الجهوي‎

تيارت.. استقالة مفاجئة لعميد تُربك المشهد الإداري بجامعة “ابن خلدون”

عرف محيط كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة “ابن خلدون” تيارت، خلال الساعات الأخيرة حالة من الجدل والترقب، عقب تأكيد مصادر أكاديمية مطلعة استقالة الأستاذ “ب.م” من مهامه كمكلّف بتسيير شؤون العمادة، وهو المنصب الذي كان قد تسلّمه بشكل مؤقت عقب شغور منصب العميد إثر انتخاب العميد السابق البروفيسور “عليان بوزيان” عضوا في المحكمة الدستورية يوم 7 ديسمبر2024.

 

للعلم،فإن الأستاذ “ب.م” قد تولى مهامه بشكل استعجالي فور مغادرة العميد السابق لمنصبه، في إطار ترتيبات داخلية هدفت إلى ضمان استمرار العمل البيداغوجي والإداري دون انقطاع. لكن، وبحسب المصادر نفسها، جاءت الاستقالة “مفاجِئة” وفي ظرف حساس بالنسبة للكلية التي تستعد لامتحانات السداسي الأول ولعدة تظاهرات علمية .

وفي انتظار الخطوات التي تعتزم مديرية الجامعة اتخاذها لتعويض منصب التسيير المؤقت، خاصة في ظل غياب رؤية واضحة حول الجهة التي ستتولى التسيير خلال الفترة المقبلة، عبّر البعض عن تخوّفهم من أن ينعكس هذا الفراغ الإداري على سير الامتحانات والتظاهرات العلمية.

في المقابل، يرون أنه بات من الضروري التسريع في إجراءات تعيين عميد جديد لتسيير الكلية، وتفادي إطالة أمد الفراغ الإداري.ويرى مراقبون أن هذه الاستقالة قد تكون فرصة لإعادة ترتيب البيت الداخلي للكلية، خاصة وأن كلية الحقوق تُعد من أكبر كليات جامعة ابن خلدون وأكثرها حساسية، من حيث عدد الطلبة والملفات الأكاديمية والنشاطات العلمية .

الاستقالة لم تكن مجرّد خطوة إدارية، بل مؤشر على أزمة بنيوية أعمق في إدارة الجامعة. فالتسيير بالنيابة، قد يصبح قاعدة بدل أن يكون استثناء، ويخلق حالة من عدم الاستقرار، ويدخل المنصب إلى دائرة التجاذبات المهنية والأكاديمية في كلية تُعدّ من بين أكبر الكليات من حيث عدد الطلبة والحساسيات الأكاديمية، كان من الطبيعي أن تكون هذه الاخيرة  فرصة لإعادة قراءة الواقع: هل المشكلة في الأشخاص أم في منظومة التسيير؟

فيما يرى متتبعون آخرون للشأن الجامعي، أنه يستوجب تسييرالكليةوفقمساراترئيسية كتعيين مسؤول جديد بالنيابة،وهو السيناريو الأكثر احتمالاً على المدى القصير. لكنه لا يعالج أصل الإشكال في استمرار التسيير المؤقت ما يعني استمرار نفس العوائق مع غياب المبادرة وتأجيل القرارات الجريئة، وغياب رؤية واضحة للتطوير.

هذا السيناريو قد يشكل نقطة تحول، لكنه مشروط بوضع معايير موضوعية منها الخبرة، الكفاءة، القدرة على إدارة تحديات الكلية، وتنظيم علاقة الإدارة بالأساتذة والطلبة،ومع استمرار الفراغ الإداري وتفاقم الأزمة، وفي حال تأخر اتخاذ القرار، قد تدخل الكلية في فترة اضطراب داخل الأقسام ومصالح الطلبة، خاصة فيما يتعلق بالتسيير البيداغوجي، الامتحانات، ومتابعة ملفات الدراسات العليا.

ومن جهة أخرى، هذه الاستقالة قد تكون فرصة لإعادة تقييم نموذج التسيير الجامعي نفسه، فالانتقال من إدارة مؤقتة إلى أخرى مستقرة لن يتحقق إلا إذا رافقه اعتماد رؤية إصلاحية واضحة ودعم الكفاءات الشابة، والأساتذة الباحثين أو من لهم خبرة في التسيير من مسؤولي في كليات أخرى يحملون نفس التخصص

الكلية اليوم تقف أمام مفترق طريق،فإما أن تتحول الاستقالة إلى بداية إصلاح فعلي، أو تتحول إلى مرحلة أخرى من الفراغ الإداري.وبين هذين المسارين، يبقى السؤال مفتوحاً: هل سنشهد تغيّرا في فلسفة التسيير، أم ستبقى الأمور على حالها؟. فالمستقبل ليس محسوماً بعد، لكنه يتوقف على القرارات القادمة، وعلى مدى قدرة الجامعة في استثمار الأزمة كفرصة لإعادة البناء، قبل فوات الأوان.

ج.غزالي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى