محلي

أسواق وفضاءات ثقافية تعرض مستلزمات “يناير”

وهران تتحضر لإحياء السنة الأمازيغية                                                                                       

  • دار الثقافة “زدور ابراهيم” تحضر عديد النشاطات

 

بدأت الاجواء الاحتفالية بقدوم السنة الأمازيغية الجديدة تلوح في الأفق، استعدادا لاستقبال سنة أمازيغية بطقوس تقليدية تراثية مميزة يحييها الشعب الجزائري والمعروفة بـ”يناير”، المصادف لِـ12 جانفي من كل سنة ميلادية.

حيث تتحول الأسواق بوهران إلى فضاء يشبه الزربية المزركشة بألوان السلع المعروضة المشكلة من المكسرات والأطباق التقليدية التي تزينها الألوان التي تميز الأمازيغ خاصة كالأصفر، البرتقالي، الأحمر، الأخضر التي تغطي القفة المصنوعة من الدوم والحلفاء، وحتى الغربال يزين بتلك الخيوط من الألوان ويملأ بالمكسرات، كما تعرض الجبة والفوطة القبائلية للأطفال وغطاء الرأس المميز. ويبدأ الإقبال بقوة على الأسواق بداية من الأسبوع الأول لشهر جانفي، حتى توفر العائلة الجزائرية ما يزين طاولة سهرتها ليلة رأس السنة الأمازيغية المعروفة بـ”الناير”، إلى جانب أوراق “الرقاق” التي تصنعها المرأة في البيت لتباع في السوق، وهي عبارة عن مادتين اساسيتين (دقيق وماء)، وتسقى بمرق خاص يحضر لها عبارة عن لفت، حمص، جزر ودجاج، وهناك من يجعلها مرق أبيض وهناك من يضيف لها الطماطم فتحمر، وهو طبق له مكانة خاصة بالغرب الجزائري لاسيما في مناسبة “يناير”، باعتباره طبق رئيسي فوق الطاولة.

المؤسسات التربوية، الفضاءات الثقافية… تحتفي بـ”يناير”

وبمناسبة احتفال الجزائريين بالسنة الامازيغية الجديدة، فإن جميع المؤسسات التربوية خاصة المدارس الابتدائية، والفضاءات الثقافية تحيي المناسبة بمعارض ونشاطات تبرز التراث الأمازيغي الذي يكشف تقاليد وموروث ثقافي مادي ولامادي غني بمكونات تؤكد تميز الثقافة الجزائرية وتنوع عناصرها، على غرار اللباس الامازيغي (القبائلي، الشاوي، الترقي…)، الذي مازال يعرف حفاظ الجزائريين عليها لتميزها وجمالها وخصوصيتها.

وفي هذا الإطار، تنظم المدارس والفضاءات الثقافية مسرحيات تدور حول الامازيغية (لباسا ولغة) عادة ما ينشطها اطفال لتبقى راسخة في أذهانهم، وتفتح تفكيرهم ليتعرفوا على الثقافة الجزائرية المتنوعة، كما تنشط ندوات وجلسات حوارية حول الأمازيغية تاريخا وتراثا ولغة… . وقد بدأت الأمهات في التسوق لشراء ملابس امازيغية لأولادهن للمشاركة في الاحتفالات بمدارسهم، خاصة البنات والجبة القبائلية وكذا النايلية والتارقية، والبرنوس والجلابة للطفل، كما تشتري القفف والغربال المخصصة للاحتفال والتي غالبا ما تكون مزينة بالألوان التي ترمز للامازيغية والمليئة بالمكسرات.

 الحلي من الفضة له نصيبه من الاحتفالات

ولأن المرأة غالبا ما ترمز للجمال واستمرار الحياة والحفاظ على أسرار العائلة والقبيلة قديما، فإن حلي “الفضة” يبقى له سره في عشق المرأة له واهتمامها بارتدائه خلال المناسبات.

حيث تتزين البنات والنساء عموما بحلي الفضة الخاص بالأمازيغ والذي يميز هذه الفئة من الشعب الجزائري، رغم توفر حلي الذهب، إلا أنه يبقى المطلوب في مثل هذه المناسبة. ويتميز حلي الفضة بالالوان الزاهية التي تميز الامازيغ بين الازرق، الأصفر، الأخضر والاحمر، والتي تصنع حرفيا، يسهر على نقشها حرفيون متخصصون في المجال، يعملون منها مثل ما يشبه العقد إلا أنه يوضع على الجبين، إضافة إلى الخواتم والأساور التي تتغير مقاساتها حسب المناسبة بين الأصبع والخمسة أصابع للإسوارة، وهو المقاس المعتمد في صناعتها، حسبما ذكره الحرفي المتخصص “نور الدين قاضي”، الذي أضاف أن حلي الفضة يحمل نَفَسُ الإنسان، لأن الحرفي يدعكه ويلامسه طيلة فترة صناعته، وهو ما يجعله يتشبع بمختلف المشاعر التي يكون عليها الحرفي.

يشار إلى أن حلي الفضة أصبح اليوم يصنع حسب الطلب، فقد ذكر الحفي “نور الدين قاضي” أن قطعة الفضة تصنع حسب طلب الزبون، ولا يمكن أن يصنع لغيره منها، على سبيل المثال، تتقدم الزبونة بصورة لخاتم أو عقد وتضيف رغباتها الخاصة في شكلها، فيقوم هو كحرفي بالتفاعل مع طلبها والعمل على تحضيره كما طلبته وبالتالي يكون خاصا بها، لا يمكن أن يصنع مثله لغيرها وهي الطريقة التي تجعل تلك القطع الفضية محفوظة من الضياع ولا يمكن التخلص منها لأنها تحمل خصوصية لدى صاحبها.

 

 دار الثقافة “زدور ابراهيم” على قدم وساق لإحياء المناسبة

انطلقت دار الثقافة “زدور ابراهيم” لبلدية وهران في التحضير لاستقبال الاحتفالات الخاصة بالسنة الأمازيغية الجديدة بعدة نشاطات تواكب الحدث.

وفي هذا الصدد، ذكرت “بسيمة نقاز” رئيسة مصلحة النشاطات بدار الثقافة “زدور ابراهيم”، أن الاحتفالات بالسنة الأمازيغية الجديدة المصادفة لـ12 جانفي من كل سنة ميلادية، تنطلق غدا بعدة نشاطات، ترمز للعادات والتقاليد التي تعود الجزائريون على إحيائها احتفالا بهذه السنة، على غرار معارض عديدة بين اللوحات الفنية التي تبرز الهوية الامازيغية من خلال الألبسة والحلي والتقاليد، إلى جانب معارض تقدم المأكولات التي تميز العادات الأمازيغية، الآلات الموسيقي وغيرها من الآلات التقليدية التي تستعمل في الحياة اليومية، وذلك من خلال معارض الحرفيين الذين سيبرزون ما أبدعته أناملهم، الملابس التقليدية هي الاخرى ستكون حاضرة. وحسب ذات المسؤولة، فإن عدة جمعيات ستكون مشاركة، على غرار دمعية ترقية المرأة التي ينتظر أن تكون حاضرة بالخيمة التي ستنصبها في ساحة دار الثقافة، وجمعيات “وسام لآلئ وهران، حلم الطفل، زرياب التي ستبرز الأطباق التقليدية، حبيب قصاب فتيحة، إلى جانب الفنانين الدين سيعرضون لوحاتهم التي تظهر الجمال الأمازيغي في كل مناحي الحياة، منهم الفنانتين التشكيليتين “مريم بن خدة ونسيمة بوقصاية”، الحرفية قمر، الكاتبة “فضيلة سحري”، حبيب فتيحة قصاب.

يذكر أن هذه التظاهرة التي تستمر إلى غاية يوم 12 جانفي الجاري بداية السنة الامازيغية، ستشهد تنشيط ندوات ومحاضرات تتمحور حول الامازيغية وخصائصها، من طرف أساتذة وباحثين.

 

 للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة نصيب من المشاركة في الاحتفالات 

وفي سياق إحياء احتفالات السنة الامازيغية، كشفت “بسيمة نقاز”، رئيسة مصلحة النشاطات بدار الثقافة “ابراهيم زدور”، أن برنامج الاحتفالات سيكون مزركشا بحضور الاطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين سيعرضون ما جادت عليهم أفكارهم بإنجازات وإبداعات.

وأضافت “بسيمة نقاز”، أن مشاركة هؤلاء الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، المعروفين بمرضى “التريزوميا”، سيكون ضمن مشاركة جمعية “أصدقاء تينهنان”، وهو ما سيعطي الفرصة للجمهور التعرف على ما يبدع به تلك الفئة من الأطفال، وتساهم في تصحيح فكرة عامة شائعة بين الناس بأن تلك الفئة غير منتجة، ليتأكدوا أن أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بإمكانهم الإبداع والابتكار، وتقديم إضافة حقيقية إذا تمت رعاية نشاطاتهم.

يذكر أن الأطفال يحظون باهتمام خاص من طرف دار الثقافة “زدور ابراهيم” التي توفر لهم ورشات تدريبية على طول السنة، على غرار ورشات الرسم، الأشغال اليدوية والموسيقى كل يوم ثلاثاء بداية من الثانية زوالا (14:00سا)، كما أنها تستقبل جميع الأطفال دون شروط.

ميمي قلان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى