تكنولوجيا

أداة واعدة لـ مكافحة الفقر حول العالم

الذكاء الاصطناعي:

أداة واعدة لـ مكافحة الفقر حول العالم

في ظل معاناة مئات الملايين من الفقر المدقع، يبرز الذكاء الاصطناعي كأحد الحلول المبتكرة لمواجهة

هذه الأزمة العالمية.

وفقًا للبنك الدولي، يعيش حوالي 700 مليون شخص على أقل من 2.15 دولار يوميًا، مما يجعل القضاء

على الفقر أحد أبرز أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

ومع التحديات الكبيرة التي تواجه جمع البيانات الدقيقة عن الفقراء، خاصة في المناطق النائية، يقدم

الذكاء الاصطناعي حلولًا فعالة من حيث التكلفة والوقت.

الذكاء الاصطناعي في خدمة التنمية 

أثبتت التجارب الحديثة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة قوية في تحديد الفئات الأكثر احتياجًا.

ففي توغو، خلال جائحة كوفيد-19، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتوزيع مساعدات مالية مباشرة

على الآلاف من القرويين عبر برنامج “نوفيسي” (Novissi)، الذي يعني “التضامن” بلغة الإيوي المحلية.

اعتمد البرنامج على تحليل بيانات الهواتف المحمولة وصور الأقمار الصناعية لتحديد المناطق والأفراد

الأكثر فقرًا، مما ساهم في إنقاذ العديد من الأسر من الجوع.

هذا النهج المبتكر، الذي تم تطويره بالتعاون بين حكومة توغو وباحثين من جامعة كاليفورنيا في بيركلي

ومنظمة “GiveDirectly”، يظهر كيف يمكن للتكنولوجيا أن تعزز جهود مكافحة الفقر.

فالذكاء الاصطناعي قادر على تحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة ودقة، مما يوفر رؤىً قيّمة

حول أنماط الفقر واحتياجات المجتمعات.

 إمكانيات واسعة وتحديات كبيرة 

رغم الإمكانيات الكبيرة للذكاء الاصطناعي، إلا أن استخدامه في مجال مكافحة الفقر لا يخلو من

التحديات.

أحد أبرز هذه التحديات هو التحيز الذي قد تظهره الخوارزميات، مما قد يؤدي إلى استبعاد بعض

الفئات الضعيفة.

على سبيل المثال، قد لا يتمكن الذكاء الاصطناعي من تحديد الأفراد الذين لا يملكون هواتف محمولة

أو أولئك الذين يعيشون حياة متنقلة دون مساكن دائمة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف تتعلق بدقة التحليلات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي.

ففي إحدى التجارب التي أجريت في إفريقيا، تم استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالمناطق

المعرضة للفيضانات وتوزيع المساعدات بناءً على ذلك.

ومع ذلك، تبين أن بعض المناطق لم تتعرض للفيضانات كما توقعت النماذج، مما أدى إلى توزيع

غير عادل للمساعدات.

 التكامل بين التكنولوجيا والطرق التقليدية 

يرى الخبراء أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون مكملاً وليس بديلاً للطرق التقليدية في جمع

البيانات.

فبينما توفر الخوارزميات تحليلات سريعة وفعّالة، تظل المسوح الميدانية ضرورية لضمان دقة

المعلومات وعدالة توزيع المساعدات.

وقد بدأت منظمات دولية مثل البنك الدولي في تبني أدوات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بأزمات

الغذاء والصراعات، وتحليل البيانات لتحسين نتائج برامج المساعدات.

وفي تقريرها الأخير لعام 2024، أكدت المنظمة على أهمية استخدام التعلم الآلي والذكاء

الاصطناعي لسد الفجوات في البيانات وتعزيز جهود مكافحة الفقر.

 مستقبل واعد بشرط التغلب على التحديات 

يظل الذكاء الاصطناعي أداة واعدة في معركة العالم ضد الفقر، لكن نجاحه يعتمد على كيفية

التغلب على التحديات المرتبطة به. من خلال التكامل بين التكنولوجيا والطرق التقليدية، يمكن

تعزيز قدرة الحكومات والمنظمات على تقديم المساعدات بشكل أكثر فعالية وإنصافًا.

في النهاية، يبقى الذكاء الاصطناعي جزءًا من الحل، وليس الحل الكامل.

فمكافحة الفقر تتطلب جهودًا متعددة الأوجه، تشمل تحسين السياسات الاقتصادية وزيادة

الاستثمارات في التعليم والصحة والبنية التحتية، إلى جانب الاستفادة من التكنولوجيا

لتحقيق نتائج أفضل.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى