تكنولوجيا

الذكاء البشري والاصطناعي.. منافسة متجددة في 2024

الذكاء الاصطناعي:

تحققت العديد من الانجازات في مجال الذكاء الاصطناعي خلال العامين الماضيين، مما أدى إلى تغييرات كبيرة في مختلف القطاعات. فقد شهدنا تطوراً في تقنيات التعلم الآلي والشبكات العصبية العميقة، مما أدى إلى تحسين أداء الأنظمة والتطبيقات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي،في مجال الصحة، على سبيل المثال، تم استخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض وتحليل الصور الطبية بدقة أكبر مما كان ممكنًا في السابق. كما تم تطوير تطبيقات تساعد في تتبع الأمراض المزمنة وتحديد العلاجات الأمثل للمرضى،في مجال الأعمال، يستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات وتوقعات السوق وتحسين عمليات الإنتاج وتوفير تجارب عملاء مخصصة.

وفي مجال التعليم، يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تطوير منصات تعليمية مبتكرة وتخصيص التعليم وفقًا لاحتياجات كل طالب،مع ذلك، يثير التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي أيضًا مخاوف بشأن تأثيره على سوق العمل والبشرية بشكل عام. يثير القلق من فقدان الوظائف بسبب الآلات والروبوتات، وتزايد الاعتماد على التكنولوجيا في حياة الناس بشكل يثير القلق بشأن الخصوصية والأمان،لذا، يجب على الشركات والحكومات والمجتمعات التفكير بجدية في كيفية التعامل مع هذه التحولات وضمان توجيهها نحو الفوائد الإيجابية وتقليل الآثار السلبية،ومع مواصلة تطوير تلك التقنيات بشكل متسارع وسط منافسة من عمالقة القطاع حول العالم ممن يتقدمون كل يوم خطوات للأمام، فأن العام المقبل ربما يكون حافلاً بالتطورات الأكثر إثارة، مع تبني الشركات -على مختلف مستوياتها- خطط لتطوير تقنيات جديدة يمكن لها المنافسة في هذا العالم الوليد، واقتناص فرص البدايات، رغم المخاوف المرتبطة بالإجراءات التنظيمية التي تفرض على تلك الشركات في أوروبا.

ماذا يحمل العام 2024؟

ومن المتوقع أن تشهد المجالات التالية منافسة حامية بين البشر والذكاء الاصطناعي في عام 2024، طبقاً لما يحدده المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية في كاليفورنيا، الدكتور أحمد بانافع، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:الوظائف: من المرجح أن يؤدي التطور المستمر للذكاء الاصطناعي إلى إزاحة بعض الوظائف التي يقوم بها البشر حاليًا. على سبيل المثال، قد يؤدي تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكنها إجراء المحادثات وكتابة النصوص إلى إزاحة بعض وظائف خدمة العملاء والكتابة،الألعاب: أثبت الذكاء الاصطناعي بالفعل قدرته على التفوق على البشر في مجموعة متنوعة من الألعاب. ومن المتوقع أن يستمر الذكاء الاصطناعي في التحسن في هذا المجال، وقد يصبح قادراً على التفوق على البشر في كافة الألعاب،الطب: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجموعة متنوعة من التطبيقات الطبية، بما في ذلك التشخيص والعلاج وتطوير الأدوية. ومن المتوقع أن يؤدي التطوير المستمر للذكاء الاصطناعي إلى زيادة استخدامه في المجال الطبي، مما قد يؤدي إلى تحسين جودة الرعاية الصحية،التصنيع: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجموعة متنوعة من التطبيقات الصناعية، بما في ذلك التحكم في الآلة وتحسين الإنتاجية وتطوير المنتجات الجديدة. ومن المتوقع أن يؤدي التطوير المستمر للذكاء الاصطناعي إلى زيادة استخدامه في المجال الصناعي، مما قد يؤدي إلى زيادة الكفاءة وخفض التكاليف.

مستقبل المنافسة

مع استمرار تطور التكنولوجيا، يتزايد الاهتمام بمستقبل المنافسة بين البشر والذكاء الاصطناعي،إذ يمكن أن تؤدي هذه المنافسة إلى تحولات جذرية في السوق العمل والمجتمع بشكل عام. ومن أجل فهم السيناريوهات المحتملة للمنافسة بين البشر والذكاء الاصطناعي في عام 2024، يجب أخذ عدة عوامل بعين الاعتبار:تطور التكنولوجيا: يُتوقع أن يستمر التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما قد يؤدي إلى زيادة قدرتها على أداء مجموعة متنوعة من المهام بكفاءة أكبر من البشر،تكيف البشر: سيكون من المهم أن يتكيف البشر مع التكنولوجيا الجديدة ويطور المهارات التي يحتاجونها للبقاء في سوق العمل المتغير،السياسات الحكومية: من المهم أن تضع الحكومات سياسات تشجع على التكنولوجيا وتساعد في توجيهها نحو التطورات التي تعود بالفائدة على المجتمع بشكل عام،التحديات الاجتماعية: يجب معالجة التحديات الاجتماعية المرتبطة بتقدم التكنولوجيا، مثل البطالة وعدم المساواة الاقتصادية، من خلال وضع سياسات اجتماعية فعّالة،من المهم أن نتبنى منهجًا شاملاً يأخذ في الاعتبار جميع هذه العوامل لتحقيق تطور تكنولوجي يخدم الجميع بشكل مستدام وعادل.

بالطبع، التكنولوجيا تلعب دورًا متزايد الأهمية في حياتنا اليومية وفي مختلف القطاعات. استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يمكن أن يسهم في تخصيص التعلم وفقًا لاحتياجات الطلاب بشكل فعّال، بينما يمكن للفنانين استخدام الذكاء الاصطناعي لاكتشاف أفكار جديدة وابتكار أعمال فنية فريدة،ومن المثير للاهتمام أن نتخيل كيف يمكن أن يؤدي التطور في مجال خدمة العملاء بفضل الذكاء الاصطناعي إلى تحسين تجربة المستخدم بشكل كبير. فالذكاء الاصطناعي قادر على تحليل البيانات بشكل سريع ودقيق، وبالتالي يمكنه تقديم استجابات فورية ومتخصصة للاستفسارات والاحتياجات الخاصة بالعملاء،مع استمرار تطور التكنولوجيا، يمكن توقع مزيد من الابتكارات والاستخدامات الجديدة للذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات. ومن الضروري بالتأكيد أن نكون على دراية بتأثير هذه التطورات على السوق العمل والمجتمع، وأن نعد أنفسنا لمواكبة التحديات والفرص التي قد تنشأ عنها.

التكامل

ويشار هنا إلى النتائج التي خرج بها استطلاع حديث لـ”فيوتشر ميك”، قبيل أسابيع قليلة، والتي كشفت عن أن نسبة تصل إلى 53 بالمئة من الشركات تستخدم الذكاء الاصطناعي في عديد من المهام المختلفة، وعلى رأسها دعم العملاء، والبحث وإنشاء ملخصات الاجتماعات وغير ذلك،بينما لا تزال نسبة تصل إلى 24 بالمئة من الشركات -التي شملها الاستطلاع- تخطط لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في العام الجديد،كشفت نتائج الاستطلاع عن أن نسبة تقارب الـ 40 بالمئة من الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في أعمالها، تعتقد بأن تلك التقنيات حلت محل عديد من الموظفين في العام 2023، كما أن أربع من كل عشر شركات ترى أنه من المحتمل أن يحل الذكاء الاصطناعي محل موظفين في العام 2024،وضمن النتائج التي تعكس مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على التوظيف في 2024، ما خلص إليه الاستطلاع فيما يتعلق بأن نسبة تصل إلى 96 بالمئة من الشركات التي تعتزم طرح وظائف جديدة في العام المقبل “ترى أنه من الضروري أن يستفيد الموظفين من تقنيات الذكاء الاصطناعي وامتلاك مهاراتها”.

تنظر تلك الشركات للموظفين أصحاب مهارات الذكاء الاصطناعي -الذين لديهم القدرة على توظيف تلك التقنيات في أعمالهم- على أنهم سوف يتمتعون بأمان وظيفي أكبر من نظرائهم ممن لا يمتلكون تلك القدرة،وتشجع نتائج الاستطلاع المذكور على عدم الخوف من تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل في توائم معها من أجل توظيفها من أجل أداء أفضل وأسرع في الوظائف المختلفة،وفي العام 2024، من المتوقع أن تشتد المنافسة بين البشر والذكاء الاصطناعي،ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، فمن المرجح أن يوسع نطاق تطبيقاته ليشمل المزيد من المجالات،وسيستمر الذكاء الاصطناعي أيضًا في التحسن، ليصبح قادرًا على أداء المهام المعقدة بكفاءة أكبر من البشر، بحسب بانافع.

من المهم أن ندرك أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ليست بديلاً للبشر، بل يمكن أن تكون شريكًا لهم في تعزيز الإنتاجية وتحسين الأداء في مختلف المجالات. فعلى سبيل المثال، في مجال الطب، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض وتوجيه العلاج بشكل أكثر دقة، ولكن لا يمكن للذكاء الاصطناعي استبدال الأطباء، بل يمكنه دعمهم وتعزيز قراراتهم السريرية،من الناحية الاقتصادية، يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في خلق فرص عمل جديدة في مجالات مثل تطوير البرمجيات وتحليل البيانات وتطوير التطبيقات التكنولوجية الجديدة. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يزيد من كفاءة العمليات الإنتاجية في الصناعات التحويلية والخدمية، مما يسهم في تحقيق النمو الاقتصادي وزيادة التنافسية،من الجانب الاجتماعي، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تحسين جودة الحياة من خلال تطبيقاته في مجالات مثل الصحة والتعليم والنقل والأمن. ومع ذلك، يتعين علينا أيضًا أن نناقش القضايا المتعلقة بالخصوصية والأمن في استخدام التقنيات الذكاء الاصطناعي، وضمان أن يكون التطور التكنولوجي موجهًا نحو تحقيق الفوائد الاجتماعية والإنسانية بشكل أساسي،في النهاية، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يمثل تحديات وفرصًا كبيرة، ومن الضروري أن نتعامل معه بحكمة وتفهم لضمان استفادة أقصى ممكنة من إمكانياته وتقليل المخاطر المحتملة.

تنتقل التكنولوجيا بسرعة كبيرة، والتحدي الرئيسي الذي نواجهه هو كيفية التأكد من أن الذكاء الاصطناعي يخدم الجميع بشكل عادل ومستدام. يجب أن نكون حذرين ونتعامل مع الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، مع الالتزام بالقيم الأخلاقية وحقوق الإنسان،من المهم أن نواجه التحديات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بشكل جماعي، من خلال التعاون بين الحكومات والشركات والمجتمع المدني والأكاديميين. يجب أن نعمل سويًا على تطوير إطار قانوني وتنظيمي يضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول ومستدام،على المستوى الفردي، يجب علينا أيضًا أن نستثمر في تطوير مهارات جديدة تمكننا من التعامل مع التكنولوجيا بفعالية، مثل مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات والابتكار. يجب أن نكون قادرين على التكيف مع التغييرات في سوق العمل والمجتمع بشكل عام،في النهاية، يجب أن نتذكر أن الهدف من الذكاء الاصطناعي هو تحسين حياة الناس وتعزيز التنمية المستدامة. يمكننا تحقيق ذلك من خلال العمل المشترك والمسؤول في توجيه التكنولوجيا نحو تحقيق الفوائد الاجتماعية وحقوق الإنسان والعدالة.

بقلم:جلال يياوي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى