
في عصر الرقمنة، أصبحت “الترندات” جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية، حيث تسيطر هذه الظواهر على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، من فيسبوك إلى تيك توك، مرورا بتويتر وإنستغرام.
الترند ليس مجرد موضوع ساخن أو موضوع محط اهتمام لحظي، بل هو انعكاس لاهتمامات جماهيرية متغيرة وسريعة تتأثر بالتكنولوجيا وبالتحولات المجتمعية والسياسية والثقافية.
كيف يتشكل الترند؟
الترند هو الموضوع الذي يكتسب اهتمامًا واسعًا في فترة زمنية قصيرة. يعود ظهور هذه الظواهر الرقمية إلى السرعة العالية التي تنتشر بها المعلومات عبر الإنترنت، حيث أصبح بإمكان أي حدث أو قضية أن تتحول إلى ترند في غضون دقائق، بفضل تأثير وسائل الإعلام الاجتماعية مثل “فيسبوك”، “إنستغرام”، و”تيك توك”. يشمل الترندات مواضيع متعددة، من قضايا اجتماعية وثقافية، إلى أحداث سياسية وأخبار رياضية.
من خلال خوارزميات متطورة تعتمد على تفاعل المستخدمين، يمكن لموضوع ما أن يتحول إلى ترند عالمي، مما يتيح للمؤسسات الإعلامية والفنية والتجارية فرصة التفاعل مع جمهور واسع في وقت قياسي. وهذا يؤدي إلى انتشار أوسع للأفكار والمحتويات، مما يتيح للأفراد والمجتمعات التعبير عن أنفسهم أو التأثير في قضايا معينة.
الترند في عالم الأعمال والتسويق
في عالم الأعمال، أصبح الترند أداة تسويقية أساسية يمكن أن تسهم في تعزيز صورة العلامة التجارية وزيادة الوعي بها. تعتمد العديد من الشركات على الترندات الرقمية لتوسيع نطاق وصولها إلى جمهور أوسع، مع التركيز على استخدام مؤثرين رقميين مشهورين على منصات مثل “إنستغرام” و”تيك توك”. من خلال التعاون مع هؤلاء المؤثرين، يمكن للعلامات التجارية الاستفادة من الشعبية الكبيرة للترندات لتسويق منتجاتها بطريقة مؤثرة وفعالة.
كما تعتمد الشركات على إنشاء محتوى يتماشى مع الترندات الجارية، مثل نشر فيديوهات أو حملات إعلانية تتماشى مع القضايا الاجتماعية أو البيئية التي تهم الجمهور في اللحظة. وفي ذات السياق، تشارك العلامات التجارية أيضًا في الحملات المجتمعية التي تروج لقيم اجتماعية أو ثقافية معينة، مما يعزز من مصداقيتها. من خلال تحليل البيانات في الوقت الفعلي، تستطيع الشركات التفاعل بسرعة مع الترندات، وتطوير استراتيجيات تسويقية فعالة تُعزز ارتباط العلامة التجارية بالجمهور.
سلبيات الانسياق وراء الترند في العصر الرقمي
الترند، رغم فوائده العديدة في تعزيز الشهرة وزيادة التفاعل، يحمل بعض السلبيات التي قد تؤثر سلبا على الأفراد والشركات على حد سواء. من أبرز هذه السلبيات هو “الاستغلال السطحي” للقضايا والمشاعر. على سبيل المثال، في حملات التسويق التي تتماشى مع ترندات معينة مثل قضايا اجتماعية أو إنسانية، قد تبدو الشركات غير صادقة أو تستغل الأحداث المأساوية لأغراض تجارية فقط. هناك العديد من الأمثلة على ذلك، مثل الحملات الإعلانية التي تتبنى قضايا البيئة أو حقوق الإنسان خلال فترات زمنية قصيرة، دون أن تكون هذه الشركات ملتزمة فعليًا بهذه القضايا في حياتها العملية.
إضافة إلى ذلك، قد يؤدي التسرع في الانخراط في الترندات إلى “تجاهل الجودة” في المحتوى. العديد من الشركات والأفراد يسارعون إلى المشاركة في الترندات دون أن يكون لديهم الوقت الكافي لإعداد محتوى مبتكر وذو قيمة حقيقية، مما يؤدي إلى ظهور محتوى سطحي أو تقليدي لا يضيف جديدًا للمجتمع.
مثال على ذلك هو بعض الشركات التي تستخدم ترندات مثل تحديات الرقص على وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لجذب الانتباه، لكن دون أن تتناسب هذه الأنشطة مع قيم ورسالة العلامة التجارية، ما يؤدي إلى رد فعل سلبي من الجمهور. كما يمكن أن يشجع الترند على “الإفراط في التكرار”؛ حيث تجد أن الكثير من الناس والشركات يتبنون نفس الترندات في وقت واحد، مما يجعل المحتوى يفقد بريقه ويصبح مملًا. على سبيل المثال، في بعض الحالات، تتكرر نفس الأفكار والمحتوى، مما يجعل الجمهور يفقد اهتمامه بسرعة
لكن ما سبق ذكره لا يقلل من منافع الترند الذي يمكن أن يكون أداة قوية في جذب الانتباه وتعزيز التفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي. من خلال الانخراط في الترندات، يمكن للشركات أو الأفراد الوصول إلى جمهور واسع بسرعة وفعالية، وزيادة الوعي بالعلامات التجارية أو القضايا المهمة. كما يساعد الترند في تفعيل الحملات الإعلانية، حيث يصبح المحتوى أكثر قابلية للمشاركة والتفاعل، مما يعزز من التفاعل الرقمي. يمكن أيضًا أن يساهم في خلق تواصل اجتماعي مثمر من خلال مناقشة المواضيع الشائعة ورفع الوعي بالقضايا المعاصرة.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله