تكنولوجيا

أصبحت ضرورة لتحقيق النمو والازدهار

تنظيم أسبوع الرقمنة في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي

 في عالم يتسارع فيه التقدم التكنولوجي أصبح التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي مفتاحا أساسيا للنمو الاقتصادي والاجتماعي في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي مثل غيرها من المناطق، تدرك جيدا أن هذه الثورة الرقمية ليست مجرد مسألة مستقبلية، بل هي واقع ملموس اليوم، ومن هنا تأتي الحاجة الملحة للاستفادة من هذه التحولات لصالح مواطنيها واقتصاداتها.

في إطار هذا السعي، شهدت العاصمة التشيلية سانتياغو في نوفمبر 2024 ، انعقاد أسبوع الرقمنة في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، حيث تجمع ممثلون من أكثر من 35 دولة لمناقشة التحديات والفرص التي تتيحها الرقمنة والذكاء الاصطناعي. بدعم من البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي، وجدت هذه الدول في تحالف الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية والكاريبي الرقمي منصة قوية لتعزيز تحولها الرقمي.

 

كيفية تحسين البنية التحتية الرقمية وتعزيز الشمولية الرقمية للجميع

من 5 إلى 8 نوفمبر 2024، التقى خبراء ومسؤولون حكوميون من الاتحاد الأوروبي ودول أمريكا اللاتينية والكاريبي في سانتياغو ضمن سلسلة من الحوارات السياسية رفيعة المستوى حول الاتصال والشمول والذكاء الاصطناعي، ركزت هذه الحوارات على كيفية تحسين البنية التحتية الرقمية وتعزيز الشمولية الرقمية للجميع وضمان أن الذكاء الاصطناعي يعود بالنفع على المجتمع بأسره.

ناقشت الحوارات مسائل حساسة مثل أمن البيانات والخصوصية وكيفية ضمان أن تؤثر تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل إيجابي على حياة المواطنين، هذا التعاون بين المنطقتين ليس مجرد حوار، بل يتجسد في مبادرات ملموسة سيتم تنفيذها في 2025 لدفع عجلة التحول الرقمي قدما.

يعتبر الاتصال الرقمي بمثابة الأساس الذي يبنى عليه التحول الرقمي، وقد أشار المشاركون في الحوار إلى أهمية استثمارات البنية التحتية الرقمية، وخاصة في تعزيز الاتصال الآمن وتوسيع نطاق شبكات الجيل الخامس، بالإضافة إلى ذلك تم التأكيد على ضرورة استحداث نماذج استثمارية مبتكرة مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتحقيق هذا الهدف.

 

ربط 65 مليون شخص من جامعات ومدارس وشركات عبر القارتين

من بين المشاريع الكبرى التي يقودها الاتحاد الأوروبي في هذا المجال، يأتي (كابل بيلا) الذي يربط بين أوروبا وأمريكا اللاتينية عبر (كابل ألياف ضوئية) بحري يمتد لمسافة 35 ألف كيلومتر، هذا المشروع الهائل ساعد بالفعل في ربط 65 مليون شخص من جامعات ومدارس وشركات عبر القارتين، وسيساهم في توسيع الاتصال ليشمل دولا مثل بيرو وكوستاريكا وغواتيمالا والسلفادور وهندوراس في المراحل القادمة.

لا يمكن الحديث عن التحول الرقمي دون التطرق إلى الذكاء الاصطناعي، فقد أصبحت هذه التقنية قوة دافعة رئيسية في العديد من الصناعات، إلا أن التحديات التي تفرضها تظل مثار نقاش واسع، ناقش المشاركون في الحوارات السياسية كيفية تحقيق التوازن بين استغلال الفرص الاقتصادية والاجتماعية التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، وبين إدارة المخاطر المرتبطة به مثل انتهاكات الخصوصية أو التحيز التكنولوجي.

 

تطوير سياسات وطنية لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي

في هذا السياق، تعمل دول أمريكا اللاتينية والكاريبي على تطوير سياسات وطنية لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، وذلك بالتوازي مع الجهود الأوروبية في هذا المجال، حيث يعتبر قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي نموذجا يحتذى به في تنظيم هذه التقنية بطريقة تركز على حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

إن التحول الرقمي لا يجب أن يستفيد منه فئة معينة فقط من المجتمع بل يجب أن يكون شاملا، ومن هنا تأتي أهمية الشمولية في الخطط الرقمية، حيث ركزت الحوارات على ضرورة توفير اتصال رقمي مستدام ومتاح للجميع، خاصة في المناطق الريفية والنائية.

لتحقيق ذلك، أطلقت شبكة السياسيات الرقمية النسائية التي تهدف إلى دعم النساء العاملات في المجال الرقمي في أمريكا اللاتينية والكاريبي ومساعدتهن على تبادل الخبرات والممارسات الناجحة والمشاركة في صياغة سياسات أكثر شمولا تفتح الأبواب أمام النساء لدخول الاقتصاد الرقمي والسياسة.

 

الرقمنة ليست مجرد خيار

يعتبر التحول الرقمي أكثر من مجرد ربط الناس بالإنترنت، فهو يتطلب بنية تحتية قوية وموثوقة تدعم الابتكار والنمو المستدام من خلال مشاريع مثل (كابل بيلا)، كما يهدف الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز التعاون بين القارتين في مجالات البحث العلمي والتعليم، مما يساهم في مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ وتعزيز التجارة الإلكترونية في المنطقة.

من خلال تحالف الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية والكاريبي الرقمي، تسير القارتان نحو مستقبل رقمي مشترك يقوم على أسس من التعاون والشمولية، هذا التحالف لا يهدف فقط إلى تعزيز الاتصال الرقمي، بل يضع الإنسان في قلب هذه الثورة الرقمية من خلال حماية حقوقه وتعزيز الفرص الاقتصادية للجميع.

إن الرقمنة ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة لتحقيق النمو والازدهار في عالمنا المعاصر وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي والاتحاد الأوروبي يسيرون جنبا إلى جنب نحو هذا المستقبل الواعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى