
يمثل عام 2024 نقطة تحول جوهرية في مسار التطور و”التحول الرقمي”، حيث تتعزز قدرة التكنولوجيا على ربط الأفراد والأجهزة بشكل غير مسبوق.
ومع التقدم الملحوظ في مجالات الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والاتصالات، تتسارع خطى الرقمنة عبر مختلف القطاعات، مما يعزز مكانة المنطقة كمركز رائد في الابتكار التكنولوجي.
تطور شبكات الاتصالات ودورها في “التحول الرقمي”
يشهد هذا العام توسعًا في استخدام “التحول الرقمي” على غرار شبكات الجيل الخامس والنصف (5.5G)،
التي تعد تطورًا متقدمًا لتقنيات الجيل الخامس (5G)، ما يمنحها القدرة على إحداث نقلة نوعية في قطاع الاتصالات.
ومن المتوقع أن تسهم هذه التقنية في توسعة نطاق الأجهزة المتصلة،
حيث تشير التقديرات إلى أن عدد الأجهزة المرتبطة بالشبكات عالميًا سيصل إلى نحو 30.9 مليار بحلول عام 2025.
بفضل إمكانياتها المتطورة، توفر “التحول الرقمي” من خلال شبكات الجيل الخامس والنصف زيادة في سرعة الاتصال تصل إلى عشرة أضعاف،
ودعمًا هائلًا لنقاط الاتصال، مما يسهم في تعزيز التجربة الرقمية التفاعلية في الزمن الفعلي.
وقد كانت دول مجلس التعاون الخليجي سبّاقة في تبني هذه التقنية،
مما يساعد على تحسين خدمات القطاعات الحيوية مثل النقل الذكي، والرعاية الصحية، والخدمات المالية، مع تقليل المخاطر الأمنية.
“التحول الرقمي“… القوى المحركة للعصر الذكي
وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة “بي دبليو سي”، له علاقة بـ “التحول الرقمي” من المتوقع أن يضيف الذكاء الاصطناعي 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030،
حيث ستستحوذ منطقة الشرق الأوسط على نحو 320 مليار دولار من هذا النمو.
وتعد استثمارات الحكومات في تقنيات الاتصالات الحديثة من العوامل الأساسية وراء هذا التوسع،
حيث توفر هذه التقنيات بيئة خصبة لتكامل الذكاء الاصطناعي مع الحوسبة السحابية، مما يسهم في تحسين العمليات وتعزيز الكفاءة.
التكامل بين الذكاء الاصطناعي والسحابة الإلكترونية يفتح الباب أمام عصر جديد من التحولات الرقمية،
حيث يمكن لهذه التقنيات التكيّف بمرونة مع احتياجات المستخدمين وتعزيز تجاربهم.
كما أن تبني أنظمة سحابية متطورة، مثل نماذج “بانجو” التي أطلقتها هواوي والمصممة لدعم الذكاء الاصطناعي باللغة العربية، يسهم في تحسين كفاءة الأعمال وتقديم حلول أكثر تخصيصًا لمختلف القطاعات.
“التحول الرقمي” نحو بناء جيل تقني جديد لمواكبة التحولات الرقمية
مع تسارع “التحول الرقمي” والتحولات التقنية، تتزايد الحاجة إلى كوادر مؤهلة في مجالات مثل الأمن السيبراني وتحليل البيانات والحوسبة السحابية.
وتشير تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن 44 بالمائة من المهارات الحالية للعمال ستصبح غير صالحة بحلول عام 2028، بينما سيحتاج 60 بالمائة منهم إلى تدريب إضافي قبل عام 2027.
بناء قدرات وطنية قادرة على قيادة هذه التغيرات يجب أن يكون ضمن أولويات الدول،
وذلك من خلال شراكات بين الحكومات والمؤسسات الأكاديمية وقطاع التكنولوجيا لسد الفجوة بين التعليم ومتطلبات سوق العمل.
ومن بين المبادرات التي تساهم في ذلك برامج تدريبية مثل “بذور من أجل المستقبل”،
ومسابقات تقنية المعلومات، وأكاديميات التدريب المشتركة التي تديرها كبرى الشركات العالمية.
“التحول الرقمي”نحو مستقبل أكثر شمولًا واستدامة
إلى جانب تعزيز المهارات بفضل “التحول الرقمي”، يجب أن تسعى المؤسسات إلى تحقيق توازن بين الجنسين في القطاعات التقنية، وضمان دمج الحلول مفتوحة المصدر في هذه المنظومة.
كما أن تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، والالتزام بالمعايير الدولية، سيؤدي إلى بيئة أكثر تنافسية وجذبًا للاستثمارات.
إن مستقبل “التحول الرقمي” مرهون بالقدرة على تطوير بنية تحتية قوية،
واعتماد استراتيجيات ذكية، وتأهيل قوى عاملة قادرة على قيادة دفة التكنولوجيا،
مما يجعل المنطقة لاعبًا رئيسيًا في رسم ملامح الاقتصاد الرقمي العالمي.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله