
بدأ “الذكاء الاصطناعي” ينتشر بشكل واسع في الحياة اليومية للجزائريين، بعدما ظهرت مزاياه المتعددة، والتسهيلات التي يمنحها لمستعمليه، فأصبح مصدر إعانة لمن يرغب في تطوير محتوى ما يقدمه، على غرار التعليم، هذا الأخير الذي يعتبر مفتاح أقفال مختلف الرغبات والتخطيطات المستقبلية، لاسيما ما تعلق بالهجرة وتطوير القدرات اللغوية، على غرار تعلم اللغات الأجنبية، لاسيما الإنجليزية، التي أصبحت تحظى بإقبال منقطع النظير من طرف مختلف الفئات، ولتسليط الضوء أكثر على الدور الذي يقوم به “الذكاء الاصطناعي” في هذا الشأن، تواصلت جريدة “البديــل” مع الأستاذ “بلال بوقطوشة”، صاحب صفحة Billal English لتعليم الانجليزية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يبلغ عدد متابعي الصفحة على “الفايسبوك” 29 ألف متابع، و33 ألف متابع على موقع “تيك توك”، فكانت هذه المساحة من الحوار الشيق:
أهلا أستاذ، تفضلوا بتقديم نبذة عن شخصكم الكريم ومهنتكم؟
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، اسمي “بلال بوقطوشة”، 29 سنة من مدينة سطيف، أستاذ لغة إنجليزية ومتحصل على شهادة الماستر في علوم اللغة الانجليزية، قسم الآداب واللغات، جامعة “محمد لمين دباغين” سطيف2،
وصاحب صفحة Billal English على موقع فيسبوك. و من جهة أخرى لي عمل ثان في مجال التسويق وتصميم المواقع وإدارة الحملات الإعلانية، وحاليا أنا مشارك في مشاريع عالمية لتطوير العمل عبر الانترنت وتحسين المواقع الالكترونية.
كيف خطرت ببالكم فكرة تدريس الإنجليزية عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟
في يوم 10 أفريل 2020 تم إنشاء صفحتي الحالية على فيسبوك، والتي كنت قد فتحت صفحة أخرى قبلها بشهرين تقريبا لكنها تعرضت للإغلاق. وهذه الصفحة الحالية قد تم إنشاؤها منذ يوم 10 أفريل 2020. ففي تلك الفترة كان العالم كله يعاني من انتشار وباء الكوفيد، وكما يقول المثل “الأزمة تلد الهمة”، وهذا كان واحد من الأسباب التي جعلتني أتبنى فكرة تعليم الإنجليزية عبر وسائل التواصل الإجتماعي. وقتها كان الناس كلهم يلزمون بيوتهم بسبب حظر التجوال، وكانت هذه فرصة جيدة لتحسيس الناس بضرورة استغلال وقت الفراغ الكبير خلال البقاء داخل منازلهم، بتعلم مهارات جديدة تساعدهم لاحقا في حياتهم الدراسية أو العملية. فبدأت بفكرة وضع منشورات يومية عبارة عن نص أو صورة أو فيديو يحتوي على معلومات مفيدة، وحتى أنني أنفقت في الاعلانات وقتها لجلب أشخاص وعملت لهم دورة مجانا على موقع Telegram وعلى منصة Zoom.
ما هي الفئة التي تستهدفونها لتعلم اللغة الانجليزية ؟
بطبيعة الحال، هناك فئات عديدة يتم استهدافها لتعليم اللغة الانجليزية، فإذا أخذنا على سبيل المثال واحدة من الفئات، فهم الأشخاص الذين يريدون تحسين مستواهم في الإنجليزية بهدف الهجرة أو العيش أو الدراسة أو العمل بالخارج، و أكثر فئة تعي تماما أهمية هذه اللغة، هم الأشخاص الذين قد سافروا من قبل، وعرفوا أن امتلاك مهارة التحدث بالانجليزية في الدول الأجنبية قد يكون سببا رئيسيا لإيجاد عمل والاستقرار بالخارج.
وبالطبع هناك فئات أخرى، مثل الأشخاص الذين يريدون أن يحصلوا على ترقية في عملهم هنا بالجزائر، كما أن هناك فئة الطلبة الذين يريدون الالتحاق بإحدى الجامعات بالخارج.
ما هو مرجعكم في وضع برنامجكم التعليمي (تجارب غيركم، برنامج التعليم الرسمي، ابتكار منكم وفق حاجة الراغبين…..)؟
لا يخفى علينا أبدا أن البرنامج التدريبي الذي ينتهجه الأستاذ يعتبر نواة النجاح بالنسبة للطالب، وهو الذي يضمن تحقيق النتائج المطلوبة بعد إعطاء الوقت والجهد والاهتمام اللازم من طرف الطالب، فالبرنامج التعليمي يجب أن تتوفر فيه معايير معينة، مثل التركيز على احتياجات الطالب والتنويع في ممارسة جميع المهارات اللغوية من قراءة وكتابة واستماع وتحدث. كما يجب أن يتوفر البرنامج أيضا على الجانب التطبيقي، الذي من شأنه ترسيخ المعلومات الضرورية والمساهمة في ترسيخ المعلومة والقدرة على توظيف المكتسبات اللغوية في سياقات عديدة. بالنسبة لي كشخص يساعد المتعلمين “أونلاين”، فأنا أتبنى برامج تعليمية معتمدة دوليا، مثل برنامج “أوكسفورد” الذي يتم تحريره من دار النشر التابعة لجامعة “أوكسفورد” العالمية. لكن أحيانا يتعين على الأستاذ تصميم برنامج خاص، في حال ما إذا كان احتياج المتعلم مخصص أكثر، مثلا تعلم الانجليزية لغرض الأعمال أو لغرض تجاري، أو مثلا مصطلحات لغوية في مجال قانوني أو علمي.
في برنامجكم التعليمي، تروجون للاستعانة بالذكاء الاصطناعي، كيف ذلك؟
نحن نعيش الآن في عصر التطور التكنولوجي، وكل يوم نسمع بابتكارات جديدة في العالم لتسهيل حياة الناس وزيادة رفاهية الشعوب، مثل ما نشهده في مجال الروبوتات والأتمتة (تحويل الشيء من عمل يدوي إلى أوتوماتيكي). فمن الحكمة استغلال هذا التطور الحاصل في تعليم اللغات وتطوير مستوى الإنجليزية بشكل خاص. واليوم نرى أن هناك أستاذا الكترونيا يعمل بالذكاء الاصطناعي. وعوض ما الشخص يحتاج أستاذ حقيقي على أرض الواقع (وقد لا يحب طريقة الأستاذ، وأيضا قد لا يكون الأستاذ متوفر دائما للمساعدة)، فتجد الشخص يسجل بإحدى المواقع ويحصل على أستاذ روبوت يعطي الدروس ويصحح الأخطاء ويحلل التطور في المستوى، ويركز على النقائص ونقاط الضعف لدى المتعلم، وفوق كل هذا فإن الروبوت متاح 24 ساعة في اليوم. لذلك وجب على المتعلم الاستعانة بالذكاء الاصطناعي، وهذه الخدمة مقدمة من مواقع كثيرة حاليا، حيث يتم إنشاء حساب بالموقع والبدء مباشرة بتلقي الدروس والممارسة اللغوية.
كيف اهتديتم لاستغلال الذكاء الاصطناعي في برنامجكم التعليمي ؟
في بداية التعرف على مواقع الذكاء الاصطناعي، لم تكن فكرة تطوير الانجليزية واضحة جدا، إلا بعد ظهور الموقع المعروف “ChatGPT” الذي يرد على كل الأسئلة بسرعة كبيرة وبطريقة مباشرة. وعندها بدأ الناس يستغلون الموقع كل في مجاله، ومجال تعلم الانجليزية ليس استثناء. بما أن الموقع يجيب على كل الأسئلة فلما لا يدخل المتعلم، ويكتب مثلا أمر للروبوت: “أرسل لي تمارين حول الدرس الفلاني”، أو أمر “لم أفهم الدرس كذا.. هل يمكن أن تشرح لي أكثر؟”، ويبدأ الروبوت العمل بالذكاء الاصطناعي ليلبي احتياجات المستعمل.
ما هي الإضافة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في تعلم اللغة؟
يمكن للذكاء الإصطناعي تقديم إضافات كثيرة في مجال تعليم اللغة الانجليزية، منها صناعة تمارين جاهزة وتصحيح الأخطاء اللغوية عند النطق والكتابة وحتى تدريب المتعلم على حسب مستواه الحالي في اللغة، وعلى حسب اهتماماته الشخصية. كما يمكن للذكاء الإصطناعي التواجد 24 ساعة في اليوم، بما أنه يعتبر برمجة في موقع يشتغل بالإنترنت فقط. هذا من جهة مساعدة المتعلم. ومن جهة أخرى، يقدم الذكاء الإصطناعي إضافة كبيرة للأستاذ في حد ذاته مثل تحضير الدروس والنشاطات والمواضيع للممارسة.
هل الذين يتعلمون عندكم، لهم رغبة بالتوجه أكثر نحو استغلال الذكاء الاصطناعي ؟
من خلال عمل محادثات ونقاشات مع المتعلمين الذي أساعدهم، أرى أن الوعي مازال في طور الانتشار حول مواقع الذكاء الاصطناعي، وأحيانا هناك متعلمين يسمعون مصطلح الذكاء الاصطناعي لأول مرة، أو لا تكون لديهم خلفية عن الموضوع. لذلك وجب على الأستاذ مراعاة مرحلة الوعي لدى الطالب وشرح الفكرة ومبدأ العمل أولا، وبعدها يبدأ الطالب في اعتماد المواقع والأدوات المطلوبة، وبالتالي تسهل الممارسة والطريق للهدف النهائي تكون أقصر. بالطبع لما نتكلم عن فئات المجتمع، فإن الشباب أكثر استعمالا للتكنولوجيا، وبالتالي سيعجبون بفكرة الاستعانة بالذكاء الاصطناعي ووعيهم يكون أعلى من وعي الفئات الأخرى. ولكن بما أنني أستاذ أساعد الناس عبر وسائل التواصل الإجتماعي، فأنا أتعامل مع كل فئات المجتمع، من سن 18 إلى غاية 60 عاما. و بما أن دور الأستاذ يقتضي مساعدة الناس على تطوير مستواهم، فعليه أيضا أن يرشد المتعلمين ويوجههم من خلال دورات ومحاضرات لشرح مبدأ اعتماد التكنولوجيا الجديدة واستغلالها لتحقيق الأهداف التعليمية المطلوبة.
هل الذكاء الاصطناعي الذي تعتمدونه المقصود به تطبيق رقمي أم محاكاة افتراضية؟ هل هو جزائري الأصل أم مستورد؟
المقصود بالذكاء الاصطناعي الذي نعتمده هو تطبيقات ومواقع الكترونية، تمت برمجتها لتجيب على أسئلة وتساعد على مهام كثير وتعلم لغات كثيرة وليس فقط الإنجليزية. ويمكننا أن نفهم الفكرة بسهولة على أن الذكاء الإصطناعي يعتبر مساعد افتراضي يسهل حياة الناس ويقرب الأهداف أكثر. وهذا الذكاء الإصطناعي الذي نعتمده في التعليم مستورد، وتتم برمجته من قبل شركات عالمية كبيرة، ولِمَ لا، سنشهد في المستقبل القريب مواقع وتطبيقات جزائرية الصنع وتسهل على المواطن الجزائري مهامه اليومية.
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعوض العقل البشري أو يصبح منافسا له؟
حاليا، لا يمكن للذكاء الإصطناعي أن يعوض العقل البشري، لأنه مازال في تطوير دائم من قبل العقول البشرية، ويعتبر حاليا أداة سريعة جدا ومساعدة جدا للإنسان في مجالات كثيرة. ولربما ستشهد الأجيال القادمة تعاون بين الروبوت والإنسان في الوصول إلى تطورات تكنولوجية أحدث بأضعاف مما نعرفه حاليا.
تفضل بكلمة أخيرة؟
أنصح أي شخص يريد تعلم وتطوير مهارات اللغة الإنجليزية، أن يكون شخصا باحثا. وهنا يطرح السؤال: كيف هذا؟ الإجابة بسيطة، طبعا، يكون ذلك عن طريق إيجاد حلول دائمة للعراقيل التي قد تظهر في طريق المتعلم في مجال اكتساب اللغة. فمثلا عند قراءة مقال عن استعمال الذكاء الإصطناعي في تعلم اللغة الإنجليزية، يجب البحث أكثر في محرك غوغل والمواقع الأخرى مثل اليوتيوب، وهذا لفهم الموضوع أكثر. كما أنصح دائما بعدم إهمال الجانب التكنولوجي في التعلم لأن زمن السبورة والطباشير قد انتهى، وأنه لا
مفر من استعمال التكنولوجيا الحديثة عاجلا أم آجلا. لذلك وجب علينا المبادرة الآن لنكون السباقين ولنكون على علم بآخر التطورات الحاصلة في هذا المجال.
حاورته: عبير. ص