
أكتوبر الوردي” بالمنيعة…. في مشهد إنساني وصحي يعكس وعيا مجتمعيا متناميا، أحيت المؤسسة العمومية للصحة الجوارية بحي 200 مسكن بولاية المنيعة فعاليات “الشهر الوردي” للتوعية حول سرطان الثدي، في مبادرة تجاوزت طابعها الرمزي إلى رؤية وقائية متكاملة تجمع بين الطب، الإدارة والمجتمع.
يُعرف شهر أكتوبر الوردي عالميا، بكونه حملة توعوية أطلقتها منظمة الصحة العالمية منذ الثمانينيات، هدفها رفع مستوى الوعي بسرطان الثدي أكثر أنواع السرطان انتشارا بين النساء وتشجيع الكشف المبكر باعتباره مفتاح العلاج والشفاء.
التزام رسمي ورسائل صحية من قمة الهرم المحلي
افتتح والي الولاية” بن مالك مختار” هذه التظاهرة الصحية مرفوقا برئيس المجلس الشعبي الولائي، ومديري القطاعات الأمنية والصحية. وفي كلمة مؤثرة، أكد الوالي أن هذه الحملة ليست مجرد نشاط صحي، بل “رسالة وطنية تؤكد أن صحة المرأة مسؤولية مشتركة تتجاوز حدود المستشفى إلى عمق المجتمع”، وأضاف أن شهر أكتوبر الوردي هو “رمز للأمل والتضامن مع كل امرأة مصابة، وفرصة للتأكيد على أهمية الكشف المبكر كوسيلة لإنقاذ الأرواح”.
كما دعا الوالي إلى ضرورة دعم المصابات نفسيا ومعنويا، قائلا “علينا أن نزرع في قلوب المريضات البهجة والأمل، لأن الدعم النفسي هو نصف العلاج”، وختم كلمته بتثمين جهود الطواقم الطبية في الولاية، مؤكدا أن ما يُبذل من عمل ميداني “يعكس روح المسؤولية والالتزام بخدمة المواطنات في أبهى صورها”.
القطاع الصحي في الواجهة: تثمين، التزام ورؤية استراتيجية
من جانبه، عبّر مدير الصحة لولاية المنيعة “حمزة فتح الله“، عن امتنانه لكل من ساهم في إنجاح هذه المبادرة، مؤكدا أن الصحة الجوارية هي “خط الدفاع الأول في مواجهة الأمراض المزمنة، وأن التوعية والوقاية هما الأساس قبل أي علاج”.
أما مدير المؤسسة الجوارية” لحسن أولاد الحاج إبراهيم”، فقد شدّد على أهمية الاستمرارية في العمل التوعوي على مدار العام، قائلا: “الوقاية ليست مناسبة موسمية، بل ثقافة نزرعها في وعي المجتمع كل يوم”، وأكد كذلك أن هذه التظاهرة تمثل ثمرة تعاون وثيق بين الأطباء والمجتمع المدني والإدارة المحلية.
تميّزت الفعالية بمداخلات نوعية قدّمت البعد العلمي للموضوع، حيث عرضت الدكتورة “حمزاوي راضية”، أخصائية أمراض النساء، أحدث طرق الكشف المبكر وبيّنت أهمية الفحص الذاتي الدوري. كما قدّم المنسق البيولوجي “عمورة بلوبر” عرضا حول التحاليل المخبرية وآليات التشخيص الدقيق. وفي مداخلة ذات بُعد اجتماعي، أكدت الآنسة “ضيفاني كنزة”، إطار بالمؤسسة، أن نجاح الحملة يعود إلى “الشراكة المتينة بين المؤسسة والمجتمع المدني”، معتبرة أن هذه الأنشطة “رسائل نبيلة لترسيخ ثقافة الوعي الصحي”.
وفي جانب آخر من التظاهرة، تناولت الأخصائية النفسانية أولاد علي صباح الأثر النفسي والاجتماعي للمرض، مشيرة إلى أن الدعم العاطفي والإنصات للمريضات جزء لا يتجزأ من خطة العلاج، مؤكدة أن “تكسير حاجز الخوف والوصم المجتمعي هو بداية الشفاء”.
خلاصة تحليلية: نموذج المنيعة في تعبئة المجتمع لصحة المرأة
أثبتت المؤسسة الجوارية 200 مسكن، أن الوعي الصحي لا يُفرض بقرارات إدارية، بل يُبنى بتكامل الأدوار بين الدولة، الأطباء، والمجتمع. لقد تحوّل “أكتوبر الوردي” في المنيعة إلى منصة تعبئة مجتمعية، تُكرّس ثقافة الكشف المبكر، وتمنح المرأة مكانتها في صميم السياسات الصحية المحلية.
إنّها تجربة تُثبت أن الصحة ليست قطاعا خدميا فحسب، بل مشروع وطني وإنساني يؤمن بأن “الوقاية وعي… والوعي حياة”.
الهوصاوي لحسن