
في خطوة جديدة تحمل أبعادا استراتيجية في عالم التقنية الرقمية، أعلنت شركة “بيربليكسي” عن إصدار أول متصفح ويب ذكي خاص بها يحمل اسم “كوميت”، حيث تسعى من خلاله إلى إعادة تشكيل الطريقة التي يعتمدها المستخدمون في البحث عن المعلومات عبر الإنترنت.
محرك مدمج ومساعد دائم
يأتي متصفح “كوميت” مدعوما بمحرك بحث ذكي مدمج، تم تطويره خصيصا ليُوفر إجابات دقيقة وملخصات فورية للمحتوى المعروض، مما يجعله أداة جذابة للمستخدمين الذين يبحثون عن السرعة في الوصول للمعلومة دون الحاجة إلى تصفح مطوّل أو التنقل بين عدة صفحات.
ويعتمد المتصفح على مساعد ذكي مدمج يُدعى “مساعد كوميت”، حيث يقوم هذا الوكيل البرمجي بأداء مهام متعددة من بينها تلخيص رسائل البريد الإلكتروني وتنظيم علامات التبويب، وتقديم اقتراحات فورية أثناء التصفح مما يمنح المستخدم تجربة مرنة وسلسة أثناء العمل على الإنترنت.
ويُتاح تفعيل هذا المساعد عبر نافذة جانبية تظهر على الشاشة، حيث يستطيع المستخدم التواصل معه وطرح الأسئلة دون الحاجة إلى مغادرة الصفحة التي يتصفحها، الأمر الذي يُساهم في رفع مستوى الكفاءة والإنتاجية.
تحديات المنافسة ومستقبل الاستخدام
في ظل هيمنة متصفحات شهيرة مثل “كروم” و”سفاري” على سوق التصفح، تبدو مهمة “بيربليكسي” في إقناع المستخدمين بالتحوّل إلى “كوميت” مهمة شاقة، لا سيما أن هذه المتصفحات باتت جزء من العادات الرقمية اليومية للكثيرين، ومع ذلك يعوّل القائمون على مشروع “كوميت” على التجربة المتكاملة التي يقدمها المتصفح الذكي، حيث يرون فيه بوابة جديدة تُمكّن المستخدم من إدارة نشاطاته اليومية داخل المتصفح ذاته دون الحاجة إلى أدوات مساعدة خارجية.
وقد صرّح المدير التنفيذي للشركة، أن الهدف من هذا المشروع هو تحويل المتصفح إلى ما يشبه “نظام تشغيل مصغّر”، يُتيح للمستخدم إنجاز أعماله اليومية بسرعة ومرونة من خلال تجربة استخدام تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
ورغم هذه الرؤية الطموحة، إلا أن بعض التحديات التقنية ما تزال قائمة خصوصاً في ما يتعلق بقدرة المساعد الذكي على إنجاز المهام المعقدة بدقة، فمثلاً أظهرت بعض التجارب أن “كوميت” لا يزال يعاني في التعامل مع تفاصيل دقيقة مثل حجز مواقف السيارات أو جدولة المواعيد الدقيقة، حيث وقع في أخطاء زمنية ومعلوماتية في أكثر من حالة.
سوق مزدحم وتغيّر مرتقب
الجدير بالذكر، أن المتصفح الجديد لن يكون متاحاً للجميع في المرحلة الأولى بل سيقتصر على المشتركين في باقة مرتفعة السعر إلى جانب عدد محدود من المستخدمين الموجودين على قائمة الانتظار، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول مدى قدرة “كوميت” على التوسع والوصول إلى جمهور أوسع.
وقد سجلت منصة “بيربليكسي” خلال شهر ماي وحده أكثر من سبعمائة وثمانين مليون استعلام بنسبة نمو شهري تتجاوز العشرين بالمئة، مما يدل على تنامي الاهتمام بمخرجات الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي.
لكن تبقى العقبة الأكبر هي إقناع المستخدمين بتغيير متصفحهم الأساسي، إذ أن الكثيرين يعتبرون محركات البحث الحالية كافية لحاجاتهم اليومية، ولا يرون ضرورة للانتقال إلى تجربة جديدة قد تتطلب وقتاً للتأقلم.
رغم ذلك، يُراهن فريق التطوير على تجربة استخدام غنية تتضمن تفاعلاً فورياً وأدوات ذكية تُسهم في تحسين الإنتاجية الفردية، ويأمل أن تتحوّل هذه المميزات إلى دافع حقيقي يجعل من “كوميت” اسماً بارزاً في عالم المتصفحات الذكية. ويبقى أن نرى ما إذا كان المتصفح الجديد سينجح في كسب ثقة المستخدمين وتغيير عاداتهم التقنية أم أنه سيظل حبيس فئة محددة من المهتمين بالتجارب الجديدة والتكنولوجيا المتقدم.
بن عبد الله ياقوت زهرة القدس