
العلامة “أحمد بن يحيى الونشريسي” هو “أبو العباس أحمد إبن محمد بن عبد الواحد بن علي الونشريسي”، ولد حوالي 834هـ/1430م الموافق لسنة 1431م بالونشريس بمنطقة الحجالوة بلدية الأزهرية حاليا ونشأ بمدينة تلمسان، تعلم القرآن والكتاب في موطنه الأصلي – الونشريس – وحفظ القرآن الكريم قبل أن ينتقل إلى تلمسان، أين درس العلوم الإسلامية واللغوية وتخرج من مدرستها وكان في طليعة الفقهاء، أخذ علمه من مشاييخ تلمسان كالإمام أبي الفضل قاسم العقباني وولده محمد العقباني والإمام محمد إبن العباس والشيخ أبي عبد الله الجلاب وإبن مرزوق الكفيف والغرابلي وإبن زكري والمازوني.
واختص في تدريس علوم الشريعة والأصول بتلمسان وبالمغرب كثيرا ما كان يدرس بالمسجد المغلق بالشراطين من فاس القرويين المجاور لدار الحبس التي كان يسكن بها، حيث واكب على تدريس المدونة للإمام مالك وكتب إمام الحاجب الفرعي لطلاب العلم والمعرفة مع مشاركة في فنون اللغة والدين وكان منشغلا بالفقه تأليفا وفتيا وتعد منزلته العلمية كالشيخ من شيوخ الأعلام الذين ألفوا وحملوا لواء المالكية على رأس المائة التاسعة، وهو صاحب التآليف العديدة.
فصاحة اللسان والقلم
هذا وقد عرفه المغري في مواضيع من كتابه نفح الطيب، وقال أبن غازي “لو أن رجل حلف بإطلاق وأنه أحاط بمذهب مالك أصوله وفروعه لم تطلق عليه زوجته لكثرة حفظه وتحريه واشتهر بفصاحة اللسان والقلم حتى قال أنه تلاميذه، لو حظر سيباويه لأخذ النحو من فيه ، وقد تخرج على يده الكثير من العلماء والفقهاء وأبرزهم ابنه عبد الواحد والشيخ أبن عباد بن مليح اللمي والشيخ أبو زكريا السنوسي والفقيه محمد بن عبد الجبار الورتدغيري وعبد السميع المصمودي وقاضي فاس محمد بن الغرديسي التغلبي.
إلى جانب حياته العلمية، كان الشيخ المسؤول على أسرة هرب إليها إلى فاس في شهر محرم 874 الموافق لـ جويلية 1469م بعدما نهبت داره وهدد هو وأهله بالأذى والسوء خلال ولاية السلطان الزياني أبي ثابت محمد الخامس المتوكل على الله بسبب مجاهرته بالحق وعدم خوفه في الله لومة لائم، حيث استقبل هناك بالحفاوة والإكرام، وتوفي العلامة الونشريسي رحمه الله في 20 صفر (914هـ) الموافق لـ 20 جويلية 1508م، حيث صادف يوم الثلاثاء الماضي عن عمر يناهز الـ 80 عاما، حسب ما ذكر البغدادي في كتابه هداية العارفين.
مــؤلــفــاتــه
من مؤلفات العلامة “أحمد بن يحيى الونشريسي رحمه الله، كتاب المعيار المعرب عن فتاوى علماء إفريقيا والأندلس والمغرب في ستة أسفار كبرى مطبوع في 12 مجلدا، وإيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك به نحو (100) قاعدة فقهية وكتاب آخر بعنوان المنهج الفائق والمنهل الرائق والمعنى اللائق بمآدب الموثق وأحكام الوثائق، وتعليق على مختصر، ابن الحاجب في ثلاثة أجزاء ومؤلفات أخرى تقدر بـ 11 مؤلفا وهي كالآتي: أجوبة فقهية أو فتاوى الونشريس، فهرسة بأسماء شيوخه في ثلاثة كراريس، وفيات الونشريسي وهو ذيل لكتاب شرفي طالب أسنى المطالب، إضاءة الحلل في الرد على من أفتحى بتضفي الراعي المشترك، ترجمة أحمد المقري جد أحمد المقري، كتاب الولايات في مناصب الحكومية الإسلامية والخطط الشرعية، القواعد الشرعية، الفروق الفقهية، عدة البروق في المذهب من الجموع والفروق وغيرها من المؤلفات الأخرى …
ومما تجدر الإشارة إليه في الأخير أنه تم بتيسمسيلت خلال السنوات الأخيرة تنظيم المناظرة الوطنية الثانية حول الميراث الفكري للعلامة أحمد بن يحيى الونشريسي بولاية تيسمسيلت، تكريما لروح الفقيه العالم والمفكر الجزائري الفذ الإمام الونشريسي، المناظرة أطرها أساتذة جامعيون من مختلف الجامعات الجزائرية، وقد عرفت صدى لدى الحضور الذين ثمنوا لمثل هذه الملتقيات لتسليط الضوء على أعلام الجزائر ومؤلفاتهم.
جطي عبد القادر