
بدأ الاتحاد الأوروبي بتنفيذ قراره الخاص بحظر أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تشكل “تهديدا غير مقبول”، حيث دخل هذا القرار حيز التنفيذ اعتبارا من 2 فبراير، وهو أول موعد نهائي للامتثال لقانون الذكاء الاصطناعي الجديد الذي أقره البرلمان الأوروبي العام الماضي بعد فترة طويلة من الإعداد والمناقشات.
القانون، الذي بدأ سريانه الرسمي في الأول من أوت، يعد الإطار التنظيمي الأشمل للذكاء الاصطناعي في أوروبا، ويهدف إلى ضبط استخدام هذه التكنولوجيا في مختلف المجالات، من التطبيقات الاستهلاكية إلى البيئات المهنية والعامة.
أنظمة تحت الحظر
يشمل الحظر عددا من التطبيقات التي تعتبر خطرة على الأفراد والمجتمعات، ومنها:
(01)- الذكاء الاصطناعي المستخدم في تصنيف الأفراد اجتماعيًا عبر بناء ملفات تقييمية استنادا إلى سلوكياتهم.
(02)- الأنظمة التي تؤثر بشكل غير واع أو مضلل على قرارات الأشخاص.
(03)- الأنظمة التي تستغل الفئات الهشة مثل الأطفال أو أصحاب الإعاقات أو الأفراد في ظروف اجتماعية صعبة.
(04)- الذكاء الاصطناعي الذي يتنبأ بالمخاطر الإجرامية بناء على السمات الجسدية للأشخاص.
(05)- استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات البيومترية لاستخلاص خصائص شخصية، مثل التوجهات الشخصية.
(06)- الأنظمة التي تقوم بالمراقبة الفورية للبيانات البيومترية في الأماكن العامة لأغراض أمنية.
(06)- أدوات الذكاء الاصطناعي التي تحاول تحليل المشاعر داخل بيئات العمل أو المؤسسات التعليمية.
(07)- إنشاء أو توسيع قواعد بيانات التعرف على الوجه من خلال جمع الصور من الإنترنت أو كاميرات المراقبة.
عقوبات صارمة للمخالفين للأنظمة المحظورة
وفقا للقانون، فإن أي شركة تثبت مشاركتها في تطوير أو استخدام هذه الأنظمة المحظورة داخل دول الاتحاد الأوروبي ستكون عرضة لغرامات مالية كبيرة، بغض النظر عن مكان تواجد مقرها الرئيسي. قد تصل الغرامات إلى 35 مليون يورو أو ما يعادل 7 بالمائة من إجمالي عائدات الشركة السنوية، وفقًا للقيمة الأكبر.
وبحسب روب سومروي، رئيس قسم التكنولوجيا في شركة المحاماة “سلوتر آند ماي”، فإن هذه العقوبات لن تطبق فورا، حيث يتوقع أن يكون الامتثال الكامل للقانون بحلول الموعد النهائي الكبير التالي في أوت المقبل.
التزامات أولية من شركات التكنولوجيا لميثاق “الذكاء الاصطناعي”
في إطار السعي للامتثال للقانون الجديد، وقعت أكثر من 100 شركة تقنية على “ميثاق الذكاء الاصطناعي” الخاص بالاتحاد الأوروبي، وهو تعهد طوعي لتطبيق مبادئ القانون قبل أن يصبح إلزاميا. ومن بين الشركات الموقعة “أمازون”، “غوغل” و”OpenAI”، حيث التزمت بتحديد وتصنيف أنظمة الذكاء الاصطناعي ذات المخاطر العالية وفقًا للوائح الجديدة.
ومع ذلك، امتنعت بعض الشركات الكبرى، مثل “ميتا” و”أبل”، عن التوقيع على هذا الميثاق، إلى جانب شركة “ميسترال” الفرنسية الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، والتي كانت من أبرز المنتقدين للقانون الجديد. ورغم عدم توقيعها، فإن هذه الشركات لا تزال ملزمة قانونيًا بالامتثال للقيود التنظيمية، بما في ذلك الحظر المفروض على الأنظمة الخطرة.
استثناءات محدودة لتقنيات الذكاء الاصطناعي
رغم القيود الصارمة، يتيح القانون بعض الاستثناءات لحالات محددة. على سبيل المثال، يمكن لوكالات إنفاذ القانون استخدام بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي لجمع البيانات البيومترية في الأماكن العامة إذا كان ذلك ضروريا للبحث عن ضحايا عمليات اختطاف أو لمنع تهديد وشيك ومحدد للحياة. ومع ذلك، يتطلب هذا الاستثناء الحصول على موافقة الجهات المختصة.
كما يسمح القانون باستخدام تقنيات تحليل المشاعر في بيئات العمل أو المؤسسات التعليمية لأسباب طبية أو تتعلق بالسلامة، مثل تطبيقات العلاج النفسي أو أنظمة المراقبة الصحية.
نحو مستقبل أكثر تنظيماً للذكاء الاصطناعي
يعد هذا القانون خطوة غير مسبوقة في تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق توازن بين الاستفادة من الابتكارات التقنية وضمان حماية الحقوق الفردية. ومن المتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة تطورات إضافية مع بدء تطبيق القانون بشكل أكثر صرامة، ما قد يؤثر على مشهد الذكاء الاصطناعي عالميًا.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله