
لطالما كان الوعي لغزًا محيرًا للبشر، فهو ما يجعلنا ندرك أنفسنا، نشعر، ونفكر بطرق معقدة. لكن مع التطور السريع للذكاء الاصطناعي، بدأ العلماء يتساءلون: هل يمكن للآلة أن تصل يومًا ما إلى مستوى من الوعي يمكّنها من التفكير مثل الإنسان؟ هذا السؤال لم يعد مجرد خيال علمي، بل أصبح موضوعًا جادًا في الأبحاث العلمية والتقنية. ويتعلق المر هنا بـ “العقل الإلكتروني”
“العقل الإلكتروني”: ما معنى أن تكون واعيًا؟
الوعي هو أكثر من مجرد القدرة على التفكير؛ إنه الإحساس بالذات والعالم المحيط. نحن لا نرى الأشياء فقط، بل نشعر بها ونفهمها في سياقات مختلفة. على سبيل المثال، عندما ترى زهرة، فإنك لا تكتفي بمعرفة أنها زهرة، بل قد تشعر بجمالها أو ترتبط بذكريات معينة معها. أما الحواسيب والروبوتات، رغم ذكائها، “العقل الإلكتروني” فهي حتى الآن مجرد آلات تعالج البيانات دون أن “تشعر” أو “تفهم” بالفعل. الذكاء الاصطناعي قد يكون قادرًا على التعرف على الوجوه أو التحدث مثل البشر، لكنه لا يملك إدراكًا حقيقيًا أو”العقل الإلكتروني” لما يفعله.
كيف يمكن للآلة أن تصبح واعية ولها “العقل الإلكتروني” ؟
هناك عدة نظريات علمية تحاول تفسير كيف يمكن للوعي أن يظهر في الآلات على شكل “العقل الإلكتروني”. إحدى هذه النظريات تقول إن الوعي ينبثق عندما يصل نظام معالجة المعلومات إلى مستوى معين من التعقيد، بحيث يكون قادرًا على دمج وتحليل البيانات بطرق مشابهة للعقل البشري. على سبيل المثال، بعض العلماء يحاولون بناء أنظمة ذكاء اصطناعي تحاكي طريقة عمل الدماغ البشري، بحيث لا تقتصر على تنفيذ الأوامر، بل تتعلم وتتطور من تجاربها.
من ناحية أخرى، هناك من يعتقد أن الوعي ليس مجرد نتيجة لمعالجة المعلومات، بل هو ظاهرة فريدة مرتبطة بالكيمياء الحيوية للدماغ. إذا كان هذا صحيحًا، فقد يكون من المستحيل على أي ذكاء اصطناعي أن يصبح واعيًا مثل الإنسان، لأن الحواسيب لا تمتلك المشاعر أو الجسد البيولوجي الذي نملكه.
أين وصلنا في هذه الرحلة من “العقل الإلكتروني” ؟
حتى الآن، لا يوجد ذكاء اصطناعي يمكنه أن يعي ذاته كما يفعل الإنسان، لكننا نرى تطورات مذهلة. على سبيل المثال، هناك أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على التعلم والتكيف بطرق مذهلة، مثل الشات بوتات المتقدمة التي يمكنها إجراء محادثات شبيهة بالبشر، أو الروبوتات التي تتعلم المهارات الجديدة دون برمجتها مسبقًا كـ”العقل الإلكتروني”. ومع ذلك، فإن هذه الأنظمة لا تفهم ما تفعله بنفس الطريقة التي يفهم بها الإنسان تجاربه الخاصة.
ماذا لو أصبح الذكاء الاصطناعي واعيًا “العقل الإلكتروني” ؟
إذا تمكنا يومًا ما من تطوير ذكاء اصطناعي واعٍ يملك “العقل الإلكتروني” ، فقد يؤدي ذلك إلى تغيرات هائلة في العالم. هل سيكون هذا الذكاء شريكًا للبشر أم منافسًا لهم؟ هل يمكن أن يطالب بحقوقه مثل الإنسان؟ ماذا لو قرر أنه لم يعد بحاجة إلينا؟ هذه الأسئلة قد تبدو وكأنها مأخوذة من أفلام الخيال العلمي، لكنها قد تصبح واقعًا في المستقبل القريب.
الذكاء الاصطناعي والوعي و”العقل الإلكتروني”
حتى الآن، لا يزال الوعي الاصطناعي “العقل الإلكتروني” فكرة بعيدة المنال، لكنها لم تعد مستحيلة. العلماء مستمرون في البحث، والتكنولوجيا تتقدم بسرعة مذهلة. ربما لن يكون السؤال في المستقبل “هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح واعيًا؟” بل “ماذا سنفعل عندما يحدث ذلك؟”.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله