
تم يوم الخميس الماضي إطلاق جائزة “الأمير عبد القادر” للقانون الدولي الإنساني، تمنح لأعمال ذات علاقة بالموضوع بداية من سنة 2025، كما تم إمضاء 3 اتفاقيات الأولى بين الهلال الأحمر الجزائري مع كل من جامعة العلوم والتكنولوجيا “محمد بوضياف” والثانية مع جامعة “وهران 2 محمد بن أحمد”، إضافة إلى اتفاقية مع القرية المتوسطية .
الاتفاقيات التي أشرفت على إمضائها “ابتسام حملاوي”، رئيسة الهلال الأحمر الجزائري ومدراء المؤسسات المعنية، تندرج ضمن مخطط توسيع النشاط التطوعي، وجعل الجامعة شريكا أساسيا في مختلف النشاطات التطوعية، تنفيذا لبنود “الاتفاقية الإطار العام”، التي أمضتها وزارة التعليم العالي مع الهلال الأحمر الجزائري منذ سنتين، حسبما أوضحه “أحمد شعلال”، مدير جامعة “أحمد بن احمد” وهران 1، في كلمته، مضيفا أن عدة نشاطات أصبحت تبرمج على مستوى جامعات الوطن، تبين أن الجامعة “جامعة مواطنة” بطلبتها وأساتذتها، وهي مقحمة إقحاما كاملا في العمل لتطوعي والإنساني وتنخرط في العمل الإنساني الذي يقوم به الهلال الأحمر الجزائري.
وفيما يتعلق بالجائزة الكبرى والمهمة، فقد أورد البروفيسور “أحمد شعلال”، أن إطلاق جائزة الأمير عبد القادر للقانون الدولي الإنساني هي ضمن أحد بنود الاتفاقية المبرمة بين وزارة التعليم والهلال الأحمر الجزائري، وليس هناك أحسن من كلية الحقوق والعلوم السياسية احتضان هذه الجائزة، بعدما تم منذ فترة إحياء ذكرى مبايعة “الأمير عبد القادر”، التي تمت في 26 نوفمبر 1882 تحت شجرة الدردار بمعسكر، وهو مؤسس الدولة الحديثة، وهو قائد أولى المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي ولهذا ارتأى الهلال برفقة وزارة التعليم العالي بإطلاق الجائزة، مردفا أنه سوف يتم مشاركة الأطراف المعنية بتحديد الإطار الذي تنظم فيه هذه الجائزة، التي ستكون بمشاركة الطلبة ومع الطلبة وبالطلبة وتأطير أساتذة القانون الإنساني الدولي من الجزائر وخارجها.
من جهتها، ذكرت “ابتسام حملاوي”، رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، أنه في إطار الحديث عن برنامج القانون الدولي الإنساني بالنسبة للهيئة التي ترأسها، وجب شكر جامعة وهران لأنها ستحتضن جائزة الأمير عبد القادر للقانون الدولي الإنساني، الجائزة، حيث ستكون وطنية لأنها ستكون أول تجربة نموذجية، سيشرف عليها الهلال الأحمر، الصليب الأحمر والاتحاد الدولي للجمعيات (الهلال الأحمر والصليب الأحمر)، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وفي هذا الإطار، تسعى الجزائر لتصبح جائزة دولية، تكريما للجزائري “الأمير عبد القادر”، الذي يعتبر الأب الروحي للقانون الدولي الإنساني.
الأمير عبد القادر… الأب الروحي للقانون الدولي الإنساني
يستقبلك مجسم “الأمير عبد القادر” في باحة المقر العالمي للصليب والهلال الأحمر في جنيف بسويسرا، الجزائري الذي قدم أسس المعاملة الإنسانية في العصر الحديث.
حيث يعتبر “الأمير عبد القادر” من الشخصيات العظيمة التي تركت بصمتها جلية في التاريخ، فإلى جانب أنه مؤسس معالم الدولة الجزائرية الحديثة، كان السباق لوضع مبادئ القانون الدولي الإنساني وذلك منذ سنة 1837 ، وكان ذلك قبل اعتماد اتفاقية جنيف لقانون الحروب وقبل ظهور أفكار “هنري دينون” مؤسس حركة الصليب الأحمر، بعدما استقاها من كتاب ربه القرآن وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، منذ الغزو الفرنسي الصليبي لأرض الجزائر في 1830، حيث كان يقود المقاومة الجزائرية، ويصر على احترام حقوق المدنيين أثناء الحرب ومعاملة الأسرى معاملة إنسانية، في صورة واضحة عما يميز المسلم اتجاه الآخر من أهل الكتاب، كما كان يعمل على احترام حقوق الأقليات غير المسلمة، رغم اضطراره إلى وضع السلاح سنة 1847 وسجنه بفرنسا قبل أن يُنفى إلى دمشق بطلب منه. حيث أنه لم يتردد 9 جويلية 1860 في المخاطرة بحياته وسلامة عائلته، عندما تدخل عند اندلاع الحرب الأهلية بدمشق بين المسلمين ونصارى المدينة، مدافعا عن الأقليات غير المسلمة، محقنا بذلك دم أكثر من 12.000 نصراني استنجدوا به، وهو ما أكسبه احترام قادة العالم .
المسؤولية الإنسانية التي تحملها الأمير عبد القادر اتجاه الأقليات والأسرى، جعلت قادة ومفكرو الغرب يصنفونه على رأس مؤسسي القانون الدولي الإنساني الحديث، ويعتبرونه نموذج الرجل الذي سخر علمه وهيبته ودينه باعتباره شاعرا وفيلسوفا وكاتبا ورجلا متسامحا متقبلا للآخر في سبيل إعلاء القيم الإنسانية والحضارية، التي توضح التسامح بين الأديان والحوار بين الحضارات والثقافات، المطلوبة اليوم الحروب والصراعات المشتعلة في مكان من هذا العالم، من أجل بناء عالم سلام وطمأنينة بلا حقد ولا كراهية.
ميمي قلان