
تحـتـل الأعـراس في الجهات الغربية الجنوبية بولاية تلمسان وخاصة دائرة سيدي الجيلالي والعريشة مكانة خاصة وهامة ضمن التركيبة الثقافية والتقليدية للمجتمع خاصة عرس أولاد نهار، إذ أنه يمثل فاتحة عهد جديد بالنسبة إلى كل فرد من أفراده ونقطة انعطاف هامة في الحياة الفردية والأسرية ويحاط العريس بهذه القبيلة المعروفة بهالة كبيرة من العادات والتقاليد المتوارثة أبا عن جد والتي تشكل عرفا لا يحيد عنه كل من يعتز بالانتماء إليها.
وأولى خطوات 17 هي الخطبة التي كانت في وقت سابق لا يستأذن فيها لا العريس ولا العروسة بفعل قلة الوعي الثقافي والديني لدى أفراد المجتمع آنذاك، فكان الشاب والشابة لا يعيران اهتماما مسألة الاختيار بل إن الأمر كان بيد الوالدين، فهما من يختاران للشاب زوجة وللشابة الزوج المنتظر، وحتى مسألة رؤية أحدهما للآخر كانت غير مطروحة والكل كان مقتنعا بذلك الواقع وأكثر من ذلك هناك من لم يسبق له أن رأى خطيبته حتى يفاجأ بها ليلة الزفاف، ومع ذلك كان كل شيء يسير على أحسن ما يرام ويمكن أن نقول إن هذا الواقع استمر إلى غاية السبعينيات وبعد ذلك بدأت الرؤية تتغير مع حصول نوع من التطور الثقافي والعلمي لدى غالبية الشباب من الجنسين، فإذا ما قرر أحد الشباب الاقتران بفتاة ما فما عليه إلا أن يطلب من أوليائه الاتجاه نحو عائلتها لوضع اللمسات الأولى للخطبة، وفي العادة تقوم الأم رفقة جمع من النسوة الأقارب بالاتصال الأولي بوالدة الشابة فتفاتحها في الموضوع، وفي أغلب الأحيان ترجع الوالدة (والدة الخطيبة) الأمر إلى والدها وإليها، وتستمر المفاوضات بين الأسرتين في عدة جولات قد تطول وقد تقصر، فإذا ما تم قبول الوالد والوالدة والفتاة هاته الأخيرة التي قد تلتزم الصمت وقد تترك الأمر إلى والديها وأسرتها بصفة عامة فإنهما يعلنان ذلك لأولياء الخاطب وبشكل آلي منطلقه العرف السائد يقوم هؤلاء بإتمام إجراءات الخطبة بما يسمى عند أهل المنطقة (الملاك) هذا الأخير الذي يشمل شاة تسمى (شاة الملاك)، مجموعة من الألبسة للخطيبة بما في ذلك خاتم الملاك، إضافة إلى مجموعة من الحلويات المتعددة الأنواع والأشكال، وكذا المصاريف المختلفة وتسمى بـ (العوايد)، وفي ليلة الملاك يقوم أهل الخطيبين بإجراءات العقد الشرعي بحضور ولي أمر كل من الخطيبين ويعلن أمام الحاضرين (الزواج) وبذكر لهم المهر الذي اتفقا عليه على سنة الله ورسوله، و يتوج ذلك بمأدبة عشاء تقوم على شرف الحضور وتختتم بتوزيع الحلويات والشاي عليهم، وفي الجانب الآخر تسمع أهازيج النسوة (أغاني الصف) والزغاريد خاصة عند وصول خبر إتمام العقد بقراءة الفاتحة تقوم إحدى قريبات الخطيب بوضع الخاتم في إصبع خطيبته إعلانا وإشارة إلى أنها أصبحت مخطوبة وعندها تطلق الزغاريد ويستغنى في بعض الأحيان عن هذه الإجراءات ويتم تعويض ذلك بدفع مبلغ مالي لأهل الخطيبة ولكن لا يمكن الاستغناء عن إجراءات العقد الشرعي أو ما يسمى في المنطقة بـ “الفاتحة” وهذه الحالة الثانية تسمى بالدفوع، فهذا هو الفصل الأول من مراحل الزواج في هذه المناطق، ثم يليه فاصل زمني قد يطول أو يقصر تعطى فيه الفرصة للزوجين لتحضير لوازم بيت الزوجية وكذا الزفاف (الدخول الشرعي) وخلال هذه المدة تكون النفقة على عاتق الخطيب بشكل رمزي، وهي تسمى بـ “الفـقـدة” وعادة ما تكون بالمناسبات والأعـياد الدينية.
أمـيـر. ع