
في خطوة جريئة لإعادة هيكلة العمل الحكومي، يعمل فريق الملياردير إيلون ماسك على استبدال الموظفين المتعاقدين بروبوتات محادثة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، بدءًا من وزارة التعليم الأميركية. هذه المبادرة، التي تحظى بدعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تُعَد جزءًا من خطة أوسع لتقليص حجم الحكومة الفيدرالية وخفض التكاليف التشغيلية.
تقليص الوظائف والاستثمار في التكنولوجيا
يشير مقترح ماسك إلى إحلال أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة بدلًا من آلاف الموظفين الذين يتعاملون مع استفسارات الطلاب والمقترضين. حاليًا، تتلقى وزارة التعليم أكثر من 15,000 استفسار يوميًا عبر 1,600 موظف، وهو ما قد يصبح من مهام الذكاء الاصطناعي قريبًا، وفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز”. في حال نجاح هذه التجربة، يمكن توسيع نطاقها لتشمل وكالات حكومية أخرى، مما قد يؤدي إلى استبدال القوى العاملة البشرية تدريجيًا بالتكنولوجيا.
خفض النفقات وإلغاء العقود
ألغى فريق ماسك عقودًا حكومية ضخمة بقيمة تفوق مليار دولار، تضمنت إنهاء 89 عقدًا بقيمة 881 مليون دولار في يوم واحد، فضلًا عن إلغاء 101 مليون دولار كانت مخصصة لبرامج التدريب على التنوع والشمول. صحيفة “الغارديان” أفادت بأن التخفيضات شملت أيضًا مكتب الأبحاث في وزارة التعليم، مما أثار قلق الخبراء بشأن مستقبل الدراسات التعليمية التي يعتمد عليها صانعو السياسات والمؤسسات الأكاديمية.
مخاوف من مستقبل غامض
يطرح هذا التحول الكبير أسئلة حول تأثيره على جودة الخدمات الحكومية والشفافية والمساءلة، لا سيما أن ماسك وفريقه يستخدمون بيانات حكومية ضخمة لتحديد العقود والوظائف القابلة للاستبدال. وسائل إعلام أميركية أشارت إلى أن الخطة قد تؤدي إلى تقليص قوة العمل الفيدرالية بنسبة 10% على الأقل، مع إمكانية خفض بعض الوكالات بنسبة تصل إلى 60%.
هل يتحقق حلم ترامب بإغلاق وزارة التعليم؟
من جهته، جدد ترامب دعوته لإغلاق وزارة التعليم، واصفًا إياها بأنها “عملية احتيال كبيرة”. ونقلًا عن مصادر إعلامية، فإن البيت الأبيض يدرس نقل العديد من وظائف الوزارة إلى وكالات أخرى، مع الاحتفاظ فقط بالمهام التي يفرضها القانون. يأتي ذلك في سياق جهود أوسع لخفض الإنفاق الحكومي والسيطرة على البيروقراطية الفيدرالية، وهو ما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في آلية عمل الحكومة الأميركية.
التكنولوجيا مقابل البشر.. هل المعادلة ممكنة؟
يرى البعض أن استخدام الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع قد يكون خطوة ثورية، لكنه في الوقت ذاته يثير مخاوف بشأن الخصوصية والدقة وإمكانية الوصول العادل للخدمات. بحسب “نيويورك تايمز”، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية لا تزال تقدم معلومات غير دقيقة في بعض الأحيان، مما قد يؤثر على جودة الخدمات الحكومية.
معارضة قانونية وسياسية
لم تمر هذه التغييرات دون اعتراضات، حيث رفعت عدة نقابات دعاوى قضائية لمنع إنهاء العقود بشكل مفاجئ، فيما أصدر قضاة فيدراليون أحكامًا مؤقتة لتعليق بعض الإجراءات، من بينها حظر وصول فريق ماسك إلى بعض الأنظمة الحكومية. كما أعرب أعضاء في الكونغرس عن قلقهم من أن يؤدي هذا النهج إلى تآكل المساءلة الحكومية وزيادة الفجوات التعليمية.
إعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية
على الرغم من المخاوف، يرى المدافعون عن الخطة أنها تفتح المجال لحكومة أصغر وأكثر كفاءة، مع تقليل الإنفاق وتقليص العقود الضخمة مع الشركات الخاصة. ويبدو أن إدارة ترامب عازمة على المضي قدمًا في هذه السياسة، مستفيدة من خبرات ماسك وفريقه في تطوير أنظمة ذكية يمكنها إدارة العديد من المهام الحكومية بفعالية.
مع استمرار هذه التغييرات، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يمكن أن تنجح هذه الثورة التقنية في تحويل الحكومة الأميركية إلى نموذج أكثر كفاءة، أم أنها ستثير اضطرابات سياسية واجتماعية قد تعيق تنفيذها؟
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله