابق ليكون لها مقعدا في هذا المجال، والكثير من الدول تعطي أهتمامات بالغة لفتح مراكز وجامعات جديدة وتمويلات ضخمة. كما أنّ جزء من التقنيات لها علاقة بالمعرفة التقنية ولكن الميزة الآن هي أن كل هده المعارف موجودة ومتاحة على الأنترنت، فالشاب الجزائري بإمكانه تعلم نفس المحتوى المتاح للشاب الأمريكي أو الفرنسي وغيرهما، بالإضافة إلى التكوين في الجامعات، لكم ممكن ان الصعوبة تكمن أحيانا في بعض أنواع الذكاء الإصطناعي مثل (شات حي بي تي) يحتج إلى أموال طائلة، بحيث مثلا تطوير نظام مشابه لـ(شات جي بي تي) كل مرة نقوم التجربة تستهلك 10 مليون دولار بحيث يمكن أن تصل بسهولة إلى مئات من الدولارات وهذا امر صعب، ولكن هذا المشكل يشترك فيه الشباب بشكل عام في العالم لأنه من الصعب إيجاد التمويل بسهولة وهو ما يظل دائما عائقا أما هذه الشركات الناشئة.
تحديات استراتيجية التعليم العالي والبحث العلمي في مجال الذكاء الإصطناعي
الدولة الجزائرية تولي اهتماما بالغا لقطاع الذكاء الإصطناعي والدليل على ذلك أنرئيس الجمهورية أنشأ مدرسة عليا للذكاء الإصطناعي بمدينة سيدي عبد الله حيث وصل طلبتها اليوم على السنة الثالثة وهم في تقدم ويتزودون بمختلف المعارف التب لها صلة مباشرة ووثيقة بالذكاء الإصطناعي. بالإضافة وعلى مستوى التعليم العالي والبحث العلمي فإنّ السيد الوزير أطلق سنة 2023 سنة الذكاء الإصطناعي وعليه تم إنشاء 14 دار للذكاء الإصطناعي على مستوى مختلف جامعات الوطن حيث مهمتها الأساسية توطين فكر مادة الذكاء الإصطناعي لدى الأسرة الجامعية من جهة ومن جهة أخرى لدى الساكنة بجوار الجامعات حتى توزع ثقافة الذكاء الإصطناعي وفي مختلف أوساط المجتمع. زيادة على ذلك. كما ان السيد وزير التعليم والبحث العلمي يعمل جاهدا مع بعض الإطارات على إدراج الذكاء الإصطناعي في بعض التخصصات التقنية التكنولوجية والبيونكنولوجية وما إلى ذلك حتى تصبح هذه التخصصات مواد خصبة لتطوير المشاريع الإبتكارية وتوسيع الإبتكار في هذا المجال. علما أن هناك تحديات كثيرة وضخمة لتطبيق الذكاء الإصطناعي ليس فقطفي الجزائر بل حتى في مختلف دول العالم، ولكن بالنسبة للجزائر حسب التقييم الأولي يمكننا الإلتحاق بركب الدول التي تسعى إلى تطبيق اذكاء الإصطناعي، كيف ذلك؟ كما انّ إنشاء الجلس العلمي للذكاء الإصطناعي الذي بضم خيرة العلماء من الجزائر أو خارج الوطن وعددهم 13 عالما سينضمون قريبا إلى هذا المجلس، سيكون له الأثر الإيجابي في تفعيل وتيرة الذكاء الإصطناعي في الجزائر، حيث سيتم صياغة الإستراتيجية العامة للذكاء الإصطناعي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وفي كافة القطاعات الوزارية الأخرى
الذكاء الإصطناعي والإشكالات الإقتصادية
الطريقة الأولى هي القيام بإنشاء شركات ناشئة لبيع منتجاتنا إلى الخارج وليس البقاء في السوق المحلية، بحيث يجب انشاء شركة ناشئة والتفكير في السوق العالمية مثل كل الدول الأخرى. الطريقة الثانية هي حل مشكلاتنا في الجزائر، لأن ابذكاء الإصطناعي مستعمل في كل مجالات الحياة، في الزراعة، الطب، الصناعة، الصحو وغيرها. اليوم نستخدمه فعليا في كل مناحي الحياة وهناك استعمالات مستقبلية. الإستعمالات الفعلية على سبيل المثال، الهاتف النقال لا يمكن انتاجه دون الذكاء الإصطناعي لأن الميكرو بروسيسوس وهو المُعالج تمّ الروبوت بصناعته، حتى الصورة التي نأخذها بالهاتف النقال فإن الذكاء الإصطناعي يقوم بمعالجتها. أما الإستعمالات المستقبلية متل الطب الوقائي مثلا في تايلاندا، نعرف أن مرضى السكري، السكري يؤثر على شبكية العينويؤدي إلى تلفها، فعندهم الكثير من المرضى المصابين بداء السكري وليس لديهم العدد الكافي من الأطباء لفحص شبكة العين، لديهم مشكل كبير في إصابة الناس بالعمى، وعليه اساعملوا الذكاء الإصطناعي للفحص الوقائي، يعني الإنسان العادي في منطقة نائية يذهب إلى العيادة تؤخد له صورة عن شبكة العين ثم الذكاء الإصطناعي ينصحه بالذهاب إلى طبيب مختص في العيون أم لا، هنا يساعد الذكاء الإصطناعي على تخفيف الضغط على الأطباء في المناطق النائية. كما أن هناك الكثير من التطبيقات يمكن للشباب إنشاء شركة ناشئة في الفلاحة وبوسع الفلاح أخذ صورة على النبتة إذا كان فيها مرض بالهاتف النقال الذي سيقول له إذا كانت هذه النبتة فيه المرض أم لا وأيضا طريقة معالجتها ويستطيع معالجتها في انتظار وصول المهندس الزراعي
الكفاءات الجزائرية خارج الوطن
بإمكان الكفاءات الجزائرية في الخارج المساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال التعاون مع الجامعات عبر الأبحاث العلمية المشتركة (ما بين الأساتذة داخل وخارج الوطن)، من خلال أيضا إنشاء شركات ناشئة وأيضا المحاضرات والتكوين ، على جانب تأطير الماستير، وهناك الكثير المبادرات التي تقوم بها وزارة التعليم والبحث العلمي أيضا وعليه يجب توفير البنية التحتية سواء داخل مؤسسات التعليم العال أو القطاعات الأخرى خاصة وأنّ الجامعة الجزائرية تزخر بإمكانات لا بأس بها لكل ما له علاقة بنقل ومعالجة البيانات وأيضا تدفق الأنترنت وكلها من بين العوامل الداعمة للتوجه نحو الذكاء الإصطناعي, كما يُنتظر من المجلس العلمي للذكاء الإصطناعي خاصة العلماء المتواجدين في الخارج هو نقل التجارب التي وقفوا عليها في كبريات الدول وسهروا على تنفيذها في أماكن مختلفة من العالم على غرار أمريكا وكندا وأستراليا ودول أوربية وخليجية، يُنتظر أن تُشخّص جيدا حتى يتم تكييفها على الواقع الجزائري مع البيئة والإمكانات الجزائرية .
بقلم: رامــي الــحــاج