
يعيش الدوري الجزائري للمحترفين مسلسلًا سيئ الإخراج، تشهد كل حلقة من حلقاته سقوط اسم مدرب جديد خارج المستطيل الأخضر، وتتجه الفرق الناشطة في هذه المسابقة نحو إقالة أو قبول استقالة مدربيها تحت ضغط النتائج أو ضغط الأنصار، وذلك في وقتٍ تعاني فيه معظم هذه الأندية من أزمات متعددة سواء فنية أو مادية.
وحتى تلك الفرق التي تتمتع بغطاء مالي رحب نظير امتلاك شركات وطنية جزائرية لأسهمها، تجد نفسها هي أيضًا مجبرةً على دفع تعويضات مالية كبيرة إلى مدربيها المقالين، خاصة إذا ما كانوا أجانب، حيث يكون السداد بالعملة الصعبة.
ولم يقطع الدوري الجزائري سوى النصف الأول من المنافسة حتى هبت عاصفة هوجاء أدت إلى إقالة أو استقالة 18 مدربا ينشطون في المسابقة، ولم يتبقى من المدربين على رأس نواديهم سوى المدرب “سمير زاوي” بجمعية الشلف، و”خير الدين مضوي” مدرب شبيبة قسنطينة، وهو رقم قياسي مهول وغير مسبوق.
وأنهت جمعية الشلف بقيادة المدرب “سمير زاوي” مرحلة الذهاب في المركز الثامن برصيد 20 نقطة من 4 انتصارات و8 تعادلات و3 هزائم. سجل هجومها 11 هدفا فقط، بينما استقبل دفاعها 10 أهداف.
وبالنظر إلى المستوى الجميل الذي يقدمه فريق جمعية الشلف بقيادة المدرب “زاوي سمير”، نكون اليوم قد وصلنا إلى قناعة أن الأموال لا تجلب الإبداع، التقني واللاعب الدولي الأسبق “سمير زاوي” ومن رحم المعاناة جعل فريقه يلاحق كوكبة مقدمة الترتيب، بفارق 8 نقاط فقط عن المتصدر مولودية الجزائر، أي أنه يلاحق (الأثرياء وفرق الملايير والشركات) بإمكانيات محدودة.
“زاوي سمير” الذي فشل مرتين مع أولمبي الشلف، لم ييأس إطلاقا بل جعلته هذه الانتكاسات، يعود بفلسفة تدريبية جديدة تفيد أن “الفكاهي السابق في بيت الخضر ” “تعلم من سقطاته السابقة ليظهر بوجه جديد يقول من خلاله “أنا موجود مادامت فلسفتي أتت ثمارها على المستطيل الأخضر .
واستغل فريق جمعية الشلف سوق الانتقالات الشتوية، الذي يغلق أبوابه ليلة اليوم الأربعاء، لتعزيز خطه الهجومي، بعد أن أظهر هذا الأخير علامات ضعف خلال مرحلة الذهاب من بطولة الرابطة الأولى لكرة القدم، حسبما أفاد به مدربه سمير زاوي.
ويدخل ضمن هذا السياق انتداب المهاجمين الأجنبيين، الطوغولي برونو كوكو أفوتور و الليبيري إدوارد ليدلوم، بالإضافة إلى الجناح الجزائري زين الدين بوتمان، في صفقات نوه بها مدرب ”الشلفاوة” كثيرا. وصرح “زاوي” لوأج في هذا الصدد:” بعد نصف موسم أول متوسط، لاحظنا نقائص عديدة في خط الهجوم، سيما من جانب الفعالية التي كانت ناقصة جدا، مما دفعنا لتركيز تعاقداتنا في سوق الانتقالات الشتوية على هذا الجانب”، إذن هذا الموسم هو الانطلاقة الفعلية للمدرب الذي نتمنى له الاستمرارية والتوفيق مادام المدرب الوحيد الذي نجى من الإقالة في دوري “متقلب” والمدرب الأقل أجرا بين المدربين .
واستفحلت ظاهرة رحيل المدربين عن أنديتهم في الدوري الجزائري خلال النصف الأول من الموسم الكروي الجاري، حيث تم تسجيل رحيل 18 مدربا عن نواديهم أغلبهم بسبب أزمة النتائج وضغط الأنصار الذي تجاوز كل الحدود. واستفحلت الظاهرة بشكل رهيب خلال الموسم الحالي 2024-2025 إلى درجة أن حوالي 95 بالمائة من الفرق تخلت عن أُطرها الفنية . وتتنوع أسباب ظاهرة الاستغناء عن المدربين التي تجتاح الدوري الجزائري هذا الموسم، ومن أبرز أسبابها سوء النتائج والضغط الكبير الذي يفرضه مشجعو كل فريق وأنصاره، بالإضافة إلى فشل المسؤولين في اختيار المدربين الأنسب لأنديتهم.
وسقط المدربون الناشطون في الدوري الجزائري مثل أحجار الدومينو، والبداية كانت مع مدرب الساورة “شريف الوزاني” قبل يومين من بداية المنافسة الرسمية للدوري الجزائري، وتوالت الظاهرة لتصل إلى مدرب إتحاد الجزائر التقني التونسي “نبيل معلول” كرقم 18 في سلسلة المدربين المقالين أو الذين قدموا استقالتهم.
وأمام هذا الواقع العبثي الذي يعيشه دوري المحترفين الجزائري، تبقى الكرة الجزائرية تتخبط في وحل الرداءة وسوء التسيير، وهو الأمر الذي تدفع ثمنه المواهب الشابة المنتشرة في مختلف النوادي، وكذا المشجع البسيط المحب لناديه، ناهيكم عن المنتخبات الوطنية التي أصبحت تستنجد باللاعبين من الخارج بسبب عقم الدوري المحلي، وعجزه عن إخراج لاعبين في المستوى، نظرا للمشاكل الكثيرة الموجودة على الساحة المحلية، وهذا دون نسيان خزينة الدولة الجزائرية التي لا تزال تنزف دما بسبب إنفاقها أموالًا طائلة على أندية لا تحمل من الاحتراف إلّا الاسم.
وفي ظل استمرار هذا المسلسل المغمور بالتلوث البصري في الدوري الجزائري، يبقى المدرب الوحيد سمير زاوي الذي نجا حتى الآن من مقصلة الإقالة.
شريف. م