تكنولوجيا

أصبحت تلعب دورا كبيرا في تشكيل معايير الجمال في المجتمع

كيف تؤثر "وسائل الإعلام" ؟

في عصرنا الحديث، أصبحت “وسائل الإعلام” تلعب دورا كبيرا في تشكيل معايير الجمال في المجتمع. سواء عبر التلفزيون، الأفلام أو منصات التواصل الاجتماعي، فإن الصور التي يتم عرضها تؤثر بشكل كبير على كيفية تقييمنا لأنفسنا وللآخرين.

لكن ما هو تأثير هذه الصور؟ وهل المعايير التي تروج لها واقعية؟

“وسائل الإعلام”: صور غير واقعية وتوقعات غير منطقية

منذ عقود، بدأ الباحثون في دراسة التأثيرات النفسية لوسائل الإعلام على صورة الجسم، وتحديدا على النساء، فغالبا ما تظهر وسائل الإعلام النساء بشكل مثالي: نحيفات وشابات، وعادةً ما يتم تعديل صورهن باستخدام برامج خاصة لجعلهن أقرب إلى الصورة المثالية. وقد أدى هذا إلى معاناة العديد من النساء من مشاعر عدم الرضا عن أجسادهن، لأنهن يشعرن أنهن لا يلبين هذه المعايير الصارمة.

ولكن في الآونة الأخيرة، أظهرت الدراسات أن “وسائل الإعلام” تلعب دورا كبيرا في هذا المجال، بحيث على سبيل المثال، الرجال أيضا يعانون من نفس المشاعر، ففي الماضي، كان الجسم الذكوري المثالي يمثل الرجل الضخم القوي، ولكن في الوقت الحالي، أصبح النموذج المثالي يركز على النحافة والعضلات البارزة. وهذا التغيير في المعايير الجمالية لا يؤثر فقط على النساء، بل على الرجال أيضًا، مما يدفعهم إلى السعي وراء أجسام تشبه ما يرونه في “وسائل الإعلام”.

تأثيرها على تقدير الذات

عندما نعيش في عالم يعرض صورًا غير واقعية للجمال، فإننا غالبًا ما نشعر بالضغط لأننا نعتقد أننا يجب أن نصل إلى هذه المعايير لنكون مقبولين أو محبوبين ونجد “وسائل الإعلام” تقوم بذلك عبر الإعلانات التجارية، والمسلسلات التلفزيونية، وصور المشاهير على منصات التواصل الاجتماعي، بحيث أصبحت تروج لأجسام معينة، وتظهرها كالمعيار الوحيد للجمال. هذه الصور تعزز فكرة أن الجمال مرتبط بشكل الجسم فقط، متجاهلة التنوع الطبيعي الذي يمتاز به البشر.

لكن هذا الترويج للجمال الجسدي من خلال “وسائل الإعلام” لا يخلو من سلبيات، فالكثير من الأشخاص يبدؤون في مقارنة أنفسهم بما يرونه، مما يؤدي إلى تدني الثقة بالنفس والشعور بعدم الرضا. في بعض الأحيان، قد يؤدي هذا إلى مشاكل صحية، مثل اضطرابات الأكل أو الاكتئاب.

“وسائل الإعلام”: بين الجمال الطبيعي والتنوع

لكن، من المهم أن نذكر أن معايير الجمال ليست ثابتة، ولا يجب أن تكون متشابهة للجميع، الجمال هو مفهوم نسبي يختلف من ثقافة إلى أخرى ومن شخص لآخر، فليس من الضروري أن يتوافق الجميع مع المعايير التي تروج لها وسائل الإعلام. في الواقع، الجمال الحقيقي يكمن في قبول أنفسنا كما نحن، مع الاعتراف بجمال التنوع البشري، ولكن “وسائل الإعلام” لها يد أيضا في ذلك.

كيف نحافظ على صورة إيجابية عن أنفسنا رغم “وسائل الإعلام”؟

على الرغم من تأثير وسائل الإعلام، يمكننا الحفاظ على صورة إيجابية عن أجسامنا من خلال التوعية. أولًا، يجب أن نتذكر أن ما نراه على الشاشات ليس هو الواقع، وأن الصور التي تُعرض غالبًا ما تكون معدلة. ثانيًا، من المهم أن نركز على صحتنا وليست فقط ملامحنا الجسدية. ممارسة الرياضة والتغذية الجيدة يجب أن تكون هدفًا لتحسين الصحة العامة، وليس فقط لتحقيق معايير الجمال.

وأخيرًا، من المفيد أن نقارن أنفسنا مع الأشخاص الذين نراهم في حياتنا اليومية، بدلا من محاولة تقليد ما نراه في “وسائل الإعلام”، فالجمال الحقيقي ليس مرتبطًا بشروط معينة، بل ينبع من الثقة بالنفس والقبول الذاتي. إن “وسائل الإعلام” ، رغم تأثيرها الكبير، ليست العامل الوحيد الذي يشكل معايير الجمال، علينا أن نتذكر أن الجمال متعدد ومتغير، وأهم شيء هو أن نحب أنفسنا كما نحن، إذا تمكنا من تجاوز الضغط الذي تفرضه وسائل الإعلام، يمكننا بناء صورة أكثر إيجابية وصحية عن أنفسنا.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى