
في خطوة طبية متقدمة قد تحدث تحولاً في عالم تشخيص أمراض القلب. أعلن باحثون في جامعة كولومبيا الأمريكية عن تطوير أداة ذكاء اصطناعي جديدة. تعرف باسم EchoNext قادرة على تحليل بيانات تخطيط القلب الكهربائي (ECG)التقليدي للكشف عن عيوب بنيوية في القلب. مثل مشاكل الصمامات وسمك العضلات والجدران القلبية، دون الحاجة إلى الفحوصات التصويرية المكلفة.
الفحص المعروف باسم “رسم القلب”، يعتبر منذ عقود وسيلة أولية لفحص النشاط الكهربائي للقلب. لكنه كان يستخدم تقليديًا لرصد اضطرابات النظم القلبي أو احتشاء العضلة القلبية. غير أن هذه الدراسة الجديدة، التي نشرتها مجلة “Nature”. تُبيّن أن الذكاء الاصطناعي قادر على استخراج مؤشرات غير مرئية من هذه البيانات التقليدية، تتيح التنبؤ بوجود عيوب هيكلية تحتاج إلى تدخل مبكر.
EchoNext.. يتفوق على الأطباء في رصد العيوب الخفية
قارن الباحثون بين أداء الأطباء البشريين وأداة EchoNext في قراءة أكثر من 3200 صورة لمخططات كهربية القلب. وأظهرت النتائج أن 13 طبيب قلب تمكنوا من تشخيص مشكلات هيكلية في القلب بنسبة 64 بالمائة. بينما بلغت دقة أداة الذكاء الاصطناعي 77بالمائة. ما يظهر تفوق التقنية الجديدة في رصد العلامات المبكرة لهذه المشكلات. خاصة في الحالات التي لا تظهر فيها أعراض واضحة على المريض.
وأكد الدكتور بيير إلياس، قائد فريق البحث من كلية فاجيلوس للأطباء والجراحين بجامعة كولومبيا. أن الأداة تقدم نموذج فحص جديداً ومختلفاً عمّا اعتاده الأطباء في الماضي. حيث كان من المسلّم به طبياً أن فحص رسم القلب لا يمكن أن يكشف عن أمراض بنيوية. وأضاف إلياس”نعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمنح ECG القدرة على أن يكون وسيلة غربلة دقيقة ومنخفضة التكلفة، تحدد من يحتاج فعلياً إلى إجراء تصوير صدى القلب”.
حل واعد لأزمة صحية عالمية مكلفة
تعد العيوب البنيوية في القلب من أكثر المشاكل شيوعافي العالم. وتؤثر على ما لا يقل عن64 مليون شخص ممن يعانون من قصور القلب. وقرابة 75 مليونايعانون من أمراض صمامات القلب، ويؤدي هذا العبء الصحي إلى تكاليف باهظة على الأنظمة الطبية. إذ تتجاوز كلفة رعاية هذه الحالات100 مليار دولار سنوياً في الولايات المتحدة وحدها.
وما يزيد الأمر تعقيدا، هو أن الكثير من المرضى لا يشخصون إلا في مراحل متقدمة من المرض. بسبب ارتفاع تكلفة الفحوصات الدقيقة مثل التصوير بالموجات فوق الصوتية أو التصوير بالرنين المغناطيسي. لذلك فإن أداة مثلEchoNext، التي تعتمد فقط على رسم القلب المتوفر في جميع العيادات والمراكز الصحية، قد تُحدث فرقاً كبيراً في تحسين الوصول إلى التشخيص والرعاية في جميع أنحاء العالم، خصوصاً في الدول النامية أو المناطق التي تعاني من نقص في الخدمات الطبية التخصصية.
نقلة نوعية في الطب القلبي وتقنيات التشخيص المستقبلية
هذا الاكتشاف يمثل مثالاً على الإمكانات الكبيرة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، ليس فقط لتحسين الكفاءة وتوفير الوقت. بل أيضاً في تعزيز فرص التشخيص المبكر، وتقليل التكاليف، وتوجيه المرضى للفحوصات اللازمة فقط، ما يعزز استخدام الموارد الطبية بشكل أكثر فعالية.
وفي ظل التزايد العالمي في أمراض القلب الناتجة عن نمط الحياة الحديث والشيخوخة السكانية. فإن استخدام أدوات ذكية تعتمد على فحوصات بسيطة قد يشكل حجر أساس للجيل القادم من الرعاية الصحية. ويضع الذكاء الاصطناعي في مقدمة الجهود العالمية للوقاية من الأمراض المزمنة.
هذا التحول قد لا يكون بعيد المنال، خاصة وأنEchoNext متاحة للاستخدام العام. ما يمهد الطريق أمام المؤسسات الطبية لاعتمادها ضمن بروتوكولات الفحص الروتيني. وتوفير فرص حياة أفضل لملايين المرضى حول العالم.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله