تكنولوجيا

البصمة الرقمية بين الخصوصية والتتبع الخفي

تعد البصمة الرقمية من أبرز الأدوات التي تتيح للجهات المختلفة تتبع الأشخاص عبر شبكة الإنترنت والعثور عليهم بسهولة. وربما تكوين صورة أولية عن شخصياتهم وهوياتهم. إذ يمكن أن تتحول إلى وسيلة دعائية تستخدمها الشركات في توجيه الإعلانات وتخصيصها لتتلاءم مع كل فرد على حدة. غير أن هذه الميزة لا تخلو من مخاطرها. حيث يمكن أن تستغل أيضا في ممارسات التجسس أو التحضير لهجمات احتيالية قائمة على الخداع. وهو ما يجعلها سلاحا ذا حدين يفرض على المستخدم التفكير في كيفية تقليل آثارها وحماية نفسه من انعكاساتها.


 

ما هي البصمة الرقمية وكيف تتشكل

قبل محاولة تقليص حجم البصمة الرقمية أو التخفيف من اثارها. يجب أولا فهم طبيعتها واليات تكوينها. فهي تتضمن كل أثر يتركه الإنسان أثناء استخدامه شبكة الإنترنت سواء برغبته أو دون علمه. فعندما يقوم المستخدم برفع صور أو مشاركة منشورات أو إرسال رسائل بريد إلكتروني. فإنه بذلك يكوّن بصمة رقمية نشطة تضاف إلى سجله على الشبكة. بينما تشمل البصمة الرقمية غير النشطة ما يتم جمعه من بيانات دون إذن أو دراية مثل سجلات البحث وملفات التتبع. والارتباط التي تدمجها المواقع في صفحاتها هذه الأخيرة.

بدورها قد ترتبط مباشرة بمنصات التواصل الاجتماعي. لتسمح لها بتجميع بيانات متداخلة عن المستخدم. مما يعقد مهمة السيطرة عليها. وتعتبر ملفات الارتباط من أبرز الوسائل التي تسهم في تشكيل البصمة الرقمية . إذ تتتبع نشاط الشخص عبر مختلف المواقع وتربط ذلك بما يفعله على المنصات الأخرى. وبذلك تكتمل صورة واسعة ودقيقة عنه قد لا يكون مدركا لمدى شموليتها أو عمقها.

 

صعوبة التحكم في البصمة الرقمية

لا يمكن لأي شخص إزالة بصمته الرقمية بشكل كامل أو محوها من شبكة الإنترنت. خاصة في ظل الاعتماد الواسع على الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي. إلا أن هناك إمكانية لتقليل حجم هذه البصمة عند استخدام الحواسيب من خلال التحكم في كمية البيانات. التي تتم مشاركتها عبر المتصفحات. إذ تسمح معظم المتصفحات بإدارة اليات التتبع وحذف ملفات الارتباط بانتظام. وهو ما يخفف من وضوح البصمة ويجعل عملية التتبع أكثر صعوبة.

وتوجد أيضا متصفحات تضع الخصوصية في المقام الأول وتحد من إمكانية جمع بيانات المستخدم بشكل موسع.لكنها ليست سوى حل جزئي لأن الاعتماد المتزايد على التطبيقات والمنصات الاجتماعية يعيد إنتاج البصمة الرقمية. باستمرار حتى وإن قل أثرها في بعض الجوانب.

والجدير بالذكر أن المواقع الإلكترونية نفسها، قد تزرع في صفحاتها شفرات برمجية تمكنها من متابعة نشاط المستخدم داخلها، وربطه بما يقوم به خارجها وهو ما يزيد من صعوبة السيطرة على الصورة الكاملة للبصمة الرقمية.

 

أدوات قياس البصمة الرقمية

برزت في السنوات الأخيرة عدة أدوات تقنية تساعد المستخدمين على اختبار حجم البصمة الرقمية التي يتركونها على الشبكة، من أبرزها أداة طورها مركز معني بالحقوق الرقمية، أطلق عليها اسم كاشف البصمة، إذ تعمل على قياس مدى قدرة المتصفح الذي يستعمله الشخص على حماية بياناته ومنع تسربها إلى أطراف خارجية،وتعتمد الأداة على إرسال سلسلة من الطلبات إلى المتصفح ثم تحليل استجابته لتحديد كمية البيانات التي يتم جمعها منه، وعرض نتيجة توضح للمستخدم مستوى الحماية التي يتمتع بها ومدى وضوح بصمته الرقمية، وبذلك يستطيع أن يقرر إن كان بحاجة إلى تعديل إعداداته أو تغيير المتصفح الذي يعتمد عليه.

وقد تبين من خلال تجارب تقنية موسعة، أن نتائج هذه الاختبارات لا تختلف كثيرا بين المستخدمين بل إن الفوارق تعود غالبا إلى الإضافات أو الأدوات التي يثبتونها في متصفحاتهم لا غير، وقد أظهر اختبار لمجموعة من أشهر المتصفحات في العالم أن أحجام البيانات التي يخلفونها متقاربة بدرجة ملحوظة،إذ إن الغالبية تعتمد على نواة تقنية واحدة تؤدي إلى إنتاج حجم ثابت من البيانات فيما تميز متصفحان اثنان فقط بكونهما الأقل من حيث كمية المعلومات التي يتركانها وراءهما.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى