تكنولوجيا

“ألتمان” لا يمانع إدراج الإعلانات في “شات جي بي تي”

في تطوّر لافت في مسار شركة الذكاء الاصطناعي الرائدة، كشف المدير التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”،”سام ألتمان”، عن موقف جديد أكثر مرونة تجاه إدراج الإعلانات ضمن خدمات المنصة الحوارية “شات جي بي تي”، وعلى الرغم من أنه لطالما أعرب عن تحفظه إزاء هذا التوجه،فإن تصريحاته الأخيرة أظهرت انفتاحًا غير مسبوق على الفكرة، في وقت تتسابق فيه كبرى الشركات التكنولوجية لدمج الإعلانات داخل أدوات الذكاء الاصطناعي.

وفي أولى حلقات البرنامج الصوتي الرسمي للشركة،قال ألتمان إنّه “لا يعارض إدراج الإعلانات” في خدمات “شات جي بي تي”، مضيفًا: “صراحةهناك نماذج دعائية تعجبنيكالتي أراها في بعض المنصات المرئية، وقد اشتريت بالفعل العديد من المنتجات من خلالها”، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن تطبيق هذه الفكرة يتطلب دقة وحذرًا شديدين.

 

التمويل الضخم يؤخر الحاجة للإعلانات… لكن حتى متى؟

 

حتى اللحظة، لم تعتمد “أوبن إيه آي” على الإعلانات كمصدر رئيسي للعوائد، ويُعزى ذلك إلى تمويل ضخم جمعته الشركة خلال الفترة الماضية، حيث أبرمت في مارس 2025 جولة استثمارية، خاصة تُعد الأضخم في تاريخ شركات التكنولوجيا، بلغت قيمتها 40 مليار دولار، كما حصلت على دعم إضافي بلغ 6.6 مليار دولار من شركتي”مايكروسوفت” و”نفيديا” في أكتوبر 2024، إلى جانب عقد بقيمة 200 مليون دولار مع وزارة الدفاع الأمريكية .

ورغم هذا الدعم المالي الكبير، فإن تكلفة تشغيل المنصة تتراوح بين 3 إلى 4 مليارات دولار سنويًاوفقًا لتقديرات متخصصة في الوقت نفسه، تسعى الشركة للوصول بإيراداتها خلال عام 2025 إلى ما يقارب 12.7 مليار دولار، وذلك بدفع من قاعدة مستخدمين نشطة تضم أكثر من 20 مليون مشترك .

وفي هذا السياق، يرى عدد من الخبراء أن فتح الباب أمام الإعلانات قد يكون خيارًا استراتيجيًا لتأمين مصادر دخل إضافية في المستقبل، خاصة إذا تغيرت ظروف التمويل أو زادت التكاليف التشغيلية .

 

الفرصة المحتملة

 

لم تكن هذه المرة الأولى التي يُطرح فيها موضوع الإعلانات داخل “شات جي بي تي” ففي عام 2024، وخلال ندوة في كلية إدارة الأعمال التابعة لجامعة مرموقة، وصف ألتمان الإعلانات بأنها “الخيار الأخير”،معبرًا عن تفضيله لتجنب هذا المسار حفاظًا على تجربة المستخدم وجودة الخدمة، لكن تصريحاته الأخيرة تؤكد أن الشركة لم تعد تستبعد هذا الخيار، وأنها ربما تبحث عن “طريقة أنيقة” لتنفيذه.

ويُعتقد أن أحد الأسباب وراء التغيّر في موقف ألتمان، هو النمو المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتحديات المرتبطة بتحقيق التوازن بين التكلفة والعائد. فإدراج الإعلانات، إذا تم بحذر وذكاء يمكن أن يوفر دخلًا مستقرًا دون التأثير سلبًا على جودة الخدمة .

من جهة أخرى، تراقب “أوبن إيه آي” عن كثب تحركات منافسيها، وعلى رأسهم “جوجل”، التي بدأت بالفعل خطوات لدمج المحتوى الدعائي داخل أدواتها الذكية مثل منصة “جيميني”، من خلال تقديم روابط إعلانية مدمجة ضمن الأجوبةفيما يُعرف بالإعلانات المتناغمة مع السياق، وهي تجربة تهدف إلى خلق بيئة دعائية لا تُشعر المستخدم بالتطفل، لكنها تحقق عائدًا فعّالًا للمعلنين.

 

هل نشهد قريبًا تحوّلاً في نموذج العمل؟

 

في ضوء التطورات المتسارعة في هذا المجال، من المرجح أن تتجه الشركات الكبرى لإعادة هيكلة نماذجها التشغيلية، عبر دمج أساليب جديدة للإيرادات سواء من خلال الاشتراكات المدفوعة أو الإعلانات أو حتى تقديم خدمات خاصة للمؤسسات والحكومات .

وفي حالة “أوبن إيه آي”، فإن قرار المضي في إدراج الإعلانات سيكون بحاجة إلى دراسة متأنية لتأثيره على تجربة المستخدم، خصوصًا أن “شات جي بي تي” يُستخدم في تطبيقات تعليمية وأكاديمية وتجارية، وقد تتأثر مصداقية الخدمة إذا شعر المستخدم أن الردود موجهة أو ذات طابع دعائي .

لكن “ألتمان” يبدو حذرًا في هذا المسار، حيث أكد في أكثر من مناسبة أن شركته ستعتمد الشفافية، وستحرص على أن تكون أي إعلانات واضحة وغير مضللة، مشيرًا إلى إمكانية إدراجها بشكل متناغم مع سياق الحديث، دون إزعاج المتلقي أو التأثير على موثوقية الأجوبة.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى