
تـشـهـد تجارة بيع التوابل والأعشاب المستعملة في الطهي مع اقـتراب حلول شهر رمضان الفضيل رواجا كبيرا عبر مختلف المحلات المنتشرة بمنطقة مغنية
والتي تجتاحها أفواج من الزبائن سيما من العنصر النسوي، قادمين من مختلف ولايات الوطن (تموشنت، البليدة، الجزائر العاصمة، الشلف، سيدي بلعباس، غليزان….)
حيث تشكل محلاّت بيع العطور بسوق مدينة مغنية بساحة أول نوفمبر بجانب بعضها البعض مجموعة من الكثبان الرملية متعددة الألوان غنية بالعطور ومزينة بمختلف النباتات العطرية.
الساعة تدق السابعة صباحا، التجار يستعـدون في حدود الساعة العاشرة صباحا لاستقبال زبائنهم القادمين من داخل وخارج ولاية تلمسان، إلى غاية الساعة السابعة مساء تكاد تكون المحلات ممتلئة
وهذا قبل حوالي ساعة من إغلاق السوق، باعتبارها سوق مرجعية حسب تجار العطور، تستقبل الوافدين إليها من الجزائر العاصمة ووهران وعين تموشنت أو حتى سطيف وقسنطينة…كل عام
وحتى من خارج الوطن المغتربين الجزائريين من فرنسا، اسبانيا، مع اقتراب الشهر الكريم
وحسب ما أكده أحد تجار بيع التوابل بسوق مدينة مغنية لـ “الـبـديل”، أن مدينة مغنية اكتسبت سمعة طيبة بين الشعب الجزائري لجودة منتجاتها.
تجار محلات مغنية اكتسبوا الخبرة من آبائهم
ونحن نجول في سوق مغنية قررنا الاقتراب من بعض تجار التوابل، لنستفسر عن سرّ هذه الحرفة
فقد صرّح لنا “عـبد القادر” أنه اختار بيع التوابل منذ التسعينات بالنسبة له، حيث انتقلت إليه هذه الحرفة عن طريق الأب في المنزل، مضيفا لـ “البديل”، أنه معظم الباعة تعلموا الحرفة من والـديهم
وقد ظهر هذا النشاط ـ حسبه ـ في السبعينات لكنه بدأ يظهر بشكل كبير وخاص في التسعينات بسبب الظروف الأمنية في البلاد في ذلك الوقت، وكانت مغنية وجهة للعديد من العائلات التي غادرت ممتلكاتهم واستقروا فيها
وقد اختار العديد منهم بيع التوابل كمهنة بديلة عنهم في متجر داخل السوق الداخلية، وأضاف الحاج “عبد القادر” 65 سنة أنه يستقبل العشرات من الزبائن كل يوم وحتى التجار الذين يأتون بحثا عن التوابل
مغنية وجهة للمستهلكين وتجار التوابل
وأصبحت مغنية وجهة للمستهلكين وتجار التوابل، كما انه يتلقى عملاء من مناطق مختلفة من البلاد، وخاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك، مضيفا أن للتوابل التقليدية خلطات حديثة خاصة للأطباق الخاصة
مثل التوابل الخاصة بطبق البطاطا المقلية أو الدجاج أو السمك أو حتى السلطة، وهذا يرجع إلى تطور هذه المنطقة.
رمضاني بومدين 78 عام، هو أقدم بائع توابل في المدينة، يقع متجره خارج السوق المغطى هو رمز الأقدمية والولاء لهذه المهنة
يقول : “بدأت هذا النشاط في سن الرابعة عشرة، وكنت أنذاك طالبا في المسجد في الصباح وبائع التوابل في فترة ما بعد الظهر ولم أتغير أبدا منذ ذلك الحين
ويوضح أنه لتجنب التقليد نعيد توابلنا في البذور ونقوم بطحنها بأنفسنا، صحيح أن هذه الطريقة تعني المزيد من الوقت والمزيد من المال والمزيد من العمل، لكن هذا يسمح لنا بالحصول على منتجات عالية الجودة
وحسبه ـ فإن خصوصية المنتجات التي تباع في مغنية مقارنة بغيرها من المناطق تأتي من حقيقة أن الباعة الحرفيين لا يحاولون الغش ومعرفتهم، يضيف نحن نعرف ذلك في هذا المجال، وتسمح لنا خبرتنا بأن يكون لدينا عملاء مخلصين من أجل الحصول على الكمية
كما أنه يمزج بعض المحتالين مكونات ومنتجات التوابل التي لا يمكن وضعها في التركيب الحقيقي
ويؤكد الحاج “عبد القادر” ذلك أن العديد من المتداولين يشترون كميات كبيرة من هاته التوابل، لكنهم يخدعونهم ويمزجونهم بمكونات أخرى قبل إعادة بيعها.
على سبيل المثال، يتم طحن الكسكس الأسود أو بركوكيس مع الفلفل الأسود، لسوء الحظ هذه الظاهرة منتشرة جدا، خصوصا في أجزاء أخرى من وهران.
تحضير التوابل عادات لازالت تستهوي بعض البيوت التلمسانية
ونحن نجول في سوق مغنية قررنا الاقتراب من بعض الزبائن الذين كانوا يزورون المحلات هنا وهناك
حيث قالت السيدة جميلة 50 سنة، أنها قامت بشراء وبيع التوابل وظيفتها، جئت من عين تموشنت لشراء التوابل التي أبيعها في المنزل لزبون معين، لقد فعلت هذا العمل، والحمد لله أنه يسمح لي بالعيش بكرامة، تقول اختارت جميلة مغنية لأنها
بحسب قولها، “هناك أذواق ومخاليط لا يمكن العثور عليها في أماكن أخرى مثل خليط خاص، أسماك، دجاج، طاجين
أيضا، الأسعار هنا أقل من أي مكان آخر، مضيفة عندما أشتري من هنا، أنا متأكد من أنه منتج حقيقي لا يتم الاتجار به أو مزجه بمكونات أخرى
الحاجة فاطمة هي الأخرى صرّحت أنها تقتني بعناية عطور الحريرة ورأس الحانوت مطحونة، فيما أكدت بعض كبيرات السن أنهن لا يضعن في أطباقهن عطورا مطحونة
وهو ما أكده أيضا أحد الباعة الذي أوضح أن عجائز لالة مغنية يطلبون بهارات غير مطحونة، ويقمن هن بسحقها عبر “المهراس”
حيث يعتقدن حسبه أن المنتوجات التي يبيعها التجار غير معرضة لأشعة الشمس وبالتالي فلا طعم لها، ما يجعلهم يقمن بالعملية بأنفسهن
لاسيما وأنهن يستعملن التوابل لعلاج العديد من الأمراض خاصة أوجاع المعدة وفيها صحة للبدن، لتضيف الحاجة فاطمة حتى التوابل اليوم أصبحت مغشوشة إذ وفي حالات كثيرة تضاف لها مواد أخرى تغير من ذوقها
لهذا تقول :”أتفادى شراء هذه التوابل وأشتريها غير مطحونة لأطحنها بنفسي في البيت لأحس برائحة ونكهة رمضان وأضمن عدم خلطها بمواد أخرى تغير ذوقها”
أما عن التوابل الأكثر طلبا وإستعمالا في رمضان تقول إحدى السيدات أستعمل كثيرا “رأس الحانوت” و”الفلفل الأسود” و”القصبر” حشيش مقطفة” و”القرفة المطحونة” و”قرفة العود” التي تستعمل في “لحم لحلو”
ارتفاع درجة حرارة الأسعار:
ومع ارتفاع درجة الحرارة والتي أصبحت تنافسها حرارة الأسعار لم يعد جديد على المواطن الجزائري التهاب الأسعار في رمضان
خصوصا في الأيام الأولى من الشهر الفضيل إذ يقوم الكثيرون بشراء مختلف اللحوم والخضر الموسمية و”البرقوق” أو ما يعرف بالعينة للإنجاز طبق اللحم لحلو
إضافة إلى المواد الغـذائية اللازمة للإنجاز أشهى المأكولات قبل أيام من رمضان وهذا تحسبا للارتفاع المذهل الذي تسجله أسواق اللحوم بمختلف أنواعها وكذا الخضر والفواكه في أيام رمضان
إذ تقول السيدة “أمينة” أنها تشتري الدجاج واللحم وقطع صغيرة بحسب ما تستعمله في كل يوم من رمضان تضعها في “الثلاجة” في انتظار استعمالها في الأيام الأولى من رمضان أين يشتد ارتفاع الأسعار
أما عن الخضر فتقول كنت أشتريها في المواسم الماضية أين كان رمضان يقترن بفصل الشتاء والربيع، وبالمقابل هناك عائلات تفضل الذبح لرمضان خصوصا عائلات المناطق الريفية أين تكثر تربية المواشي
وفي هذا الصدد تقول السيدة “ربيعة” أنها وفي كل عام تشترك هي وبيت أهلها في شراء خروف أو كبش يذبح قبل يومين من رمضان تتقاسمه مع أفراد عائلتها وتحضر به مختلف الأطباق.
رغم غلاء أسعارها…إقبال متزايد على شراء الأواني الفخارية في رمضان
عـــرف بـدوره سوق الأواني المنزلية بأسواق مدينة مغنية حركة بيع واسعة، قال التجار إنها تختلف عما ظل يشهده السوق في السنوات الماضية
وقال التاجر “ر.محمد” في حديث لــ “الـبديل” “إن الإقبال على شراء الأواني كبير جدا، خصوصا الأواني التي يكثر استخدامها في رمضان”
مشيرا أن الأواني الفخارية تـلقى إقبالا كثيفا من طرف ربات البيوت عبر مختلف الأسواق المحلية لمدينة مغنية، وذلك لاستعمالها في الأكل خلال الشهر الفضيل لما تتميز به هذه الأواني من نكهة خاصة وأشكال هندسية رائعة
ورغم غلاء أسعارها التي تتراوح بين 1500 و3000 دج لطاقم فخاري يتكون من 12 قطعة حسب نوعيته وجودته، إلاّ أن الإقبال على اقتنائها من طرف ربات البيوت يبقى معتبرا
مضيفا أن هذه العادة المتوارثة أصبحت لها صيحاتها الرائجة الخاصة بها، فما يمكن ملاحظته بوضوح بحسبــه، وكذا ربات البيوت، أن كل سنة تحمل معها صيحات وتصاميم جديدة للأواني على غرار جميع أنواع المنتجات
أما عن أنواع الأواني الأكــثر رواجا بالنسبة للسنة الجارية بحسب الباعة، تعد الأواني الفخارية الأكثر رواجا حاليا و هي تعرف إقبالا كبيرا من قبل السيدات
بعدما كانت الأواني الزجاجية والخــزفـــية تحظى باهتمام الغالبية القصوى، وقــد حازت على اهتمام ربات البيوت وأصبحت الأكثر طلبا في المحلات.
أمـيـر .ع