
تكشف دراسة حديثة أجرتها منظمة تُعنى بالدفاع عن حقوق المستهلكين، عن مستوى جديد من الأخطار التي ترافق الألعاب الذكية الموجّهة للأطفال الصغار، إذ لم تعد المخاوف ترتبط بالمواد السامة أو البطاريات أو قطع المغناطيس فحسب، بل امتدّت لتشمل مخاطر رقمية تتعلق بالمحتوى والسلوك والخصوصية، مما يضع الأهل أمام تحديات غير مسبوقة في عالم اللعب التفاعلي الذي بات يسمع الطفل ويتحدث معه ويتفاعل معه لحظة بلحظة.
سلوكيات غير ملائمة تسربها الألعاب الذكية
فحصت مجموعة بحثية في الولايات المتحدة 4 ألعاب تعتمد تقنية الذكاء الاصطناعي، ومُسوقة على أنها مناسبة لصغار السن وخلصت إلى وجود مشكلات قوية تهدد سلامة الطفل، إذ رصدت الحديث عن موضوعات حساسة لا تناسب الأعمار الصغيرة، كما قدّمت بعض الألعاب نصائح خطيرة تتعلق بكيفية العثور على أدوات حادة مثل أعواد الثقاب والسكاكين، الأمر الذي يحوّل لعبة يفترض أن تكون آمنة إلى مصدر خطر يقتحم وعي الطفل من دون حواجز.
كما أظهرت الدراسة أن عددا من هذه الألعاب يستخدم تسجيل الصوت والتعرف على الوجه من دون طلب موافقة واضحة من الوالدين، ومن دون توضيح سياسة البيانات التي تحكم آلية جمع الصور والأصوات وتخزينها، مما يثير تساؤلات حول مصير هذه المعلومات الحساسة وكيفية التعامل معها داخل أنظمة اللعبة.
وتشير الدراسة إلى أن الشركات المصنعة للألعاب تعتمد في عدد من منتجاتها على نماذج لغوية مخصّصة أصلا للبالغين، رغم محاولة إضافة مرشحات “ملائمة للأطفال”، إلا أن النتائج بينت أن هذه الحواجز قد تفشل في كثير من الأحيان فيصدُر عن اللعبة محتوى غير متوقع أو محادثة طويلة ومستمرة تشجع الطفل على البقاء أمامها من دون توقف مما يعكس خللا في أنظمة الأمان التي يفترض أن تحمي المستخدم الصغير.
وبحسب الدراسة، فإن هذه الألعاب تتسبب في تداخل غير صحي بين الترفيه والبيانات الشخصية والسلوك، إذ يمكن للعبة أن تسجّل صوت الطفل أو صورته ثم تتفاعل معه بطريقة قد تؤثر على مشاعره وثقته بنفسه، وقد تضعه أمام إرشادات غير دقيقة فيتحول وقت المرح إلى منطقة رمادية تهدد الخصوصية والصحة النفسية والسلامة معا.
مخاطر قديمة تتجدد بصيغة حديثة
ورغم أن الأخطار التقليدية مثل المواد السامة والبطاريات وقطع المغناطيس لا تزال قائمة، إلا أن دخول الذكاء الاصطناعي على خطالألعاب زاد من تعقيد الصورة، إذ أصبحت بعض الألعاب قادرة على مناقشة قرارات الطفل والتشكيك فيها أو دفعه إلى الاستمرار في اللعب بطريقة ضاغطة مما يخلق علاقة غير متوازنة بين الطفل والآلة.
كما أن هذه التقنيات الحديثة تُدمج في ألعاب تبدو في ظاهرها بسيطة لكنها تعتمد على قدرات تفاعلية ضخمة قد تتجاوز قدرة الأهل على المتابعة أو الفهم، خاصة عندما تكون اللعبة قادرة على تخزين البيانات أو تحليلها أو الاستجابة لمختلف الأسئلة المطروحة من الطفل بطريقة قد لا تكون مضبوطة بالكامل.
وتوضح الدراسة أن المخاطر لا تكمن في حجم اللعبة أو شكلها بل في ما تخفيه من قدرات خفية تجعلها قادرة على التفاعل المباشر مع الطفل من دون رقابة حقيقية، الأمر الذي قد يعرّضه لمحتوى غير مناسب من ناحية أو يضع بياناته الشخصية في موقع ضعف من ناحية أخرى.
وتؤكد النتائج أن الطفل قد يتعامل مع اللعبة بوصفها صديقا يمكنه الوثوق به، مما يجعل تأثيرها عليه أعمق من التأثير الذي قد ينتج عن جهاز إلكتروني عادي لأن اللعبة تتحدث وتجيب وتوجه وتُظهر اهتماما ظاهريا بما يقوله الطفل مما يعزز قدرتها على خلق اعتماد نفسي غير مرغوب فيه.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله



