
ها قد تمت الخطبة، يلف الخنصر اليمنى لكل منكما خاتم جديد، هوية من نوع جديد، تعطي إحساسا عذبا للطرفين بأن “حياتي الآن مختلفة”، وهي بمثابة إعلان للملأ من نوع خاص “أنظروا إننا مخطوبان وعاشقان وسرعان ما سنعزز العشق بالتزام آخر أكثر جدية وديمومة من فترة الخطبة للزواج”.
ومع هذا، لا يستطيع أي منكما إلا أن يعترف على الأقل بينه وبين نفسه بأن الأمور ليست مشرقة على الدوام، وبأن فترة الخطبة لا تعني بالضرورة وعودا يومية بحياة تفيض حبا وهناء ، فكثيرا ما تكون فترة الخطوبة للقلوب المدربة، فرصة ذهبية لاكتشاف الأشياء الحقيقية في دواخلنا بعيدا عن أية روتوشات.
على أنه وللأسف الشديد، ولعلها طبيعة الإنسان الذي يميل إلى تجميل الأمور بالنسبة له ينظر الخطيبان عادة إلى هذا المشروع الكبير باعتباره فرصة لإظهار وتقديم أفضل ما لدى الواحد للطرف الآخر فيزخرف سلوكه وكلامه ويتبنى صفات ليست فيه فقط للإعلاء من قدر أسهمه في نظر الآخر، وقد لا ينتهي الأمر عند هذا الحد بل يتعداه إلى القيام بمحاولات تزيين للواقع من حوله، فيرى أشياء غير موجودة حقيقية ويلغي أشياء غير موجودة حقيقية، ويلغي أشياء واضحة للجميع كعين الشمس وفي النهاية ألا يقولون أن الحب الأعمى؟
وقفة تأمل ومراجعة الذات
على أية حال ما رأيكم أن نتوقف قليلا مع أنفسنا في اليوم التالي للخطبة، ونسأل: ماذا سنفعل الآن؟
(01)- يجب إقناع أنفسنا بأن الخطبة لا تعني قرارا بالالتزام النهائي بين الطرفين أي الزواج، وإنما هي وسيلة اجتماعية بينتها الأعراف كي تساعدنا في المضي قدما نحو قرار الزواج أو كبح فراملنا وتعليق الموضوع برمته.
(02)- علينا أن نتفهم جيدا أن الخطبة وإن كانت شكلا من أشكال الرباط الأولي بين اثنين متحابين لديهما صفات مشتركة، فإنها علاقة أيضا بين طرفين تجمعهما فروقات كثيرة، إذ لا يوجد شخصان في العالم حتى التوائم متطابقان ودون تفهم عميق من جانبنا لهذه الفروق أو الاختلافات فمن المرجح أن يسيء كل منا فهم آو تفسير سلوك و مشاعر الآخر وبالتالي نسير بهذه العلاقة الجميلة إلى حافة الدمار ودون وعي أو إدراك.
أسئلة كثيرة تكاد لا تنتهي
لا بأس من أن نطرح على أنفسنا مجموعة من الأسئلة من حين لآخر كي تساعدنا في تقييم فترة الخطوبة ومعرفة ما لها وما عليها وتحدي مواقعنا بالضبط من هذه العلاقة الحساسة، بحيث يستطيع أحد الطرفين أو كلاهما أن يسأل نفسه مثلا الأسئلة التالية: – هل اشعر بجاذبية خاصة إزاء الطرف الآخر؟، هل أشعر بالمتعة حين أتحدث إلى خطيبي أو أسمع صوته؟، هل أثق به بحيث أرى من اللائق أن أبوح له بأشياء كثيرة دقيقة وحساسة في حياتي؟، هل أستطيع أن أتسامح مع الأشياء التي أرفضها في شخصيته؟،، هل يجب أن أطلعه على نقاط الضعف في شخصيتي؟، هل الخلافات التي تطرأ بيننا من حين لآخر هامشية بحيث يمكن غض النظر عنها أم أساسية بحيث قد تدمر علاقتنا؟، هل يمنحني وجوده في حياتي شعورا بالراحة والاستقرار ورغبة في تكوين أسرة خاصة بي؟، هل أنا فخور به أمام الناس؟، هل أحبه حقا؟..
أسئلة كثيرة لا تنتظر منا إجابة عاجلة وفورية وإنما تلح علينا كي نبحث عن أجوبتها في لقاءاتنا اليومية وفي حواراتنا وفي جلساتنا ونزهاتنا معا، أسئلة تطالبنا بان نكون منصفين إزاء أنفسنا أولا ثم إزاء الطرف الآخر.
دعونا نشارككم انشغالاتكم الحيوية
الآن يمكن القول أن فترة الخطوبة تمر عادة بمجموعة من المراحل التي تؤدي في النهاية إما إلى الاستقرار من خلال الزواج أو الانفصال أو التراجع عن المشروع قبل التورط فيه نهائيا، هذه المراحل قد يكون من الصعب تمييزها في البداية لكن بشيء من التأمل والتفكير المنطقي نستطيع تحديدها لأنفسنا تدريجيا وبما أننا نشارككم قراركم الحيوي هذا ونحاول أن نلتمس معكم إمكانات نجاح مشروع الخطبة ثم الزواج، لأننا حريصون كل الحرص على تقديم بعض الأفكار التي قد تساعدكم في الاهتداء إلى طريق العادة. بحيث أجمع عدد من المختصين على أن فترة الخطبة يمكن تقسيمها إلى خمس مراحل أساسية و نجاح كل مرحلة منها يعتمد على الأخرى و يؤدي إليها ، وهذه المراحل هي : الجاذبية والشك والملكية والميمية والالتزام، وسوف نلقي الضوء في الحلقات القادمة على كل مرحلة آملين أننا بطريقة أو أخرى نجيب من خلالها على أسئلة كثيرة بالتأكيد لا زالت تشغل بالكم و تدور في أذهانكم.
إكـرام عـائـشـة