
في كل مرة نفتح هاتفنا الذكي أو نجلس أمام الحاسوب، ننتقل إلى عالم آخر، عالم لا حدود له، حيث تتلاشى المسافات وتصبح المعلومة على بعد نقرة واحدة. إنه العالم الرقمي، الذي نعيش فيه أكثر مما نعيش في الواقع الحقيقي. لكن هل تساءلت يومًا: هل نحن من يتحكم في هذا العالم، أم أنه يتحكم بنا؟
الإنترنت.. حرية بلا قيود أم قيود بلا حرية؟
الإنترنت جاء بوعد جميل: المعرفة متاحة للجميع، والتواصل لم يعد مكلفًا، والعمل والدراسة أصبحا أسهل من أي وقت مضى. لكن مع هذه الفوائد، ظهرت قيود خفية. خوارزميات مواقع التواصل مثلاً لا تعرض لنا كل شيء، بل تقدم لنا ما تراه “مناسبًا” حسب اهتماماتنا، أو بالأحرى حسب ما تريده الشركات الكبرى. عندما تتصفح الإنترنت، هل تلاحظ أن الإعلانات تتناسب مع آخر ما بحثت عنه؟ هذا ليس سحرًا، بل نتيجة تحليل بياناتك الشخصية. نحن نمنح هذه الشركات كنزًا من المعلومات مجانًا، مقابل “خدمات مجانية” تجعلنا نبقى أطول وقت ممكن على شاشاتنا.
الرقمنة.. راحة أم مراقبة؟
الحكومات والمؤسسات تتجه نحو الرقمنة، من الخدمات الإدارية إلى الدفع الإلكتروني، وحتى الطب والتعليم. لا شك أن هذا يجعل الحياة أسهل، لكن في نفس الوقت، يجعل كل شيء عنك متاحًا ومخزنًا في قواعد بيانات. هل تساءلت يومًا عن عدد التطبيقات التي تملك بياناتك، أو من يملك حق الوصول إليها؟
كيف نعيش في العالم الرقمي بوعي؟
من المهم أن نتحكم في بياناتنا بدلًا من منح التطبيقات كل الأذونات دون تفكير، يمكن استخدام محركات بحث تحترم الخصوصية مثل DuckDuckGo، ومراجعة إعدادات الخصوصية في الحسابات الشخصية. كما يجب ألا نعتمد فقط على ما يقترحه لنا الإنترنت، بل نبحث عن مصادر مختلفة للمعلومات حتى لا نبقى في “فقاعة فكرية” تحددها لنا الخوارزميات.
أيضًا، علينا تحديد وقتنا الرقمي بحكمة، فلا ندع الإنترنت يسرق وقتنا دون وعي. من الجيد تخصيص أوقات محددة لاستخدام الهاتف، وأوقات أخرى للراحة بعيدًا عن الشاشات. إضافة إلى ذلك، يجب أن نتعلم عن الأمن الرقمي، مثل استخدام كلمات مرور قوية، وتفعيل التحقق بخطوتين، وعدم مشاركة المعلومات الحساسة مع جهات غير موثوقة.
العالم الرقمي ليس شرًا مطلقًا، لكنه ليس جنة بلا عواقب أيضًا. الوعي هو المفتاح، فإما أن تكون سيد التكنولوجيا، أو تكون خاضعًا لها دون أن تشعر. القرار بيدك.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله