الحدثتكنولوجيا

الإعتماد على الهيمنة التنافسية في الإبتكار

المؤسسات الناشئة في الجزائر والقدرة على الصعود التنافسي في الأسواق

لا يمكن الجزم بتعريف واحد بالنسبة للمؤسسات الناشئة، بحيث هناك العديد من التعاريف  حسب ما أكده الخبراء، ولعل من أهمها: أنها مؤسسة تسعى لتسويق وطرح منتج جديد أو خدمة  مبتكرة تستدف بها سوق كبير، وبغض النظر عن حجم الشركة،أو قطاع أو مجال نشاطيا. كما أنها تتميز بارتفاع عدم التأكد ومخاطرة عالية في مقابل تحقيقيا لنمو قوي وسريع مع احتمال جنيها الأرباح ضخمة في حالة نجاحها.

 من هذا المنطلق تشغل المؤسسات الناشئة حيزا هاما في خارطة الإقتصاديات المعاصرة، وتُعدُّ أحد مفاتيح التنمية الإقتصادية المستمرة، وعليه فإنّ الجزائر قد أولت إهتماما بالغا لهذه المؤساسات الناشئة خاصة منذ انتخاب السيد عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية، وقد دعّمها بترسانة من القوانين التي تضبطها وتسيرها وتساعد على تفعيلها واستقلالياتها أكثر من أي وقت مضى، بل حث كل الحكومات المتعاقبة على مرافقتها ومد جسور التعاون معها وتذليل كل الصعاب أمامها على غرار المسائل المالية المُتعلّقة بالتمويل البنكي. وأصبحت المؤسسات الناشئة  بفضل هذه الإمتيازات الإستثنائية والإجراءات القانونية العاجلة والتدابير المتسارعة تلعب دورا هاما في تطوير مُحتوى الإقتصاد الوطني من خلال تدعيم المتغيرات الإقتصادية وتدعيم الدور الذي تقوم به في خدمة المشروعات الكبرى التي أشادت بالمؤسسات الناشئة في منحاها التصاعدي المُلفت للإنتباه، ولعل هذا ما أكسبها شهرة أكبر أصبحت من خلالها تؤثر إيجابا على حصة تلك المؤسسات في مختلف المتغيرات الإقتصادية.

تنمية القدرات وتكثيف الجهود ومضاعفة الإبتكار وتنويع الإبداع

 وبرأي الخبراء الإقتصاديين في الجزائر، يؤكدون بأنّ عدد المشروعات الصغيرة لم يتوقف عن التزايد في البلاد لمواجهة الأسواق محليا وحتى عالميا، ويبدو أن الفكر التقليدي الذي يحرص على زيادة الوحدات الإقتصادية المترابطة الكبرى لم يعد ملائما بل أنّ المؤسسات الناشئة بدأت في تجاوزه مع مرور السنوات وأصبحت تعتمد بالأساس على الهيمنة التنافسية، وعليه، بدأت ملامحها تلوح في الأفق من خلال تحقيق التطور الإقتصادي، باعتبارها أولا كعامل هام للمنافسة، وثانيا راجع للطبيعة الخاصة التي تميز تلك المؤسسات عن غيرها وعليه أصبحت الآن بفضل تنمية قدراتها وتكثيف جهودها ومضاعفة إبتكاراتها وتنويع إبداعاتها، تحتل مرتبة وسطى بين المشروعات الصناعية الكبرى والفردية الصغيرة جدا في الجزائر.

توفير فرص العمل للشباب وامتصاص نسب البطالة

 وحسب الدراسات العلمية والموضوعية الحديثة للخبراء، فإنّ القواعد اللازمة للصعود التنافسي بدأت فعلا تتحقّق في الميدان ولم تعد مُجرد توقعات أو أمنيات، وبالتالي أصبحت المؤسسات الناشئة تبني لنفسها أسواقا تميزها عن غيرها بأنّها أكثر قدرة على الصعود التنافسي، لما تمتلكه إستثناء من ميزة الإبداع والإبتكار، ولعمري، هذا ما يزيد من التنافس فيما بينها، بحيث وكلما كان النشاط الإقتصادي الخاص بكل واحدة منها مزدهرا، فإن عدد المؤسسات الراغبة في التقدم إلى هذا النشاط يكون كبيرا وقبلا للارتفاع بوتيرة مُتباينة. كما أنّ هذه المؤسسات الناشئة في نفس الوقت أكدت قدرتها الفائقة في توفير فرص العمل للشباب خاصة الجامعيين والمساهمة في امتصاص نسب البطالة، وبإمكانها مُستقبلا بعد تطوّرها أكثر من تأمين نسب عالية من حجم التوظيف، ويمكن دون مبالغة، إعتبارها  أكثر ديناميكية من المشروعات الكبرى في مجال إستحداث الوظائف، والحد من عوامل الهجرة إلى مناطق الجذب السكاني بشكل خاص، وهذا راجع أيضا لقدرتها على التعدد داخل كافة القطاعات، وعلى نطاق جغرافي واسع. بحيث لم يعد اليوم تواجدها في مجال إقتصادي معيّن أو محتكر بل فرضت وجودها في كل القطاعات الديناميكية والمجالات الحيوية، لأنّ ما يُميّزها عن غيرها هي الفكرة الجديدة المختلفة والمبتكرة إلى جانب المخاطرة الشديدة التي تواجها، لأنها في الأصل تنطلق من رواد أعمال بالدرجة الأولى وليس من شركات كبيرة مع تمويل هائل.

الرقمنة والذكاء الصناعي مفاتيح النجاح

 وليس أخيرا فإنّ المؤسسات الناشئة الجزائرية دخلا عالم التكنولوجيا الحديثة من بابها الواسع، وأصبحت مُعظمها تولي اهتماما بالغا للرقمنة وللذكاء الصناعي بوصفهما المفاتيح الحيوية لإقتصاد متطور وعالمي بالدرجة الأولى، ومن هنا ستُطوّر استراتيجييها الإقتصادية أكثر باستحداث منصات إنتاج محتواها يعتمد على تقنيات الذكاء الإصطناعي لتوزيع المحتوى المناسب للمستخدمين.

رامـي الـحـاج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى