
في الأشهر الأخيرة، لاحظ عدد كبير من المستخدمين حول العالم ارتفاعًا متواصلًا في أسعار باقات الاتصالات والإنترنت، سواء تعلّق الأمر بخدمات الهاتف المحمول أو الإنترنت المنزلي. هذا الارتفاع أثار موجة من الاستياء بين المستهلكين، خاصة مع تزايد الاعتماد على الإنترنت في العمل والتعلم والترفيه. ورغم اختلاف التفاصيل من بلد لآخر، إلا أن الأسباب الكبرى تبدو متشابهة، وكذلك التأثيرات التي يواجهها المواطنون.
أسباب الارتفاع في أسعار الإنترنت .. التضخم وارتفاع التكاليف التشغيلية
يواجه قطاع الاتصالات تحديات اقتصادية يشترك فيها مع معظم القطاعات الأخرى، أبرزها التضخم. فمع ارتفاع أسعار الطاقة، والمعدات التقنية، والأجور، باتت الشركات تتحمل تكاليف أكبر لتشغيل شبكاتها. ومثلما يحدث في باقي القطاعات، تجد الشركات نفسها مضطرة لنقل جزء من هذه التكاليف إلى المستهلك عبر رفع أسعار الباقات.
تحديث الشبكات وتوسيع البنية التحتية
تزايد الطلب على الإنترنت يُجبر الشركات على تحديث شبكاتها بشكل مستمر، سواء من خلال تحسين سرعات الخدمة أو التوسع الجغرافي، أو التحول إلى تقنيات أحدث. هذه العمليات تتطلب استثمارات ضخمة، خاصة فيما يتعلق بالألياف الضوئية أو تجهيزات الجيل الجديد. ومع ارتفاع أسعار هذه التقنيات عالميًا، تزداد تكلفة تطوير الشبكة، وهو ما ينعكس تدريجيًا على أسعار الباقات.
ارتفاع أسعار الاتصالات والإنترنت .. الاعتماد على معدات مستوردة
تعتمد شركات الاتصالات بشكل كبير على استيراد معدات الشبكات، من أجهزة البث إلى خوادم البيانات. ومع تقلب أسعار العملات وارتفاع الرسوم الجمركية في بعض الدول، تصبح التكلفة النهائية أعلى مما كانت عليه سابقًا، ما يدفع الشركات لإعادة تسعير خدماتها.
الزيادة المتسارعة في استخدام الإنترنت
لم يعد الإنترنت مجرد خدمة ثانوية، بل مكوّنا رئيسيا في الحياة اليومية. استخدام مكثف في المنازل، وتزايد في الجلسات الافتراضية، واستهلاك كبير لمحتوى الفيديو عالي الجودة… كل هذا يضغط على الشبكات ويجبر الشركات على زيادة سعتها، ما يستدعي تمويلًا إضافيًا تغطيه من خلال رفع الأسعار.
عوامل تنظيمية ورسوم حكومية
في بعض الأحيان، تلعب اللوائح والضرائب دورًا مباشرًا في تحديد تكلفة الباقات، فكلما زادت الرسوم المفروضة على شركات الاتصالات للحصول على التراخيص أو استغلال الترددات، ارتفعت تكلفة الخدمة. هذه الرسوم قد تختلف من دولة لأخرى، لكنها تظل أحد الأسباب التي تساهم في ارتفاع الأسعار عالميًا.
تأثيرات الارتفاع على المستهلكين
في الكثير من البيوت، بات الإنترنت خدمة أساسية مثل الكهرباء والماء، لذلك يشكل ارتفاع الأسعار ضغطا على ميزانيات الأسر، خاصة تلك التي تعتمد على أكثر من باقة في المنزل أو لديها عدد كبير من المستخدمين.
شكوى من عدم توافق السعر مع الجودة
يشير كثير من المستخدمين إلى أن الزيادة في الأسعار لم تترافق دائمًا مع تحسن ملموس في جودة الخدمة. فهناك من يشتكي من بطء السرعات أو الانقطاع المتكرر أو استنزاف الباقات بسرعة، وهو ما يعمّق الإحساس بعدم العدالة في التسعير.
تقليل الاستهلاك أو تغيير الباقات
نتيجة ارتفاع الأسعار، يتجه بعض الأشخاص إلى اختيار باقات أصغر أو تقليل استخدامهم لتطبيقات الفيديو والبث المباشر، البعض الآخر يتجه إلى الاعتماد على عروض مؤقتة أو خدمات بديلة أقل تكلفة، مما قد يؤثر على جودة تجربتهم الرقمية.
حلول وخيارات قد تخفّف من أثر الارتفاع
أصبح من المهم للمستهلكين أن يبحثوا عن أرخص الخيارات المتاحة، وأن يجرّبوا المقارنة بين الشركات المختلفة. في كثير من الأحيان، تقدم الشركات عروضًا موسمية أو خصومات تستحق المتابعة.
ترشيد الاستهلاك داخل المنزل
قد يساعد استخدام إعدادات توفير البيانات، وإغلاق التطبيقات غير الضرورية، واستخدام الشبكة المنزلية بدلًا من بيانات الهاتف في تقليل الاستهلاك بشكل واضح.
ارتفاع أسعار الاتصالات والإنترنت أصبح أمرًا ملموسًا لدى الجميع. أسباب اقتصادية وتقنية وتنظيمية تلتقي لتجعل الخدمة أكثر كلفة مما كانت عليه قبل سنوات قليلة. وبينما يشعر المستهلك بالضغط، يُطرح سؤال كبير: هل ستتجه الأسعار إلى الاستقرار أم ستواصل الصعود؟ الجواب يرتبط بتطور الاقتصاد العالمي، وتوازن السوق، وقدرة الجهات التنظيمية على حماية المستهلك.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله



