
حاوره : جطي عبد القادر
- الخط العربي يلقى إنتعاشا وإقبالا عليه لم تشهده الجزائر من قبل وهذا راجع للمجهودات التي يقوم بها الفنانين في نشر ثقافة تعلم الخط العربي وفن الزخرفة الإسلامية، ونتأمل كل الخير مستقبلا إن شاء الله .
فرجاني الجيلالي من الخطاطين المشهورين في تيسمسيلت، سنحت لي فرصة للإلتقاء به لأسلط الضوء وأبحر معه على أحرف الخط العربي، الفنان المبدع يعد شخصية مميزة إتجه لتنمية مهاراته في هواية الخط العربي، يشتغل في ظل ويعمل في هدوء لايبالي بالصعاب، وكان الحوار كالآتي
هل لك أن تحدثنا عن مراحل دراستك لفن الخط العربي مع لمحة موجزة عن حياتك. وأهم المصاعب التي يواجهها دارس الخط بشكل عام ؟
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة و السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد أشكرك على الإستضافة الطيبة في جريدتكم داعيا الله أن يوفقنا جميعا لإثراء هذا الحوار، فرجاني الجيلالي عمري أربعون عاما موظف مشرف للتربية بمتوسطة عماني يحيى بلدية أولاد بسام ولاية تيسمسيلت وطالب بالسنة الثانية ليسانس أدب عربي تخصص نقديات، وهاوي للخط العربي و تحديدا خط الرقعة العثمانية على طريقة شيخ الخطاطين محمد عزت أفندي رحمة الله عليه، بدأت الهواية من وقت طويل محاولة مني لتحسين خطي بالقلم العادي مقلدا الأساتذة والمعلمين منذ مرحلة المتوسط لكن لم أكن ملما بعلم الخط و آلياته وأدواته وبعد إنقطاع لمدة طويلة شاء الله أن أعود مجددا حوالي سنة 2017 للإهتمام بالخط العربي وبوسائل متاحة ثم نصحني أصدقاء ومقربون بأن ألج عالم الخط وأدرس قواعده بدأت بالبحث عن خطاطين عبر وسائل التواصل الإجتماعي ووجدت ترحيبا منهم وأول أدوات إشتريتها كانت عن طريق الخطاط شكال عفاري رضوان وهو من يوفر الأدوات لأغلب الخطاطين والهواة في الجزائر، في هذه المرحلة كنت مقلدا ومحاكيا لبعض الخطاطين إلى أن أعجبت بأسلوب الخطاط عادل مغربي من ولاية الجلفة و لما رأى شغفي وإهتمامي دلني على مجموعة واتساب للخطاط السوري أحمد حسن الآغا يديرها صديقه الخطاط مالك الحموري من الأردن وبدأت بدراسة قواعد الرقعة من الصفر كان هذا قبل عام ونصف تقريبا وهو الحل المتاح لغياب مدارس الخط والخطاطين بالمنطقة عموما، وكانت هذه من المصاعب التي يواجهها طالب الخط أولها عدم وجود أساتذة للخط والمشكل عموما هو بمن تتصل وكيف تبدأ لكن صراحة بمجرد أن تتعرف على خطاطين يسهلون أمامك الصعاب وأحيانا تحصل على بعض الأدوات مجانا، ومقارنة بأسعارها في دول أخرى ستجدها معقولة جدا في الجزائر .
هل من معلم كان بالنسبة لك شرارة حبك لفن “الخط” ؟
كان الإعجاب عموما بالخط العربي وجمال أشكاله الهندسية وتنوعها، وأكثر أسلوب أعجبني هو أسلوب العملاق محمد عزت أفندي ورقعته التركية التي تجسدت في كتابة الأستاذ والصديق عادل مغربي وكل خطاطي الرقعة التركية.
هل كانت هناك علاقة بين موهبتك في الخط والدراسة؟ وهل للمدرسة دور في إكتشاف موهبتك؟
نعم هناك علاقة بين موهبة الخط والدراسة باعتبار أننا مسلمون وعرب والقرآن الكريم نزل بالحروف العربية يجد الإنسان نفسه مطالبا بتحسين خطه وتجويد حروفه حتى تظهر للعين بأبهى حلة وكما يقال جمال الخط يزيد الحق وضوحا وغالبا ما تلفت إنتباهك الكتابات التي تكون بخط مجود وجميل والمدرسة طبعا لها دور فعال في إكتشاف موهبة الخط الجميل عند التلاميذ وهذه أكثر فئة يمكن الإعتماد عليها في حمل لواء الخط والخطاطين والمدرسة لها كل الفضل في إكتشاف كل المواهب.
لو عرفت لنا فن الخط والكتابة في كلمات فماذا تقول؟
نون والقلم وما يسطرون أول ما خلق الله سبحانه وتعالى القلم، والخط فن إسلامي قديم بدأ الإهتمام به مع نزول الوحي على نبي الأمة عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام فاهتم المسلمون به ولا طالما كانت الزخرفة الإسلامية ملازمة له والتاريخ الإسلامي يثبت ذلك، وكما يقال العلم صيد والكتابة قيد فلولا الكتابة ما دونت العلوم بأنواعها وحفظت وأهمها العلوم القرآنية وساهمت أيضا في كتابة وتجويد الحرف القرآني، وهو جزء من تراثنا وهويتها الإسلامية والخط أحد علوم اللغة العربية .
ما هي أفضل الأوقات لك لممارسة موهبة فن الخط ؟
تقريبا ليس لي وقت معين لممارسة هوايتي فكلما وجدت وقتا هممت باستخراج أدواتي و البداية في الكتابة والتدرب على القواعد المهم أن يكون الإنسان متعبا أو قليل التركيز أثناء الكتابة ومن الأحسن أن يخصص زاوية معينة يألفها ويألف تفاصيلها فلا يغير كل مرة مكان الكتابة ومن الأشياء المهمة الهدوء.
كيف يتم إختيار الموضوع الذي تود كتابته؟، وما هي المواد التي تستخدمها لتحقيق ذلك ؟
في غالب الأحيان الموضوع هو الذي يفرض عليك أن تكتبه فأكثر شيء تبدع فيه هو الذي تؤمن به وتتأثر به بعض الكتابات هي التي تختارك، أما عن المواد فتكون حبر ومحبرة وقلم قصب أو قلم معدني وورق أملس هو ورق الكوشي يستعمله الخطاطون في كتاباتهم اليومية، أما الورق المخصص للوحات فيسمى الورق المقهر هو أجود من الأول ويعمر طويلا لسنوات وسنوات لهذا يستعمله الخطاطون ويكون بعدة ألوان حسب الرغبة.
ما هي أنواع الخطوط؟ ولماذا إخترت خط الرقعة ؟
توجد أنواع كثيرة من الخطوط نذكر بعضها خط النسخ المستعمل والموجه خصيصا لكتابة المصحف الشريف وهناك خط الثلث وخط الديواني والرقعة والمغربي والكوفي ….، وبخصوص إختياري للرقعة، ليس صدفة فلقد نصحني به بعض الخطاطين لأنه خط سهل القواعد وغير معقد يبدأ به غالبا كل طالب خط وبعد مدة يمر إن شاء إلى خط آخر.
يستخدم عدد من الفنانين التشكيليين المعاصرين وحدات من الفن الإسلامي أو الخط العربي في أعمالهم الفنية كيف ترى هذا الاستخدام؟
هذا السؤال بالتحديد يجيب عنه أهل الاختصاص والمتمكنين من خطاطين وفنانين تشكيليين لكن ربما أقف كمشاهد أو معجب بمثل هذه اللوحات الحروفية التي تمتزج فيها الألوان مع جمال الحروف وإنحناءاتها وتداخلها بطريقة مبهرة للعين وكل حركة مدروسة سابقا وهذا هو الإبداع أن يمزج الفنان بين الخط العربي والزخرفة والرسم.
ماذا عن رؤيتك لفن الخط؟ وهل له دور في المجتمع؟
بخصوص رؤيتي لفن الخط نتوسم كل الخير ونتأمل كل الخير مادام هناك خطاطون عمالقة يتبنون هذه الرسالة النبيلة والمقدسة ولا يدخرون جهدا في تبليغها للأجيال وإذا ذكرنا فن الخط لا نستطيع أن نتجاوز الخطاطين العظماء وفي هذا السياق وجب علينا ذكر بعضهم مثل مصطفى حليم والعملاق محمد عزت أفندي والخطاط محمد شوقي وحامد الآمدي وسامي أفندي والمدرسة هاشم البغدادي أما خطاطو العصر الحديث نذكر منهم أمير الخط عباس البغدادي و الخطاطة العراقية جنة عدنان عزت و خطاط المصحف الشريف في المدينة المنورة عثمان طه ،أما الخطاطون الجزائريون نبدأ بشيخ الخطاطين وشيخنا الدكتور محمد بن سعيد الشريفي أطال الله عمره وله ستة مصاحف مكتوبة وتلميذه الأستاذ الخطاط شكال عفاري رضوان وهو صاحب متجر يزود الخطاطين و الهواة بمختلف الأدوات التي يحتاجها أي خطاط والخطاط العالمي مولاي عبد الرحيم وأستاذنا الخطاط العالمي أمحمد صفارباتي والخطاط والفنان الأستاذ الطيب العيدي وثلة من الفنانين، وعن سؤالكم هل لفن الخط دور في المجتمع ، أقول في هذا السياق نعم للخط العربي دور فعال في بناء المجتمع وتربية أذواق الناشئة، لأن الخط العربي موجه أولا وأخيرا لكتابة المصحف الشريف ومختلف العلوم القرآنية، ونحن أمة إسلامية وهذه عقيدتنا وهذا تراثنا ولن تقوم لنا قائمة بدونها واليوم نرى حرب على الثقافات فالكل يسعى جاهدا للحفاظ على هويته وعقيدة ويروج لها بطريقته الخاصه، والحمد لله اليوم في الجزائر ثلة من الفنانين والخطاطين يحملون هذه الرسالة وما يقدمه اليوم النادي الجزائري للخط العربي والزخرفة الإسلامية في العاصمة خير دليل على ذلك ويرأسه أستاذنا الشيخ محمد بن ڨانيف وتقام فيه دروس على مدار الأسبوع وتنطلق منه التظاهرات كلما أتيحت الفرصة باجتهادهم الشخصي وتمويلهم الشخصي وتقام فيه أيضا دروس في الزخرفة الإسلامية تحت إشراف الأستاذة أمل ضيف الله، ندعو لهم بالتوفيق والتألق الدائم بحول الله
هل واجهت نقد بخصوص موهبتك؟
بكل صراحة النقد الذي أواجهه كله نقد بناء ومفيد من أساتذتي الكرام الذين أتعامل معهم حاليا أستاذي الفاضل مراد فيالة من ولاية جيجل وأستاذي العزيز مولاي عبد الرحيم من ولاية البويرة.
ما السلبيات والإيجابيات المتعلقة بموهبتك؟
حقيقة لا توجد سلبيات في مجال الخط العربي كله إيجابيات ومحاسن، ولكن وجب أن ننوه لشيء أو نطرح سؤال كيف نرى هذا الفن وماذا بذلنا من أجله؟ وما تقدمه الدولة للخط والخطاطين رغم كل المجهودات والمساعي التي بذلت ولا يستطيع أحد إنكارها ولكن يمكن دائما تقديم الأفضل لهذا الفن المقدس وأهله من إقامة تظاهرات دورية لإبراز المواهب وتحفيز الخطاطين والفنانين للإستمرار في العطاء، فأغلب الولايات لا توجد بها مدارس وورشات لتعليم الخط العربي كلها مساعي فردية يتبناها خطاطون بمجهوداتهم الخاصة، كما ينادي بعض الخطاطين اليوم بإدراج مادة الخط العربي كمادة تدرس للتلاميذ في مختلف المستويات التعليمية ودورات أيضا للأساتذة والمبادرة تبناها الخطاط والفنان العالمي الطيب العيدي، وله خبرة واسعة في المجال و حائز على جوائز وتكريمات دولية، هذا ما ينقصنا اليوم أن لا نجعل الإهتمام بهذه الفنون مناسباتيا ثم يسدل الستار ما نرجوه حقا أن نحتفي به كل وقت لأنه علم وفن وعقيدة ومحور لهويتها وإنتمائنا .
بماذا تبرر الإهتمام المتزايد بالخط العربي هذه الأيام؟
بارك الله فيك، فعلا وبشهادة كبار الخطاطين في الجزائر الخط العربي يلقى إنتعاشا وإقبالا عليه لم تشهده الجزائر من قبل وقد ظهر هذا جليا في المهرجان الوطني للخط العربي والزخرفة الذي أقيم في شهر رمضان بقصر الثقافة مفدي زكرياء وهذا راجع للمجهودات التي يقوم بها الفنانين في نشر ثقافة تعلم الخط العربي وفن الزخرفة الإسلامية مستعملين كل الوسائل من إقامة تظاهرات وورشات ونوادي الخط العربي، ونتأمل كل الخير مستقبلا إن شاء الله .
ما هي أهم الأعمال التي قمت بإنجازها؟ وما هي مشاريعك المستقبلية ؟
حقيقة عهدي حديث بالخط العربي وحاليا في أولى الخطوات لكن تشرفت بالظهور أول مرة مع جمعية تيسمسيلت تقرأ العام الماضي في برنامج جلسة مع مبدع أقيم على هامشها معرض صغير لبعض الأعمال المتواضعة وثاني مشاركة كانت مع جمعية الإبداع والتميز لولاية تيسمسيلت في ملتقاها الأول و شاركت أيضا بعرض بعض اللوحات، وشاركت في المهرجان الوطني للخط العربي والزخرفة في بداية شهر ماي الماضي في الجزائر العاصمة في مسابقة للخط العربي في المهرجان الوطني للخط العربي والزخرفة بالتنسيق مع النادي الجامعي ،wati club نادي واتي للطلبة الجامعيين لجامعة بوزريعة وحصلت على المركز الثاني الحمد لله بلوحة متواضعة، والآن بصدد إنجاز لوحتين إن شاء الله تعالى كما نتمنى أن يكون عاما حافلا بالملتقيات والمعارض ،و أجتهد حاليا لإتقان الرقعة العثمانية بمعية أستاذي الخطاط مراد فيالة، و بدأت من مدة قصيرة بالتعرف على خط جديد مع الأستاذ الخطاط مولاي عبد الرحيم .
كلمة أخيرة تختتم بها الحوار ؟
في كلمة أخيرة أشكرك كثيرا الأستاذ عبد القادر على منحي هذه الفرصة في جريدتكم المتألقة ومنحي هذه المساحة الواسعة للحديث عن فن الخط العربي وإن شاء الله أكون وفقت في ذلك، وأقول أن الخط الجميل يزيد الحق وضوحا، وهذا القول يحمل بين جنباته رسائل سامية وعميقة نرجو أن تتكاتف كل الجهود لتبليغ الرسالة، وأتمنى لكم المزيد من النجاحات والتألق والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .