
كيف غيّرت السوشيال ميديا نقد المسلسلات الرمضانية ؟
في العقود الماضية، كان النقد الفني محصورا في الصحف والمجلات، حيث كان النقاد المختصون
يكتبون مراجعات تفصيلية عن المسلسلات الرمضانية، معتمدين على معايير فنية مثل الحبكة
الإخراج، الأداء التمثيلي، والتصوير. كان رأي الناقد مؤثرا إلى حد كبير، حيث يتابع الجمهور تحليلاته
لمعرفة مدى جودة المسلسل، وكانت هذه المراجعات تناقش في البرامج التلفزيونية، مما جعل
النقد الفني حكرا على فئة معينة من الصحفيين والمحللين الفنيين.
السوشيال ميديا تغير المعادلة.. الجمهور في مقعد الناقد
مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، لم يعد النقد مقتصرا على المختصين، بل أصبح الجمهور
هو الحكم الأول والأخير. بمجرد عرض الحلقة الأولى من أي مسلسل رمضاني، تبدأ التعليقات
تتدفق على تويتر، فيسبوك، تيك توك، وإنستغرام، حيث يبدي المشاهدون آراءهم بطريقة
مباشرة وسريعة. أصبح من الشائع أن تتصدر مشاهد معينة قائمة الترند خلال دقائق، سواء
بسبب جودتها أو بسبب أخطائها، مما يؤثر على سمعة العمل بشكل فوري.
من التحليل إلى الميمز.. كيف يصنع الجمهور نجاح المسلسل أو فشله؟
لم يعد النقد الفني قائمًا على التحليل العميق كما في السابق، بل أصبح خليطًا من الآراء
العاطفية، الميمز الساخرة، والمقاطع القصيرة التي تنتشر بشكل واسع. بعض المسلسلات
تقيَّم الآن بناء على مدى انتشار مقاطعها على تيك توك، وليس بناء على جودتها الفعلية.
قد يكون مشهد واحد غير موفق كافيًا لتحويل مسلسل إلى مادة للسخرية، بينما قد يرفع
مشهد مؤثر شعبية مسلسل آخر إلى القمة.
هل فقد النقد قيمته أم أصبح أكثر ديمقراطية؟
يرى البعض أن انتقال النقد إلى الجمهور أدى إلى تشويه معايير التقييم الفني، حيث أصبحت
المسلسلات تحكم بناءً على ردود فعل سريعة بدلاً من تحليل شامل للعمل. لكن في المقابل
يرى آخرون أن هذا التغيير جعل النقد أكثر ديمقراطية وانفتاحًا، حيث لم يعد مقتصرًا على نخبة
من النقاد، بل أصبح لكل مشاهد الحق في التعبير عن رأيه والمساهمة في تقييم الدراما
الرمضانية.
بين النقد القديم والجديد.. من يحدد مصير المسلسلات اليوم؟
في النهاية، سواء كان النقد بيد النقاد أو الجمهور، يبقى تأثيره كبيرًا على الدراما الرمضانية.
لكن الفرق اليوم هو أن القرار النهائي أصبح في يد المشاهد العادي، الذي يستطيع بتغريدة
واحدة أو فيديو قصير أن يرفع مسلسلًا إلى القمة أو يسقطه تمامًا. وفي عصر المشاهدات
الرقمية، لم يعد السؤال: “ماذا قال النقاد عن المسلسل؟” بل أصبح: “هل أصبح المسلسل
ترند على السوشيال ميديا؟”.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله