تكنولوجيا

رحلة “هبة بوديس” مع الرقمنة

من التعلم الذاتي إلى تصميم حلول مبتكرة

لم تكن “هبة بوديس”، مهندسة الذكاء الاصطناعي ومطورة المواقع الإلكترونية، تتخيل أن حياتها المهنية ستأخذ هذا المسار. منذ طفولتها، كانت تطمح لأن تصبح طبيبة، لكن الحياة أخذتها في اتجاه مغاير تماما نحو التكنولوجيا والعمل الحر.

اليوم، هي واحدة من أبرز الأسماء الشابة في مجال تصميم وتطوير المواقع الإلكترونية في الجزائر، بعد رحلة مليئة بالتعلم الذاتي والإصرار على تحقيق النجاح.

 

البداية… من حلم الطب إلى هندسة الإعلام الآلي

تقول “هبة” عن بداية رحلتها: “كان حلمي الأساسي هو دراسة الطب، لكن قدر الله كان أجمل، والتحقت بتخصص الإعلام الآلي في الجامعة. هناك اكتسبت الأساسيات النظرية التي مكنتني من الدخول إلى عالم البرمجة”، لكن شغف هبة الحقيقي بالتكنولوجيا لم يتوقف عند حدود الجامعة. في عام 2018، أثناء دراستها، بدأت رحلة التعلم الذاتي في مجال البرمجة، تعلمت لغات برمجية متعددة، ما فتح لها أبوابا للعمل أثناء دراستها كمطورة برمجيات في إحدى الشركات الجزائرية.

 

أول مشروع… أول خطوة نحو التخصص

كانت نقطة التحول في مسيرتها المهنية عندما كلفت بتطوير موقع إلكتروني لزبونة إحدى الشركات التي عملت معها. تصف “هبة” التجربة قائلة: “كانت تلك أول مرة أعمل فيها على مشروع حقيقي لتطوير موقع إلكتروني من البداية إلى النهاية. رؤية انبهار الزبونة بالنتيجة كان محفزا كبيرا لي للبحث أكثر والتخصص في تصميم وتطوير المواقع الإلكترونية”.

 

العمل الحر… خيار التوازن والاستقلالية

بعد تخرجها، اختارت “هبة” العمل الحر (الفريلانس) بدلا من الوظائف التقليدية، ترى “هبة” أن هذا الخيار كان الأنسب لها كامرأة تسعى للتوازن بين حياتها الشخصية والمهنية، “من الصعب على المرأة الجمع بين مسؤوليات المنزل والوظيفة التي تتطلب ساعات طويلة خارج البيت. الإرهاق النفسي الذي عشته خلال عملي التقليدي جعلني أبحث عن خيار أكثر مرونة”. العمل الحر، بحسب “هبة”، يوفر حرية اختيار المشاريع، عائدا ماديا أفضل، وأهم من ذلك كله فرصة لتحديد جدول عمل يتماشى مع التزاماتها الشخصية.

 

حلول رقمية مبتكرة… بين الإبداع والالتزام

تميزت “هبة” على مدار السنوات بتقديم حلول رقمية مخصصة تلبي احتياجات العملاء. من بين مشاريعها الرائدة، صممت منصة إلكترونية لشركة جزائرية تعمل في إنتاج المكملات الغذائية.

“لم يكن الهدف مجرد إنشاء موقع إلكتروني، بل تطوير منصة تعزز من تواجد الشركة محلي ودوليا. ساعدت المنصة على فتح فرص تصدير عبر عرض احترافي للمنتجات، وزيادة المبيعات المحلية عبر قناة بيع إلكترونية، وتعزيز الثقة من خلال تقديم محتوى تعريفي ونصائح مرتبطة بمجال الشركة”.

ومن بين المشاريع المميزة أيضا، تبرز منصة “هدهد الأقصى”، التي تعتبرها هبة قريبة إلى قلبها. تقول عنها: “المنصة موجهة لدعم القضية الفلسطينية، وتقدم محتوى تعريفيا وتعليميا. تحتوي المنصة على أقسام مثل ‘منتجات المقاطعة’ و’الحقيقة أو أكذوبة’، وهي محاولة للمساهمة في تصحيح المفاهيم المغلوطة وتعزيز الوعي بالقضية”.

 

الذكاء الاصطناعي… شريك أساسي في تصميم المواقع

إلى جانب البرمجة، تدمج هبة تقنيات الذكاء الاصطناعي في مشاريعها لتحسين تجربة المستخدم. توضح قائلة: “أستخدم أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك الزوار، مما يساعدني على تحسين تصميم المواقع، كما أدمج تقنيات تحسين محركات البحث (SEO) وأدوات مثل الدردشة الآلية (Chatbots) لضمان تجربة مستخدم متفاعلة ومتميزة”.

 

التحديات… طريق مليء بالدروس

لم تكن رحلة “هبة” خالية من التحديات، أحد أكبر العقبات التي واجهتها كان تنظيم الوقت. تقول: “كفريلانسر، من السهل الوقوع في فوضى الوقت، خاصة مع تعدد المشاريع. تعلمت استخدام أدوات إدارة المشاريع لتحديد الأولويات وضمان تسليم المهام في الوقت المحدد”، كما واجهت تحديات تقنية تتعلق بمشاريع معقدة تطلبت حلولا مخصصة. “في بعض الأحيان، يكون على المشروع التوافق مع أنظمة أخرى أو تقديم تجربة مستخدم استثنائية. في هذه الحالات، أركز على فهم احتياجات العميل بشكل دقيق وتطوير حلول تقنية مخصصة”.

 

نظرة للمستقبل… أحلام كبيرة وأهداف طموحة

رغم نجاحها الحالي، تطمح هبة إلى تحقيق المزيد، “أخطط لتأسيس وكالة متخصصة في تصميم وتطوير المواقع الإلكترونية، تجمع فريقا محترفا لتقديم حلول عالية الجودة للشركات المحلية والدولية. كما أطمح إلى دمج المزيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم خدمات أكثر تطورا.”

 

نصائح للراغبين في دخول المجال

توجه هبة نصائحها لكل من يرغب في دخول عالم العمل الحر:

(01)- الانضباط والتعلم المستمر: مواكبة التطورات التقنية والتخصص في مجال معين لزيادة فرص النجاح.

(02)- بناء شبكة علاقات مهنية: سواء عبر الفعاليات أو وسائل التواصل الاجتماعي، العلاقات تلعب دوراً كبيراً في الحصول على المشاريع.

(03)- الصبر والتعلم من الأخطاء: كل تجربة هي درس يسهم في التطور المهني.

 

الجزائر والعمل الرقمي… مستقبل واعد

تختتم “هبة” حديثها بتفاؤل حول مستقبل الرقمنة والعمل الحر في الجزائر. تقول: “مع التحول الرقمي واهتمام الحكومة بهذا المجال، هناك فرص كبيرة للشباب الجزائري. لدينا مواهب تقنية مميزة، وإذا واصلنا العمل بجد، يمكننا تحقيق تقدم كبير”. بهذا الإيمان، تستمر “هبة بوديس” في رحلتها لتحقيق أحلامها، مبرهنة أن الإصرار والعمل الدؤوب هما المفتاح للنجاح في عالم التكنولوجيا. بهذا التعديل، يصل المقال إلى الحجم المناسب لصفحة كاملة مع الحفاظ على التسلسل والجودة الصحفية.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى