
في الوقت الذي خيّم فيه نوعٌ من الإهمال على مدينة سيدي بلعباس، وابتعد الكثير من أبنائها عن المساهمة الفعلية في تحسين صورتها والاكتفاء بالتعليق على مواقع التواصل الاجتماعي دون تحركٍ أو مبادرةٍ ميدانية، جاءت خطوة مؤسسة “عدل” لتعيد شيئا من الأمل، وتذكّر الجميع بأن الغيرة علىالمدينة لا تكون بالكلام فقط، بل بالفعل والعمل.
لقد اعتاد البعض في السنوات الأخيرة على مشاهدة التدهور في المرافق والواجهات، دون أن يُحرّك فيهم ذلك إحساس الانتماء والمسؤولية، حتى غلب على المدينة الطابع “السوسيال”، وأصبح العيش فيها مجرد إقامة لا ترتقي إلى مستوى التحضّر، رغم أنّ المدينة في معناها الحقيقي تتطلب سلوكا مدنيا راقيا ووعيا جماعيا يحافظ على جمالها ونظافتها.
لكنّ المشهد تغيّر مؤخرًا، عندما أطلقت مؤسسة “عدل” عملية طلاءٍ واسعة لعددٍ من عماراتها في سيدي بلعباس، فكان المشهد مختلفًا ومبهجًا في آنٍ واحد. فقد أضفت الألوان الزاهية حياة جديدة على الجدران، وكأنها تبعث رسالة مفادها أن الجمال يبدأ بخطوة، وأن التغيير ممكن حين تتوفر الإرادة.
هذه المبادرة البسيطة في ظاهرها، العميقة في معناها، أيقظت في قلوب الكثيرين شعور الفخر والاعتزاز، فعبّروا عن فرحتهم واستحسانهم لما قامت به المؤسسة، واعتبروها بادرةً حضارية تعيد للمدينة شيئًا من بريقها الذي غاب لسنوات.ويأمل سكان سيدي بلعباس أن تكون هذه الخطوة نقطة انطلاقٍ لسلسلة من المبادرات المماثلة، لا تقتصر فقط على عمارات “عدل”، بل تمتد لتشمل مختلف الأحياء والسكنات الاجتماعية، في إطار رؤيةٍ مستمرةٍ لتجديد وتحسين المحيط العمراني.
كما دعا كثيرون إلى اعتماد مثل هذه العمليات دورياً كل 5 سنوات على الأقل، حفاظا على المظهر العام للمدينة، لأنّ المدن المتحضّرة هي تلك التي تُحافظ على رونقها وجمالها باستمرار، ولا تترك للإهمال فرصةً ليشوّه ملامحها.
إنّ ما قامت به مؤسسة “عدل” يُعد مثالا يُحتذى به في المسؤولية الاجتماعية، ورسالة إلى كل الهيئات والمؤسسات وحتى المواطنين، بأنّ جمال المدينة مسؤولية مشتركة، وأنّ الوعي الحضاري يبدأ من احترام المكان والعناية به.
فتحي مبسوط



