
يعد استعمال المياه المعالجة بمختلف المحطات عبر الوطن في الشق الفلاحي ضرورة حتمية، لمواجهة مشكل ندرة المياه، حيث تبقى إشكالية ودواعي في عدم تعميم استعمال المياه المعالجة بمختلف المحطات واستغلالها، ما يسمح إلى جانب الحفاظ على البيئة، سيما منه الوسط البحري، مواجهة ندرة المياه والمحافظة على مخزون المياه.
حيث إننّأنّ إحصائيات الديوان الوطني للتطهير، تبرز أنه تم استغلال المياه المعالجة للمحطات لازالت ضئيلة جدا مقارنة من إجمالي 172 محطة لمعالجة المياه موزعة عبر التراب الوطني، أي ما يمثل استغلال ضعيف من المياه المعالجة في السقي الفلاحي. ومن شأن استعمال المياه المعالجة لأغلب المحطات عبر التراب الوطني، أن يرافق البرنامج الطموح للحكومة الرامي إلى توسيع المناطق الفلاحية التي تتطلب تجنيد أكثر من 1 مليار متر مكعب من الموارد المائية في السقي الفلاحي بمحطات المعالجة عبر الوطن. كما من شأن اعتماد تعميم استغلال المياه المعالجة أن تقضي على مشكلة بيئية يتعرض لها البحر والمحيط.
ولعل من بين أسباب عدم استغلال المياه المعالجة في السقي الفلاحي، هناك محطات المعالجة لا تستكمل جميع مراحل المعالجة، خاصة وأن دفتر شروط تلك المحطات لا يقضي بوجوب استغلال تلك المياه في السقي، وعليه، تكتفي المحطات فقط، بحد معين من المعالجة، 3 مراحل على الأقل، قبل التخلص منه في البحر أو محيطها ما يشكل مخاطر على البيئة لما تحتويه تلك المياه من مواد كيماوية. كما يبقى دور الباحثين في المجال، كبيرا ومهما جدا، بحيث في أكثر من مناسبة، أبدوا استعدادهم، سيما منهم العاملين بوحدة تطوير التجهيزات الشمسية على المرافقة التقنية والعلمية لمحطات معالجة المياه القذرة من خلال العمل جنبا لجنب على مشاريع بحث، خاصة وأن الحلول الذكية والكفاءات موجودة في الجزائر.
إن الجزائر لجأت في وقت سابق إلى اعتماد استراتيجية وطنية لمواجهة الجفاف وندرة الموارد المائية، من خلال إنجاز محطات لتحلية مياه البحر كبديل لتراجع مخزون المياه سيما منها الباطنية، على اعتبار أن توفير الموارد المائية تعد أولوية. وعليه، يتوجب اليوم التفكير مليا وبصفة جدية في حماية البيئة، خاصة أن الحلول الذكية والصديقة للبيئة متوفرة وبإمكان الباحثين الجزائريين تجسيدها، خاصة وأن الإحصائيات تتحدث عن التخلص من مئات الآلاف من أطنان المياه المالحة في البحر من قبل محطات تحلية مياه البحر الـ 21 التي تتوفر عليهم الجزائر، وأنها تمثل إجمالا (محطات تحلية مياه البحر) توفر الماء لفائدة 6 ملايين فقط من السكان أي 17 بالمائة من الاحتياجات.
ويبقى السؤال مطروحا حول ما مدى تأثير تلك الأطنان من المياه المالحة المركزة في البحر على البيئة، علما أنها تحتوي على مواد كيماوية وأنه رغم أن محطات تحلية المياه البحر توفر حلول سريعة لتوفير المورد المائي لكنها تستهلك كميات كبيرة من الطاقة (3 كيلو واط لإنتاج متر مكعب واحد)، وتستعمل مواد كيماوية إلى غيرها من المواد الضارة للبيئة. إنّ توفير المياه الذي يعد تحدي ورهان عديد الدول المتوسطية، سيما منها الجزائر التي تعد من بين الدول التي يهددها الجفاف آفاق 2030 ، تتطلب مكافحة تلوث الأودية وكذا تلوث المياه الجوفية وفق نظرة تقضي بضرورة الاقتصاد في تسيير المياه بالاعتماد على حلول صديقة للبيئة وأقل تكلفة.
هـشـام رمـزي