الــجــامــعــةالثـقــافــة

إحياء لتراث الخط العربي في أوساط الطلبة بجامعة “جيلالي ليابس”

تنظيم ورشة تكوينية بإشراف "عمر فاروق بوقناية"

في خطوة تعكس الوعي المتزايد بأهمية الحفاظ على الفنون الإسلامية الأصيلة، نظّمت كلية الآداب واللغات والفنون بجامعة “جيلالي ليابس“، بالتنسيق مع دار الثقافة “كاتب ياسين”، ورشة تكوينية متخصصة في فنون الخط العربي، أشرف على تأطيرها الخطاط المعروف “عمر فاروق بوقناية”، مدرس علوم وفنيات الخط العربي، وفنان تشكيلي له بصمته الخاصة في هذا المجال العريق.

الورشة التي دُعِي إليها الطلبة والطالبات المهتمون، شكّلت مدخلًا ثريًا لعالم الخط العربي، حيث تم التطرق إلى الأسس النظرية الأولى التي تُعَرّف بهذا الفن العريق، مرورًا بمراحل تطوره، وأنواعه الأساسية والثانوية، وصولًا إلى التطبيقات العملية التي تتيح للمشاركين تجربة هذا الفن بأنفسهم.

وقد تم تعريف الطلبة بالأدوات المختلفة التي يستخدمها الخطاطون، سواء الحديثة منها أو التقليدية، مما أضفى بعدًا عمليًا ملموسًا على محتوى الورشة. وتم خلال هذه الحصص التطبيقية تدريب الطلبة على قواعد الخط العربي الصارمة التي لا يمكن الحياد عنها، وعلى رأسها “نظام السطر”، الذي يُعدّ أساسًا مهمًا لا يمكن إغفاله خصوصًا للخطاطين المبتدئين.

6 حصص تكوينية لكل واحدة بصمتها

امتدت الورشة على مدار ست حصص متتالية، تم خلالها تقسيم المحتوى إلى وحدات موضوعية، حيث خُصّصت كل حصة لدراسة نموذج معين من نماذج الخط العربي. وحرص الأستاذ” بوقناية” على المزج بين الجانب النظري والتطبيقي، عبر ورشات حية وفردية وجماعية، هدفها تقريب الطلبة من هذا الفن الراقي، وتوجيههم نحو كيفية بناء مهاراتهم وفق أسس علمية وأكاديمية.

من كلية الحقوق إلى ريشة الخط

الخطاط “عمر فاروق بوقناية” هو خريج كلية الحقوق والعلوم السياسية، حاصل على شهادة ماستر، غير أن عشقه للفن التشكيلي، وخصوصًا الخط العربي، دفعه إلى سلك مسار إبداعي مختلف تمامًا. فمنذ أن كان طالبًا جامعيًا، وهو يشارك في معارض وورشات، حيث يملك اليوم في رصيده الفني ما يزيد عن 60 معرضًا، عُرضت فيه أعماله الفنية المتنوعة، من لوحات زيتية وفحمية وترابية، إلى أعمال خطية دقيقة ومميزة.

بداية شغفه بالخط كانت على يد أستاذه الراحل “حريري”، الذي أهدى لتلامذته مجموعة من الكتب القديمة الخاصة بالخط العربي، لتكون تلك اللحظة نقطة التحول التي دفعته إلى التعمق في هذا المجال، وصنع اسمه فيه بكل جدارة.

التدريس رسالة ومسؤولية

منذ سنة 2018، دخل الأستاذ “بوقناية” عالم تدريس الخط العربي بشكل رسمي، وشارك في العديد من الندوات التكوينية، مؤمنًا بأن نشر هذا الفن ليس مجرد نشاط فني، بل هو واجب ثقافي وهوياتي، وهو يدعو اليوم جميع الطلبة الذين يملكون موهبة أو ميولًا فنية إلى الالتحاق بالمراكز الثقافية والجامعات، لإبراز مواهبهم وصقلها، والمساهمة في الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية التي يجسدها فن الخط العربي.

الخط العربي يجمع الطلبة في الورشة لنادي “ابن مقلة”

تتواصل الورشة التدريبية لفن الخط العربي التي ينظمها نادي “ابن مقلة للخط العربي” تحت إشراف الخطاط “عمر بوقناية”، لفائدة طلبة كلية الآداب واللغات والفنون بجامعة “جيلالي ليابس”، حيث جاءت هذه المبادرة في إطار سلسلة من الأنشطة الهادفة إلى تطوير مهارات الطلبة وتعزيز وعيهم بجمالية الخط العربي، كإرث فني وثقافي يعكس عمق الهوية العربية والإسلامية، وقد افتُتحت الورشة بملخص حول مفاهيم تم التطرق إليها سابقًا، مثل نظام السطر وعلاقته بالكتابة، وأنواعه والكتلة، إلى جانب كيفية التحكم في حجم الحرف من حيث التمديد والتقليص.

كما خُصص جزء من الورشة لدراسة التشكيل وضوابطه، مع تقديم توضيح حول السطر الخاص بالحركات، والمعروف بـ”السبيل”، لتسهيل اندماج المشاركين الجدد.

مبادرة أكاديمية تحيي فنا عريقا

في زمن تتعدد فيه مصادر التعبير وتتشعب فيه الفنون، يبقى الخط العربي أحد أبرز الفنون التي تجمع بين الجمال، والهوية، والدقة العلمية. ومثل هذه المبادرات الأكاديمية، بقيادة فنانين متفانين كالأستاذ “عمر فاروق بوقناية”، تمثل فرصة حقيقية لإعادة الاعتبار لهذا الفن النبيل، وضمان استمراريته بين أيدي الأجيال القادمة.

فتحي مبسوط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى