
تمر اليوم سنة عن تأسيس دار الذكاء الاصطناعي بمقر جامعه الجزائر 1 بن يوسف بن خده بالنفق الجامعي من طرف السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغره. وقد تم استقبال يومها كما تم استقبال 13 جامعه بـ 40 مشروعا في الذكاء الاصطناعي حيث قام الطلبه اصحاب مشاريع بتقديم شروحات وافية لمشاريعهم.
تعتبر دار الذكاء الاصطناعي همزه وصل بين مختلف الباحثين المتميزين والشركاء الاجتماعيين من أجل تجسيد المشاريع على ارض الواقع والدفع بالجزائر قدما في مجال الذكاء الاصطناعي وتحقيق التنمية المحلية والتنمية الوطنية في إطار البحث العلمي الجاد. في سياق متصل، يحظى الذكاء الاصطناعي باهتمام واسع في الوسط العلمي الجزائري. وفي هذا الإطار تم إنشاء مدرسة وطنية عليا للذكاء الاصطناعي، افتتحت في الموسم الجامعي 2021-2022. بحيث توفر هذه المدرسة تكوينا عالي المستوى للطلبة في مهارات الذكاء الاصطناعي، وتعد لبنة إضافية للمدارس العليا للإعلام الآلي في البلاد، إلى جانب التركيز الساسي على الابتكار وتطوير الذكاء الاصطناعي، بحسب خبراء، للاستفادة من ثماره في قطاعات أساسية متعلقة بالصحة والأمن الغذائي والتربية والطاقة والتنمية المستدامة.،
الإعتماد على الخبراء الجزائريين في الخارج
إعتمدت الجزائر في تطويرها للذكاء الإصطناعي على الاستفادة من تجارب الخبراء والمختصين الجزائريين الذين ينشطون خارج الوطن في مجالات الابتكار والذكاء الاصطناعي واقتصاد المعرفة، وعليه تم تنظيم أول ندوة نظمت بالجزائر العاصمة، سميت بـ “المحاضرة ” تلتها ندوات أخرى في الجزائر كلها تصب في مجال الذكاء الاصطناعي. حيث أكد يومها الباحث في (سيليكون فالي) بولاية كاليفورنيا الأميركي مراد بوعاش، وهو أيضا من بين أشهر الكفاءات الجزائرية المشهود لها في الخارج، في ميدان الذكاء الاصطناعي، وبدأ تجربته العلمية من الجامعة الجزائرية، ليفرض نفسه في أكبر مراكز البحث والجامعات العالمية واشتغل المهندس في الذكاء الاصطناعي، مسؤولا للبرمجيات في عملاق الإنترنت “ياهو”، كما أطلق مشروع مركز للذكاء الاصطناعي بجامعة سكيكدة شرقي الجزائر، بالشراكة مع الجامعة وجمعية “اي تاك” لطلبة الإعلام الآلي: “كل بلد يطوره أبناؤه، سواء المتواجدين في الداخل أو بالخارج، أؤمن بأن الجزائريين هم الذين يطورون بلدهم، لذلك أنطلق في مهمتي مع أبناء بلدي لتطوير هذا التخصص، سواء مع النخبة المتواجدة بالخارج أو من هم في الجزائر ويملكون مهارات عالية”.
الجزائر والبحث عن مكانة لها في عالم الذكاء الإصطناعي
حيث يؤكد الخبراء بأن سوق الذكاء الاصطناعي يبلغ 379 مليار دولار في العالم، 40 بالمائة من المبلغ متواجد في الولايات المتحدة، وما تبقى في الصين وباقي العالم، وعليه فإنّ الجزائر عليها مُلزمة بإيجاد مكانة لها على خارطة الذكاء الاصطناعي في العالم، من خلال ضرورة تعميم الرقمنة لإخراج البيانات، لأنها بمثابة الكهرباء الجديدة والبيانات هي نفط المستقبل، برأي الخبراء. ناهيك عن ضرورة توسيع نجاح المؤسسات الجزائرية الناشئة، والعمل على تحويل هذه المؤسسات للاعتماد على نفسها في التمويل، وبالتالي تتجه لاستحداث الثروة ودعم الاقتصاد الوطني. ولكن قبل كل هذا، لا بدّ من الاهتمام بالخبرات الجزائرية وتمويل هذه الاستراتيجية، للوصول إلى تطبيقات وحلول في ميدان الطاقة.
أساتذة ودكاترة جزائريون يغزون الذكاء الإصطناعي
منذ ظهوره مع مطلع الألفية الثالثة، تحوّل الذكاء الاصطناعي يفرض نفسه بكل ما تعنيه من مفاهيم في كل القطاعات الحيوية وعلى كل المستويات في العالم، وفي الجزائر رغم أنه لا يزال في خطواته الأولى وعبارة عن تخصص يدرسه الطلبة، ومن حين لآخر بعض مشاريع لأفكار هنا وهناك بدأت تلقى دعما قويا من المؤسسات الحكومية، خاصة وانّ رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون يحرص شخصيا على دخول الجزائر بقوة في عالمي الرقمنة والذكاء الإصطناعي مع توفير كل الظروف البشرية والمادية، إلا أنه يسير في الطريق الصحيح وبدأت ملامحه تلوحُ في الأفق من خلال بعض النماذج للأساتذة والدكاترة الجزائريين الذين ابلوا البلاء الحسن في هذا المجال.
وعليه فإنّ التكنولوجيا الحديثة مهدت الطريق من خلال “علوم البيانات: لتصبح في المرتبة الأولى من حيث التأثير على التنمية الاقتصادية والاجتماعية ليس فقط في الجزائر بل في كل العالم.
من جهته الدكتور مصطفى عواش، مدير فرقة بحث بمركز التكنولوجيات المتطورة ببابا أحسن، الذي تحوّل من مجرد مستخدِم للرقمنة وباحثٍ في التكنولوجيا قبل سنوات إلى مُبتكِر لمشاريع تقوم على نظرية الذكاء الاصطناعي، شجعته هذه التحفيزات الحكومية في محاولة توظيف “خوارزميات الذكاء الاصطناعي” التي تلقاها طيلة فترة تكوينه،
من جهته، يقول يقول عُضو مجلس التجمّع الجزائري للناشطين في الرقميات يزيد أقدال:” إنّ الذكاء الإصطناعي كعلم قائم بذاته ظهر رسميا سنة 1956 في كلية (دارتموث) في هانوفر بالولايات المتحدة الأمريكية، لكنّه لا يزال شديد الحداثة في الجزائر والدول العربية الأخرى.” وأضاف مستطردا:” الذكاء الاصطناعي على أنه برامج معلوماتية قابلة للتطور، يتم تدريبُها وتغذيتها بمعلومات عبارة عن تجارب إنسانية، لتمنح لاحقا أجوبة مختلفة في ميادين متعدّدة، وتقارب ذكاء الإنسان، وتهدف هذه البرامج، إما إلى تعويض الإنسان أو مساعدته في رفع الإنتاجية والفعالية في الأداء”. وعليه، حسب رأيه دائما، فإنه يُشتَرط للاستفادة من نظرية الذكاء الاصطناعي في الجزائر، “ضرورة التخلي عن طرق التسيير الورقية البالية والانتقال إلى الرقمنة بالسرعة القصوى”,
إن تجارب الذكاء الإصطناعي في الجزائر لم تقف عند هذين النموذجين بل تمّ في ظرف قياسي توثيق 7 مشاريع جديدة، كلها تحاكي الآلة، بحيث قدّم أصحابُها حلولا غير مسبوقة لقطاعات الاقتصاد والصحّة والتعليم والأمن، بعضها خرج من المختبرات ويخضع حاليا للتجريب في الميدان.، ناهيك عن البرنامج الذكّي لجمع النفايات (إي بين)، الذي اقترحه الأستاذ سهيل ڨسوم، صاحب شركة ناشئة جزائرية (سمارت دريلينغ كوربورايشيون)
لم يكن الأستاذ سهيل قسّوم الوحيد الذي طور تطبيقات لمجمع سوناطراك، بحيث تم أيضا تسجيل للباحثة بارودة آسيا رفقة زميل لها بمركز تنمية التكنولوجيات المتطوّرة، ببابا أحسن بالجزائر العاصمة، تطبيقًا هو عبارة عن واجهات (جافا) يحدّد أماكنَ تواجد المعادن في الصخور، ويسجّلها في ملفات عبر تقنية الذكاء الاصطناعي، كما قام الباحثان العمل على المشروع الذي استغرق 30 شهرا، بعد زيارة مسؤولي الشركة النفطية إلى المركز وطرح مشاكل يبحثون عن حلّها بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
ونموذج جزائري آخر، السيد سعيد باباسي، صاحب شركة ناشئة (إيمتيديا)، عن يقترح التطبيقات التربوية، كحلول لتلاميذ المتوسطات والثانويات، عبر منصة (المعلم الآلي)، وهي أول منصة تعليمية تفاعلية في الجزائر، تعتمد طريقة دروس الدعم غير الممنهجة. هذا التطبيقُ الذي دخل الخدمة يقوم بتسهيل تلقي التلاميذ للمعلومات، والربط بين التلميذ، والمعلم والوليّ،
من جهته، السيد بن غرابي مسعود، رئيس فرقة البحث البيومتري وأمن الوسائط المتعددة بمركز التكنولوجيات المتطورة، أقترح كاميرا ذكيّة، مربوطة بشبكة أنترنت، تتيح التعرُّف على الأشخاص وتسجّل وجودهم حتى في حال ارتداء النظارات والكمامات. وتقوم الكاميرا بذلك عبر تدوين إعدادات الوجه ومعالمه، على خلاف الكاميرات المفتقِدة للذكاء الاصطناعي التي تُسجِّل فقط صورة الوجه القابلة للتغير في كل مرة، وسيتم اقتراحُ هذا الحل على وزارة الداخلية وحتى الشركات المهتمة بالتطبيقات الأمنية.
بقلم: مـحـمـد الأمـيـن