
مع تسارع وتيرة الرقمنة واعتمادنا المتزايد على التكنولوجيا في كل جوانب حياتنا اليومية، برزت ظاهرة انتحال الهوية كأحد أخطر التحديات الأمنية. هذا النوع من الجرائم السيبرانية، لا يقتصر على سرقة الأسماء فقط، بل يمتد إلى الاستيلاء على المعلومات الشخصية، المالية، وحتى البيانات الحساسة، مما يعرض الضحايا لخسائر كبيرة على الصعيدين المالي والنفسي.
يشير انتحال الهوية إلى استيلاء شخص أو جهة غير قانونية على هوية فرد آخر أو معلوماته الشخصية، واستخدامها لتحقيق مكاسب غير شرعية، قد تشمل هذه المعلومات الأسماء، أرقام الهوية الوطنية، بيانات الحسابات البنكية، أو حتى تفاصيل الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي.
تشمل أشكال انتحال الهوية الرقمي عدة جوانب تهدف إلى استغلال المعلومات الشخصية بطرق غير شرعية لتحقيق مكاسب مختلفة. أحد أبرز هذه الأشكال هو انتحال الهوية المالية، حيث يتم استخدام بيانات شخص آخر لإجراء معاملات بنكية، فتح حسابات ائتمانية، أو تقديم طلبات قروض، مما يعرض الضحية لخسائر مادية كبيرة.
كذلك، يظهر انتحال الهوية عبر الإنترنت من خلال إنشاء حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني، تُستخدم غالبًا في عمليات احتيال أو لتشويه سمعة الضحية. ولا تقتصر المشكلة على الأفراد فقط، بل تمتد إلى المؤسسات فيما يُعرف بـ انتحال الهوية في المؤسسات، حيث يستهدف المحتالون الشركات بانتحال شخصية موظف أو مدير للحصول على معلومات سرية أو تنفيذ تحويلات مالية غير مشروعة. أما على الصعيد الصحي، فإن انتحال الهوية الطبية يُعد تهديدًا آخر، حيث تُستغل معلومات الضحية للحصول على خدمات طبية أو مطالبات تأمين صحي، مما يضيف أعباء إضافية على الضحية ويعرضها لمشكلات قانونية وصحية خطيرة.
لحماية نفسك من انتحال الهوية في العصر الرقمي، يجب اتخاذ عدة خطوات أساسية. أولًا، من الضروري تعزيز الأمان الرقمي من خلال استخدام كلمات مرور قوية وفريدة لكل حساب، بالإضافة إلى تفعيل المصادقة الثنائية (Two-Factor Authentication) التي تضيف طبقة حماية إضافية. يجب أيضًا الحذر من التصيد الاحتيالي، حيث يجب الامتناع عن مشاركة معلوماتك الشخصية عبر الروابط أو الرسائل المشبوهة التي قد تبدو كأنها من جهات موثوقة.
إلى جانب ذلك، من المهم حماية الأجهزة الشخصية بتثبيت برامج مكافحة الفيروسات وتحديثها بانتظام لضمان عدم تعرض الأجهزة للبرامج الضارة. كما يجب التحقق من الهوية الرقمية قبل تقديم أي معلومات شخصية، والتأكد من أن الجهة التي تطلب البيانات موثوقة وأن الموقع آمن. وأخيرًا، ينبغي مراقبة الحسابات البنكية والتقارير الائتمانية بشكل دوري للكشف عن أي نشاط غير عادي، مما يساهم في الكشف المبكر عن محاولات انتحال الهوية وحماية بياناتك الشخصية.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله